بعد توافق على «الخلف» في الرئاسة.. أوزبكستان لا تزال خارج مرحلة الخطر

الحزب الأكبر في البرلمان الأوزبكي يرشح ميرزييوف للمنصب

رئيس الوزراء الأوزبكي شوكت ميرزييوف أمام صورة للرئيس الراحل إسلام كريموف الذي توفي في الثاني من سبتمبر
رئيس الوزراء الأوزبكي شوكت ميرزييوف أمام صورة للرئيس الراحل إسلام كريموف الذي توفي في الثاني من سبتمبر
TT

بعد توافق على «الخلف» في الرئاسة.. أوزبكستان لا تزال خارج مرحلة الخطر

رئيس الوزراء الأوزبكي شوكت ميرزييوف أمام صورة للرئيس الراحل إسلام كريموف الذي توفي في الثاني من سبتمبر
رئيس الوزراء الأوزبكي شوكت ميرزييوف أمام صورة للرئيس الراحل إسلام كريموف الذي توفي في الثاني من سبتمبر

عقد المكتب السياسي لحركة حزب «رجال الأعمال الديمقراطي الليبرالي الأوزبكي»، المسمى اختصارًا حزب «أوزليديب» الأوزبكي «الحاكم» جلسة يوم أمس، أعلن خلالها عن ترشيحه رئيس الوزراء الأوزبكي شوكت ميرزييوف للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في البلاد يوم الرابع من ديسمبر (كانون الأول)، بموجب قرار اللجنة المركزية للانتخابات. وبهذا يتجه رئيس الوزراء الأوزبكي شوكت ميرزييوف لشغل منصب الرئيس الثاني لأوزبكستان، خلفا للرئيس الأول إسلام كريموف الذي وافته المنية في الثاني من سبتمبر (أيلول).
وفي الوقت الذي عبر فيه كثيرون عن مخاوفهم من دخول أوزبكستان مرحلة صراع على السلطة بين مختلف القوى التي خلفها كريموف، بعد ربع قرن من إمساكه زمام الأمور في البلاد بقبضة من حديد، جاء الإعلان عن تعيين ميرزييوف قائما بأعمال الرئيس بقرار من برلمان البلاد يوم الثامن من سبتمبر، ليشكل مؤشرا أوليًا يوحي بتوصل مراكز القوى في البلاد إلى توافق حول شخصية رئيس الوزراء ميرزييوف ليكون «خلف كريموف».
واللافت في الأمر أن البرلمان اتخذ قراره بتعيين رئيس الحكومة قائما بأعمال الرئيس، على الرغم من أن الفقرة 96 من الفصل التاسع عشر في الدستور الأوزبكي تنص على أنه «بحال عدم تمكن الرئيس من تنفيذ واجباته وصلاحياته، يتم نقلها مؤقتا لرئيس البرلمان، مع إجراء انتخابات رئاسية خلال ثلاثة أشهر، بما يتوافق تماما مع قانون انتخاب رئيس الجمهورية في أوزبكستان». ويرى مراقبون في تجاوز البرلمان هذا النص الدستوري، وتعيين شوكت ميرزييوف قائما بأعمال الرئيس، خطوة تدعم وجهة النظر حول «توافق مراكز القوى الأوزبكية على شخصية ميرزييوف خلفا لكريموف».
ويوم أمس، بحث المكتب السياسي لحزب «أوزليديب» مشاركته في الانتخابات الرئاسية التي حددت لجنة الانتخابات الأوزبكية موعدها يوم الرابع من ديسمبر (كانون الأول)، واتخذ قراره بترشيح شوكت ميرزييوف، العضو في المكتب السياسي للحزب، للمشاركة في الانتخابات الرئاسية. وفي خبر رسمي على موقعه يقول حزب «أوزليديب»، إن «ميرزييوف يتمتع بخبرة سنوات طويلة من العمل في موقع المسؤولية في مؤسسات الدولة، فضلا عن الاحترام الكبير لشخصيته بين المواطنين، وأنه أظهر خلال المرحلة الماضية قدرة قيادية عالية وإمكانات إدارية في تجسيده في الحياة العملية إصلاحات واسعة في المجالات السياسي والاقتصادي الاجتماعي». وبناء عليه يرى الحزب أن «شوكت ميرزييوف قادر على ضمان المضي على النهج ذاته، والانتقال إلى مرحلة جديدة بالإصلاحات، بغية تحقيق مزيد من الديمقراطية والليبرالية في شتى مجالات الحياة في البلاد». ومن المقرر أن يتم حسم مسألة ترشيح ميرزييوف للرئاسة عن الحزب خلال المؤتمر العام الذي تمت الدعوة لانعقاده يوم 14 من أكتوبر (تشرين الأول)، وسط توقعات تكاد تكون «يقينًا» بأن يتم اعتماد ميرزييوف مرشحا للرئاسة.
ومعروف عن الشخص الذي سيشغل منصب الرئيس الثاني لأوزبكستان خلفا لكريموف، أن اسمه الكامل شوكت ميرونومفيتش ميرزييوف، من مواليد عام 1957. أنهى تحصيله الجامعي عام 1981، وتخرج في معهد طشقند للري والإصلاح الزراعي. يحمل درجة علمية عالية في العلوم التقنية. عمل باحثا علميا في معهد طشقند للري حتى عام 1992. وفي عام 1990 تم انتخابه عضوا في مجلس السوفيات الأعلى لجمهورية أوزبكستان، وتم انتخابه بعد ذلك عضوا في البرلمان الأوزبكي بعد الانفصال عن الاتحاد السوفياتي. وتدرج من عضوية البرلمان إلى شغل مناصب إدارية حكومية عدة في مختلف أقاليم البلاد، وكان حاكما لمقاطعة سمرقند منذ عام 2001 وحتى عام 2003. حين وافق البرلمان على تعيينه رئيسا للحكومة (رئيسا للوزراء) بموجب ترشيح من الرئيس إسلام كريموف. وفي عام 2004 عندما تأسس حزب «أوزليديب» شغل ميرزييوف موقع عضو في المكتب السياسي للحزب الذي يصفه كثيرون بأنه «الحزب الحاكم».
وكان كثيرون من سياسيين ومحللين قد توقعوا أن يتم اختيار شوكت ميرزييوف، شخصية توافقية لرئاسة البلاد، ومن هؤلاء الرئيس القرغيزي السابق عسكر آكايف الذي قال في حديث صحافي، واصفا ميرزييوف، إن «كريموف كان يتعامل بأسلوب ستاليني في مسألة الكوادر الحكومية. ولم يكن يتجرأ أحد في هرم السلطة على التفكير - مجرد التفكير - بأن يصبح خلفا للرئيس. وعلى رأس تلك السلطة القوية يقف ميرزييوف، ربيب كريموف. ولديه أسلوب متشدد سلطوي مثل أسلوب كريموف». أما الخبير يوري مافشايف المتخصص بشؤون أوزبكستان، فقد رجح في حديث لوكالة «تاس» أن تسعى مراكز القوى الأوزبكية إلى الحفاظ على استقرار البلاد وعدم الذهاب إلى تخريب منظومة السلطة التي تشكلت في عهد كريموف.
ويقول الخبير مافشايف، إن «أحد المشكلات التي قد تواجه أوزبكستان هي عدم توفر شخصية تتمتع بنفوذ كريموف وهيبته لدى الرأي العام، ولا يوجد من يمكنه أن يلعب على الفور دور الأب القائد للأمة كما كان كريموف»، لافتًا إلى أن «كل شيء في أوزبكستان كان قائما على سلطة الشخص الواحد». على الرغم من هذا فإن مافشايف يرى أن رئيس الوزراء الحالي شوكت ميرزييوف مرشح محتمل لخلافة كريموف، ذلك أن رئيس الوزراء «كان من حيث المبدأ الشخص الذي ينفذ سياسات كريموف، وتربطه علاقات طيبة مع قادة المؤسسات الأمنية والعسكرية، بما في ذلك مع روستام إنوياتوف، رئيس الأمن القومي»، حسب قول مافشايف، الذي يردف موضحا: «إن دعم قادة الأجهزة الأمنية ضرورة حيوية لأي شخص ينافس على موقع الرئاسة. ولدى ميرزييوف كل العلاقات الضرورية لذلك».
خارجيا يبدو أن موسكو «راضية تماما» عن ميرزييوف. حيث وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سمرقند يوم السادس من سبتمبر ووضع إكليلا من الزهور على ضريح كريموف، وقدم واجب العزاء لزوجته وابنته، وقال لميرزييوف حينها، إن «الشعب والقيادة الأوزبكيين يمكنهما الاعتماد كليا على روسيا كصديق وفي»، من جانبه أكد ميرزييوف لبوتين أن «روسيا ستبقى لأوزبكستان شريكا استراتيجيا وحليفا»، وسيتم العمل وفق كل ما أسس له كريموف في العلاقات بين البلدين.
وتعتبر أوزبكستان عقدة محورية في منطقة آسيا الوسطى، لا سيما في مكانتها بين الجمهوريات السوفياتية السابقة، وتأثير الوضع فيها في شتى المجالات على الوضع في دول الجوار، نظرا للتداخلات الجغرافية والعرقية في المنطقة، هذا فضلا عن موقعها الاستراتيجي اقتصاديا، حيث تقع بين أفغانستان وكازاخستان وقرغيزيا وطاجيكستان وتركمنستان، ومن المفترض أن يمر عبر الأراضي الأوزبكية الممر الاقتصادي «طريق الحرير» وهو مشروع صيني يرمي إلى تشكيل فضاء اقتصادي أورو - آسيوي موحد. وفي المقومات الأخرى التي تجعل من أوزبكستان تتمتع بأهمية خاصة في المنطقة، ثرواتها الطبيعية مثل الغاز، حيث احتلت المرتبة الحادية عشرة عالميا في إنتاجه عام 2015، فضلا عن القطن، والمعادن بمختلف أنواعها.
وعلى الرغم من كل تلك العناصر، فإن السلطات الأوزبكية لم تتمكن من تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، ما اضطر كثيرين منهم للتوجه إلى روسيا ودول أخرى بحثا عن عمل. وفي مطلع عام 2016 احتلت العمالة المهاجرة الأوزبكية المرتبة الأولى في روسيا، وبلغ عدد الشباب الأوزبكيين الذي قدموا إلى روسيا بحثا عن فرص عمل لتحسين مستوى معيشتهم ومساعدة عائلاتهم في أوزبكستان 1.88 مليون شاب أوزبكي. ويجمع المراقبون على أن تحديات داخلية جمة بانتظار الرئيس الأوزبكي الثاني، إذ يأمل كثيرون في البلاد في أن يتمكن الرئيس الجديد من تنفيذ إصلاحات شاملة في شتى مجالات الحياة في البلاد، وتساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية للبلاد.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».