خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يواجه «خطوطًا حمراء»

قمة التكتل في براتيسلافا تعقد لأول مرة من دون لندن

متظاهرون في لندن من معسكر الخروج يرفعون اليافطات مطالبين بتفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة حالاً (أ.ف.ب)
متظاهرون في لندن من معسكر الخروج يرفعون اليافطات مطالبين بتفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة حالاً (أ.ف.ب)
TT

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يواجه «خطوطًا حمراء»

متظاهرون في لندن من معسكر الخروج يرفعون اليافطات مطالبين بتفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة حالاً (أ.ف.ب)
متظاهرون في لندن من معسكر الخروج يرفعون اليافطات مطالبين بتفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة حالاً (أ.ف.ب)

مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون «صعبة» بسبب «الخطوط الحمراء» المتعددة مثل إصرار الاتحاد الأوروبي على حرية حركة المواطنين شرطا لاستمرار دخول بريطانيا للسوق الأوروبية الموحدة.
ويعتقد المراقبون أن موقف ألمانيا، التي تأتي في المرتبة الأولى اقتصاديا في التكتل الأوروبي، مهم جدا في اتخاذ القرارات حول شكل العلاقة التي تربط الاتحاد ببريطانيا. أما لندن فقد صرحت مرارا أنها لن تفعل المادة 50 من اتفاقية لشبونة التي تحدد آلية خروجها قبل بداية العام المقبل.
رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر دعا بدوره بريطانيا إلى أن تطلب «سريعا» خروجها من الاتحاد الأوروبي «لوقف الشائعات والشكوك»، داعيا إلى «علاقة ودية» في المستقبل مع لندن «لا يمكن أن تكون فيها السوق الداخلية وحرية التنقل خاضعتين للانتقائية»، بمعنى أن بريطانيا لا يمكنها أن تنتقي مكاسب معينة من الاتحاد تقتصر على الأعضاء. قال: «نحترم قرار بريطانيا مع إبداء الأسف في الوقت نفسه، لكن وجود الاتحاد الأوروبي ليس مهددا جراء هذا القرار».
لكن رئيس الاتحاد الأوروبي السابق هيرمان فان رومبوي قال، الخميس، إنه من غير المرجح إجراء مفاوضات جدية بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل الانتخابات العامة الألمانية العام المقبل. وقال لبرنامج توداي بهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «قبل الانتخابات الألمانية وقبل حكومة ألمانية جديدة، أعتقد أنه لن يتم إجراء مفاوضات جدية». وأضاف: «يمكن أن تبدأ دائما بالمسائل الفنية ولكن القضايا الصعبة سوف يتم مناقشتها بعد تشكيل حكومة ألمانية جديدة، وهذا سوف يكون في أكتوبر (تشرين الأول) أو نوفمبر (تشرين الثاني) العام المقبل».
وبحث قادة الاتحاد، باستثناء بريطانيا، مستقبل التكتل، في قمة براتيسلافا عاصمة سلوفاكيا، التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. ولخص دونالد تاسك، رئيس مجلس الاتحاد، أبرز نقاط النقاش في أجندة القمة التي قال عنها إنها تأتي في وقت يشعر فيه الجميع بأنه في هذه الأوقات المضطربة التي تتسم بالصراعات والأزمات لا بد من تأكيد الشعور بالاتحاد أكثر من أي وقت مضى، خصوصا قبل شهور قليلة من الاحتفال بمرور 60 عاما على تأسيس المشروع الأوروبي الوحدوي.
ويستحوذ ملف الهجرة وحماية الحدود على جزء كبير من نقاشات القمة. وقال توسك: «ليس لدينا كثير من الوقت لتضييعه، وسوف تكون براتيسلافا نقطة تحول في مجال حماية الحدود الخارجية ويجب أن نثبت للمواطنين أننا قادرون على حمايتهم وتفادي الفوضى التي حدثت العام الماضي وهذا يتطلب التعاون الكامل بين جميع الحكومات والمؤسسات الأوروبية». ونبّه توسك إلى أن تجاهل العبرة من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون «خطأ قاتلاً» بالنسبة إلى الاتحاد، وكتب توسك في الدعوة التي وجّهها إلى كل من رؤساء الدول والحكومات الـ27 بعد جولة في الأيام الأخيرة شملت كثيرا من العواصم الأوروبية: «سيكون خطأ قاتلاً أن نعتبر أن النتيجة السلبية للاستفتاء في المملكة المتحدة تمثل مشكلة بريطانية تحديدًا».
وأضاف أن تصويت البريطانيين هو «أيضا محاولة يائسة للرد على أسئلة يطرحها ملايين الأوروبيين يوميًا»، مشيرًا إلى «القضايا المتصلة بضمان أمن المواطنين وأراضيهم ومسائل حماية مصالحهم وإرثهم الثقافي وطريقة عيشهم.. إنها قضايا كان ينبغي أن نقدم إجابات في شأنها، حتى لو كانت المملكة المتحدة اختارت البقاء» في الاتحاد.
وتناول رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، ملفات تتعلق بالشباب، ومكافحة الإرهاب، وأزمة اللاجئين، وقال إنه من المهم جدا أن يكون في الأولويات أجندة إيجابية يستطيع الناخب أن يشعر منها أنه عاد من جديد إلى الاتحاد بعد سنوات من المشكلات والخوف بسبب الإرهاب وتدفقات الهجرة واللاجئين، كما أن التعاون والعمل المشترك بين الدول الأعضاء يجب أن تسفر عن مزيد من فرص العمل ومواجهة الفقر، ولهذا يجب مضاعفة فرص العمل بحلول عام 2020 ومن غير المقبول أن تكون أوروبا مكانا للشباب العاطل، ولا بد على الدول الأعضاء أن تكثف من الاستثمار في مشروعات التوظيف.
وردت عليه زعيمة اليمين المتطرف الفرنسية، مارين لوبن، قائلة إنه «لم ير ولم يسمع شيئا عن التطلعات الهائلة للشعوب لاستعادة استقلالها» وهو الرأي الذي شاطرها إياه النائب البريطاني المناهض لأوروبا نايجل فاراج.
كما نددت لوبن «بازدراء» يونكر عمليات الاستفتاء، داعية إياه إلى أن يكون «ديمقراطيا» عبر ترك الشعوب تقرر مصيرها.
وعلى الصعيد الأمني، قال يونكر في خطابه حول حالة الاتحاد إن على «أوروبا أن تثبت نفسها بشكل أكبر. وهذا الأمر ينطبق بشكل خاص على سياستنا الدفاعية».
وكانت قد قالت منسقة السياسة الخارجية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، إن على دول الاتحاد الأوروبي حشد الموارد العسكرية بوصفها سبيلا لإنعاش المشروع الأوروبي، وأعلنت موغيريني أنها ستطرح خطة مفصلة لتحفيز سياسة الأمن والدفاع الأوروبية، ضمن تطبيق ما بات يعرف بالاستراتيجية الشاملة للاتحاد الأوروبي.
وتنتمي 22 دولة من الاتحاد الأوروبي إلى حلف شمال الأطلسي الذي يتخذ من بروكسل مقرا له. يونكر أكد أن طموحات الاتحاد الأوروبي العسكرية لن تؤثر على هذه العلاقة المهمة.
وحسب تقارير إعلامية في بروكسل، عرضت موغيريني مجددًا تفاصيل المعالم الرئيسية لهذه الاستراتيجية خلال لقائها (السنوي) بالدبلوماسيين الأوروبيين العاملين بالخارج، وبالموظفين التابعين لخدمة العمل الخارجي في بروكسل.
يونكر اقترح أن ينشئ مقر قيادة لتنسيق الجهود من أجل تشكيل قوة عسكرية مشتركة، مضيفا: «ليست لدينا هيكلية دائمة، ومن دون هذا الأمر، نحن غير قادرين على العمل بفاعلية، يجب أن ننشئ مقر قيادة أوروبيا».
وأضاف: «يجب أن نعمل على تشكيل قوة عسكرية مشتركة». وتابع أمام النواب: «لم يعد بإمكاننا الاعتماد على قوة كل من الدول الأعضاء، معا يجب أن نتأكد بأننا نحمي مصالحنا». وقال: «هذا الأمر يجب أن يكمل عمل الحلف الأطلسي، تعزيز الدفاع الأوروبي لا يعني التقليل من التضامن بين ضفتي الأطلسي».
في الشق الاقتصادي، اقترح يونكر مضاعفة مدة خطة الاستثمار الأوروبية وقدرتها. وقال: «اليوم نقترح أن نضاعف مدة وقدرة صندوق الاستثمار لدينا» لتصل إلى 630 مليار يورو «ابتداء من العام 2022». وكانت خطة يونكر حددت هدف 315 مليار يورو على ثلاث سنوات عند إطلاقها في العام 2015. ودعا رئيس المفوضية الأوروبية أيضا إلى أن تعطي أوروبا أهمية أكبر للشق الاجتماعي، ووعد بمواصلة مكافحة البطالة. وأعلن أخيرا عن إصلاح في قطاع الاتصالات وبشأن حقوق المؤلفين. وتطرق إلى مشروع جديد موجه نحو الدول النامية، خصوصا الأفريقية للعمل على استئصال أسباب الهجرة من جذورها. وأعلن إطلاق خطة استثمار لأفريقيا تتيح إعطاء آفاق اقتصادية لطالبي الهجرة إلى أوروبا. وأوضح: «نطلق خطة استثمار طموحة» لأفريقيا والدول المجاورة لأوروبا يمكن أن «تجمع 44 مليار يورو من الاستثمارات». وأضاف: «إذا ساهمت فيها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإنها يمكن أن تصل إلى 88 مليار يورو». وتابع أن هذه الخطة الجديدة «ستفتح آفاقا أمام هؤلاء الذين يخططون للقيام برحلة خطيرة أملا في الحصول على حياة أفضل».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».