بعد أيام من فراغه من الإشراف المباشر على موسم الحج بصفته رئيس لجنة الحج العليا، سيكون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، رئيسا لوفد بلاده إلى الجمعية العمومية 71 للأمم المتحدة، في زيارة مهمات متعددة، لا تقف على إلقائه كلمة المملكة في المحفل السنوي للتجمع الدولي الكبير الذي يحضره قادة ورؤساء الأمم المتحدة.
بوصفه رئيسا للجان ومجالس كثيرة، ومنها مجلس الشؤون السياسية والأمنية، كانت رحلاته الخارجية تبرز بقرارات وتفاهمات مشتركة بين الرياض وبلدان أخرى، ولعل زيارته الأخيرة أوائل مارس (آذار) الماضي إلى الجمهورية الفرنسية ولقاءه الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، وجاءت الزيارة في ظل تفاهمات سعودية مع روسيا وتركيا كل على حدة، مناقشا في تلك الزيارة التي حملت دلالات عدة مناقشة لملفات بارزة على خريطة المنطقة منها الأزمة السورية، والملف اللبناني، علاوة على مكافحة الإرهاب التي تعد السعودية رقما مهما فيها في مشاركتها عبر التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، كان الفرنسيون فيها على مستوى الترحيب بالزيارة بمنح الأمير محمد بن نايف وسام «جوقة الشرف».
كذلك زيارة جاءت في ذات الاتجاه قبلها بعام إلى بريطانيا، كانت تصب مباشرة في طرق معالجة التحديات التي تشهدها المنطقة، حيث التقى بعدد من المسؤولين السياسيين والأمنيين في الحكومة البريطانية ومنهم رئيس الحكومة السابق ديفيد كاميرون، ورئيسة الوزراء الحالية تيريزا ماي، إبان توليها حقيبة الداخلية في بريطانيا.
علاوة على هرمه السياسي، يُذكر الأمير محمد بن نايف، فتحضر في الأذهان القطاعات الأمنية وأجهزة مكافحة الإرهاب وقوات الأمن الخاصة وقوات الطوارئ الخاصة، حيث إنه وكل تلك الأجهزة وجهان لعملة الاستقرار المحلي داخل المملكة، بل علمها الأبيض المرفوع المساند للمنتمين لتلك القطاعات، والأحمر المرفوع خارجها ضد الخارجين والمتحركين ضد السلم الوطني.
يرأس الأمير محمد بن نايف كذلك في وظيفة مرفقة مع حقيبة الداخلية؛ لجنة الحج العليا القائمة على التواجد في وجاهة المسؤولية باستعدادات دائمة لضمان سلامة وأمن حجاج مكة، وفي خطواته العاجلة ورغم وجوده الأول في موسم الحج المنصرم فإنه أطلق قوات أمنية جديدة، منها قوات أمن المنشآت والأمن الدبلوماسي، وقوات أخيرة هي قوات أمن الحج والعمرة.
انطلق الأمير محمد كشعاع حاد ومختلف من حضن والده الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز، جاء في العام 1999 إلى وزارة الداخلية كمساعد للشؤون الأمنية، جاء كوالده يحمل الصمت المطبق الكبير، وينطق فعلا فقط، نحو تأسيس مرحلة أمنية جديدة للسعودية، ليصبح المعني بقيادة ملفات الأمن، والأحوال المدنية، والجوازات، إضافة إلى الملفات الكبرى في ثلاث عشرة إمارة محلية معنيا بشؤون المناطق، وهو ما يعطي الأمير محمد صلاحيات واسعة ومسؤوليات في غالب القطاعات، محققا مجالات توسعية على نطاق العمل الإداري المتطور تقنيا.
محمد بن نايف، هو المسؤول الذي حقق قفزات في أجهزة وزارة الداخلية التنظيمية والأمنية، حيث سعى دون إعلان، إلى تحقيق غايات ما زالت تسير في مسارات الإجراءات الحكومية الرتيبة، بوقود من الكفاءات الشبابية السعودية، وتحققت لها المزيد من النجاحات خاصة أنها الوزارة التي تمس الكثير من السعوديين خدميا.
الأمير محمد بن نايف هو صاحب البذرة الصالحة في تعميم الرؤية الإعلامية تلك في تعيين متحدثين للجهات الرسمية، وهو ما تم اعتماده من قبل القيادة السعودية لخلق نافذة تواصل إعلامية مع الجهات الحكومية والكف عن الاجتهادات رغم قصور بعض الجهات في التعامل بقوة المتحدث الأمني لوزارة الداخلية.
فأظهر الأمير وزارته في خريطة الإعلام مع سياق التطورات السريعة سواء لقضايا الموقوفين أو السجناء أو الإنجازات الأمنية المتعددة أو توضيح الموقف وكشفه في أحايين كثيرة ومنها قضايا تجمعات الحقوقيين وأهالي الموقوفين الإلكترونية والواقعية مما جعل الوزارة تسير في منهج إعلامي متطور يضع المسميات الأساسية في سياقها خالقا الرضى بين الإعلاميين والرأي العام إلى حد ما.
من بين شعلة نار الإرهاب ظهر وتسلم الدفة لقيادة مركبة الأمن إلى اجتثاث رؤوس إرهابية في الداخل، بعد تزايد متعاطفي ومندوبي تنظيم «القاعدة» على وجه الخصوص، وحاول ممارسة الدور المختلف بانتهاج مسار الحروب الفكرية المضادة لتغييبه حتى نجح في تقوية جهازه الأمني وضرب خنادق معكري الصفو الأمني الكثيرة الصامتة والمتحركة، وتحقيق الضربات الاستباقية لأي مخطط إرهابي كان في رحم البدء قبل التنفيذ.
حتى ناله من نيران الإرهاب محاولة اغتيال كانت الأقرب، أواخر العام 2009 في محاولة غادرة حاول فيها أحد الإرهابيين استغلال باب الأمير الذي فتحه لإعادة بعض أفرادٍ انجرفوا في سيل أحمر مغرر بهم أو قيادات ما زالت تصدح سوءا للتعبئة والتبعية نحو تحقيق الغايات القتالية في صفوف التمرد الإسلامي على جبهات كثيرة.
تلك المحاولة في 2009 سبقتها ثلاث محاولات كانت تدور حول المكان، كانت الأولى العام 2004 حين تعرض مبنى وزارة الداخلية بالعاصمة الرياض إلى تفجير كان يستهدف الأمير محمد المعلوم عنه تواجده المسائي الطويل في مكتبه.
المحاولة الثانية تكشّفت في العام 2007 بعد إعلان تنظيم القاعدة المتخذ من اليمن اليوم مقرا له، أنه كان ينوي استهداف طائرة الأمير بصواريخ هجومية أثناء وجوده في زيارة للعاصمة اليمنية صنعاء، قبل أن تُفشل قوات الجيش اليمني تلك المهمة بقتل المعدين لتنفيذها.
وتم إفشال المحاولة الثالثة بفعل قوات الأمن السعودي في منطقة جازان الجنوبية والمتربعة سهلا وجبلا على الحدود مع اليمن، حيث دخلت في تبادل ناري مع مطلوبين اثنين كانا مهيأين للزحف إلى جدة حيث يتواجد الأمير محمد، وذلك في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2009 وتم الكشف عن متفجرات كانت معدة لاغتيال الأمير إذ يرونه السبب في زحف التنظيم القاعدي هربا من السعودية.
ويعرف عن الأمير محمد مع حزمه الأمني، جوانبه الإنسانية الكبيرة، مع أسر الشهداء من رجال الأمن وكذلك أسر لم يتحملوا وزر أبنائهم المنتمين للتنظيمات الإرهابية، فأسس مركزا سمي باسمه لـ«المناصحة» ويهدف إلى تصحيح وتوعية أفكار الآلاف من المتعاطفين والمنضمين للتنظيمات الإرهابية. وأطلق مركز المناصحة على مدى ستة أعوام منذ إنشائه 2006 وحتى الآن ما يقرب من 40 دفعة منهم من كان منتميا للتنظيمات الخفية الإرهابية ومنهم العائدون من غوانتانامو ومناطق الصراع الأخرى في دول كثيرة.
محمد بن نايف.. أحد أركان السياسة السعودية وشعاعها الأمني
حازم أمنياً.. وودود إنسانياً

محمد بن نايف.. أحد أركان السياسة السعودية وشعاعها الأمني

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة