مهرجانات ومؤتمرات لكننا لا نرى طحنًا

مهرجانات ومؤتمرات لكننا لا نرى طحنًا
TT

مهرجانات ومؤتمرات لكننا لا نرى طحنًا

مهرجانات ومؤتمرات لكننا لا نرى طحنًا

كان عندنا يوما ما، في عصر ما يبدو ذهبيا الآن، قياسا بحاضرنا، مجلات خاصة عابرة للوطنية، شكلت وسائل تفاعل حقيقي بين الشعراء والكتاب والمثقفين والنقاد من جهة، وبين هؤلاء والقارئ العربي من جهة أخرى، في زمن كانت اتحادات الكتاب العربية، والمؤسسات الثقافية، الرسمية والخاصة، غائبة، أو في مرحلة التأسيس.
بفضل مجلة مثل «الرسالة» المصرية لصاحبها أحمد حسن الزيات، تأسست عام 1933. تعرف العرب على أول قصيدة حرة تنشر للشاعرة العراقية نازك الملائكة، وهي قصيدة «الكوليرا» 1947، التي أحدثت حينها، بشكلها الجديد، هزة كبرى، وسجالات في كل أنحاء الوطن العربي بين مؤيد ورافض. وبفضل مجلات لبنانية مثل «الآداب» لصاحبها سهيل إدريس، و«الأديب» لألبير أديب، ثم لاحقا مجلة «شعر» ليوسف الخال وزملائه، عرف القراء العرب في مشارقهم ومغاربهم، وفي الوقت نفسه، قصائد الشعراء العراقيين كبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري، وقرأوا للشعراء المصريين كصلاح عبد الصبور وعبد المعطي حجازي، واطلعوا على تجارب الشعراء اللبنانيين والسوريين كتوفيق صايغ وأدونيس وأنسي الحاج ومحمد الماغوط، وتابعوا نتاج الجيل اللاحق لهؤلاء كسعدي يوسف وحسب الشيخ جعفر وأحمد عفيفي مطر. هل كان الشعر الحديث سينتشر، ويحقق ثورته الكبرى، وهل كان القارئ العربي سيسمع حتى بكل هؤلاء الشعراء وتجاربهم الأدبية والجمالية الريادية لولا وجود هذه المجلات القومية؟ نشك بذلك. كانت الموجة الجديدة ستبقى على الأغلب محصورة داخل أسوارها الوطنية، أو في أحسن الأحوال، كانت ستحتاج زمنا طويلا حتى تصل لأطراف أخرى في الساحة الثقافية العربية، كما يحصل الآن للأسف.
من تحت معطف مثل هذه المجلات، انطلقت شهرة كل الشعراء والكتاب الذين نعرفهم الآن لتغطي الوطن العربي كله بلا استثناء.
ولكن الأهم، إنها خلقت تفاعلا حقيقيا بين مبدعي وكتاب ونقاد الوطن العربي آنذاك، مشرقا ومغربا، وأثارت سجالات ثقافية ونقدية دفعت بالحركة الثقافية والأدبية خطوات هائلة للأمام في زمن قياسي، مزودة القارئ، في الوقت نفسه، بثروة معرفية كبيرة عن الاتجاهات والمدارس الفكرية والشعرية والفنية.
ليس الغرض من كلامنا هنا الحديث عن هذه المجلات بذاتها، ولا عن ما قدمته للثقافة العربية عموما، وهو كثير جدا، وإنما عن غيابها، الذي فقدنا معه وسائل تفاعل حقيقي بين المثقفين العرب، لم نجد بديلا عنه لحد الآن، اللهم إلا فعاليات ممكن أن نعتبرها وهمية لأنها بلا نتائج ملموسة، متمثلة بمهرجانات، لا تكاد تتوقف بقوائمها الجاهزة ووجوهها المتكررة، ومؤتمرات نخرج منها كما دخلنا، واتفاقيات ثقافية وأدبية تنتهي بمجرد التوقيع عليها. لقد أخفقت كل هذه الفعاليات القومية، على مدى ثلاثين سنة تقريبا، في تحقيق ما استطاعت أن تحققه ثلاث أو أربع مجلات في الخمسينات والستينات من تفاعل مثمر بين المبدعين والمثقفين العرب، وبجهود شخصية وإمكانات محدودة وكادر قليل جدا، لا يتعدى أربعة أو خمسة أشخاص فاعلين. لقد نجحت بذلك لأنها كانت مؤمنة فعلا برسالتها الثقافية التي أرادت إيصالها للجميع، بعيدا عن الاستعراضات والبهرجات والوجاهات الاجتماعية. وقبل كل شيء، كانت مجلات حرة إلى حد بعيد، قياسا بواقعنا الحالي، منفتحة على الأفكار والاتجاهات الفكرية والجمالية المختلفة، وحتى المتصارعة مع بعضها البعض.
الهدف من أي فعالية ثقافية هو أن تكون، أولا وقبل شيء، وسيلة للتفاعل بين المشتغلين بالشأن الثقافي، وبالتالي المساهمة في تشكيل حركة حقيقية تطرح أسئلتها الحارقة على واقعنا الثقافي والاجتماعي المتخلف، وتقدم اقتراحاتها وتصوراتها حول ما يمكن عمله، وكيفية الخروج من هذا النفق المظلم. غير أن هذا لم يتحقق ولو نسبيا رغم كثرة المهرجانات والمؤتمرات الثقافية التي تعقد سنويا أو دوريا في كثير من البلدان العربية. عدد كبير حقا لم نألفه من قبل. وهو شيء مفرح بالطبع إذا تحقق واقعيا بعض من الأهداف التي تعقد باسمها هذه المؤتمرات والمهرجانات، التي تحولت للأسف - هذا إذا لم نتحدث عن المبالغ الطائلة التي تصرف عليها، والتي تكفي لإنشاء عشرات من مراكز البحث والدراسة - إلى ما يشبه المناسبات الاجتماعية، والكل يعرف هذه الحقيقة، فما ينتهي الصخب الكبير، حتى ننسى كل شيء. لا نريد أن نكون متشائمين، ولكننا لا نعتقد أن وضعنا المضحك المبكي هذا سيتغير قريبا، ما دامت الذهنية نفسها لا تزال تعمل.. وهي نشيطة جدا.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.