الكرملين ينضم إلى الدعوة لنشر الاتفاق.. لكن بعد موافقة واشنطن

الكرملين ينضم إلى الدعوة لنشر الاتفاق.. لكن بعد موافقة واشنطن
TT

الكرملين ينضم إلى الدعوة لنشر الاتفاق.. لكن بعد موافقة واشنطن

الكرملين ينضم إلى الدعوة لنشر الاتفاق.. لكن بعد موافقة واشنطن

لم يخرج وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري عن تقليدهما الذي أصبح معتادا في الآونة الأخيرة، وأجريا محادثات من جديد خلال اتصال هاتفي يوم أمس. وعاد لافروف ودعا خلاله الولايات المتحدة إلى نشر تفاصيل الاتفاق حول سوريا، وطالبها أيضا بتفعيل دورها في مراقبة انتهاكات وقف إطلاق النار. هذا في الوقت الذي انضم بوتين إلى الموضوع ذاته وعرض وجهة نظره حول الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة ترفض الكشف عن تفاصيل الاتفاق. كذلك توقف معاون بوتين عند القضية ذاتها إلا أنه قال إن أجزاء من الاتفاقية لن يكشف عنها، وأبت ماريا زاخاروفا المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية أن تبقى خارج الحدث، فعرضت هي أيضًا رؤيتها للأسباب التي تجعل الولايات المتحدة حريصة على رفض نشر الاتفاق.
وأمس عاد وزيرا الخارجية لافروف وكيري وبحثا سير تنفيذ الاتفاق الأميركي - الروسي في سوريا. وذكرت الخارجية الروسية أن لافروف أبلغ نظيره الأميركي بأن «روسيا، وليس دون صعوبات، لكنها تمكنت من حل تعاون السلطات السورية مع الأمم المتحدة في موضوع توسيع الوصول الإنساني»، داعيا الولايات المتحدة إلى «التصرف بشكل مماثل»، وحث لافروف الولايات المتحدة على ألا يقتصر موقفها على توجيه اتهامات للنظام السوري بأنه ينتهك اتفاق وقف إطلاق النار، بل وأن «تضمن مشاركة العسكريين الأميركيين على أكمل وجه في الآلية التي تم تشكيلها منذ شهر فبراير (شباط) لمراقبة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، والتعامل مع تلك الانتهاكات»، وفق ما جاء في بيان الخارجية الروسية حول المحادثات الهاتفية بين لافروف وكيري. وختم البيان بالإشارة إلى أن «الوزير الروسي اقترح من جديد وبإصرار نشر نص الاتفاق الأميركي - الروسي حول التسوية السورية، بغية تجنب أي تفسيرات خاطئة من جانب المجتمع الدولي لحقيقة الوضع بشأن تنفيذ الاتفاق».
ومن جانبه، انضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم أمس إلى الحديث عن الاتفاق الأميركي - الروسي وأسباب رفض واشنطن نشر تفاصيله. وفي حديث صحافي من بيشكيك أعرب بوتين عن اعتقاده أن الولايات المتحدة لا تريد الكشف عن تفاصيل الاتفاق حول سوريا لأنها «تواجه صعوبات على المحور السوري، ولا تستطيع الفصل بين ما يُسمى (الجزء السليم) من المعارضة، والعناصر الإرهابية نصف الإجرامية» حسب تعبيره. واتهم الرئيس الروسي الولايات المتحدة بأنها لا تقوم بعملية الفصل «لوجود رغبة بالحفاظ على القدرة القتالية في المواجهات مع السلطات الشرعية»، ورأى بالتالي أن «الشركاء الأميركيين يسقطون في الحفرة ذاتها مجددًا». وهو يقصد بذلك أن واشنطن من جديد «تراهن على الإرهابيين»، محذرًا من أن «هذا يشكل مسارا خطيرا لتطور الأحداث».
وبعد تأكيده بأنه روسيا تقوم بتنفيذ التزاماتها، عاد بوتين ليواصل انتقاداته للممارسات الأميركية، ومجددا الحديث حول الفصل بين المعارضة والإرهابيين، ويقول بوتين بهذا الشأن إن ما «ما نراه ليس عملية فصل بين (الجزء السليم) من المعارضة والإرهابيين، وإنما حشد للقوى حول أولئك الإرهابيين، عبر تغيير اسم (الفصيل - المجموعة) باسم آخر، بينما يحافظون على قواتهم كما هي». أما بشأن رفض الكشف عن تفاصيل الاتفاق الأميركي – الروسي، فقد أبدى بوتين عدم تفهمه «لماذا علينا أن نبقي اتفاقيات ما سرية»، لكنه أكد بعد هذه العبارة أن «روسيا بالطبع لن تكشف التفاصيل ما دام لم يوافق الشركاء الأميركيون على ذلك».
أما ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، فقد سخرت من المبررات التي ساقتها الولايات المتحدة بشأن رفضها نشر تفاصيل الاتفاق حول سوريا. وفي تعليق لها في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي أشارت زاخاروفا إلى أن الولايات المتحدة لا تريد نشر نص الاتفاق لأسباب أمنية، متسائلة: «على أمن من يحرص الأميركيون؟ على أمن الجيش السوري؟ بكل تأكيد لا. على أمن الأسد وحكومته؟ طبعا لا. أم على أمن العمال في المجال الإنساني من الأمم المتحدة؟».
وبعد تساؤلات زاخاروفا وإجابتها، قالت بعد ذلك إن «الاتفاق موجه بالمناسبة لضمان أمن موظفي الأمم المتحدة العاملين في المجال الإنساني، ونشره سيشكل ضمانة لأمنهم»، ليستنتج في نهاية المطاف أن الولايات المتحدة تحرص على أمن «المعارضة المعتدلة وتلك الجماعات المسلحة التي لا يجوز وفق الرؤية الأميركية وصفها بأنها مجموعات إرهابية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.