«الإصلاح» اليمني لـ«الشرق الأوسط»: صححنا «اللبس السياسي» بالبراءة من «الإخوان»

اصطدام الحزب بالربيع والانقلاب أقنعة بقدرة الخليج وحرصه على اليمن

«الإصلاح» اليمني لـ«الشرق الأوسط»: صححنا «اللبس السياسي» بالبراءة من «الإخوان»
TT

«الإصلاح» اليمني لـ«الشرق الأوسط»: صححنا «اللبس السياسي» بالبراءة من «الإخوان»

«الإصلاح» اليمني لـ«الشرق الأوسط»: صححنا «اللبس السياسي» بالبراءة من «الإخوان»

أرجع قيادي بارز بحزب «الإصلاح» اليمني إعلان البراءة من التنظيم الدولي لـ«الإخوان» المسلمين، إلى ما سماه بـ«اللبس السياسي» لبعض القوى السياسية في المنطقة.
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، قال الدكتور محمد السعدي وزير التجارة اليمني الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في حزب الاصلاح إن «البيان جاء لتصحيح هذا اللبس».
في حين قال عبد الوهاب الآنسي الأمين العام لحزب الإصلاح لـ«الشرق الأوسط» إن الإعلان سببه «كثرة اللغط» لدى القوى السياسية، متهما الرئيس السابق علي عبد الله صالح بأنه أول من ربط الحزب بجماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد الوحدة في عام 1990 عندما فتحت التعددية السياسية في البلاد بعد أن كانت مقتصرة على حزب المؤتمر الشعبي العام.
وأعلن الحزب في بيان صدر عن صفحته الرسمية في «فيسبوك»: «عدم وجود أي علاقات تنظيمية أو سياسية تربطه بالتنظيم الدولي لـ(الإخوان) المسلمين، لا سيما أن أولويات (الإصلاح) كحزب سياسي هي أولويات وطنية وكل جهوده تنصَبّ مع شركائه من القوى السياسية اليمنية في إخراج اليمن من محنته الحالية وفي النهوض باليمن من وهدته واستعادة مسيرته السياسية».
ويفتح إعلان الحزب تساؤلات يجري تداولها في الشارع اليمني، إذ شهدت ساحات التواصل الاجتماعي اليومين الماضيين سجالا حول الإعلان، إذ سبق للحزب إعلان عدم انتمائه لـ«الإخوان المسلمين» في عام 2013.
يقول المحلل السياسي اليمني نجيب غلاب الذي ألف كتابا في عام 2010 بعنوان: «الإسلامويات.. اليمن المحاصر بين إخوان القبيلة والقاعدة وأموال الملالي»، إن «الإصلاح كان أكثر تقدما لأنه كان شريكا في النظام، وكان حليفا أساسيا في النظام مع صالح في السلطة المدنية والأمنية، وفتحت للحزب الأبواب بحرية كاملة، وهذا ساهم في جعلهم يفهمون تقنيات السلطة أكثر من غيرهم، وقدرتهم على التعامل مع السياسة أكثر اتزانا وعقلانية من أي تيارات إسلامية أخرى ارتبطت بالإخوان».
«يبدو أن تجربة الربيع العربي التي انخرط فيها الحزب أنجبت صدمة أولى، بعدما ارتبط الحزب بمسارها العام الذي ظهر فيه الإخوان المسلمون، وأوصلت الحزب إلى قناعة مفادها أن القوة تكمن في الدول الوطنية»، بحسب غلاب الذي أضاف أن الانقلاب أنتج للحزب صدمة أخرى: وجدوا أنهم خسروا أغلب قوتهم وتأثيرهم على السلطة، ولم يجدوا طرفا إقليميا أو دوليا أو حركة دينية تساعدهم أو تحميهم.. هذه الصدمة ساعدتهم على تطوير مراجعاتهم السابقة وأصبحوا مقتنعين بالتركيز على الخيار الوطني واعتبارهم حزبا يمنيا ترتبط مصالحهم بشكل عضوي بالمصالح اليمنية وما يحققها، والواقع أثبت أن دول الخليج أكثر قدرة واهتماما باليمن، وبالتالي تطورت رؤيتهم فيما يخص علاقتهم بالخليج، وربطوا مصالحهم ومصالح اليمن بالأمن القومي الخليجي وفق منظور وطني،
وينتقد المحلل السياسي اليمني نهج «الإصلاح» من قبل التعددية، ومن أول تأسيسه، إذ يرى أن الحزب اعتمد على كل أدبيات «الإخوان» في تربية أعضائه وأساليب الكسب الحزبي.
يقول الأمين العام للحزب إن الأدبيات ليست متطابقة: «ولا يشتم منها أي رائحة بأن أدبياتنا هي نفسها أدبيات الإخوان، ولا نسمح لأي أحد بالتدخل في شؤوننا الحزبية، أو التدخل في الشأن اليمني».
وحول ذلك يرد السعدي بالقول: إن الفكر ليس له حدود، وقد نستفيد من أفكار غير الإسلاميين والغرب في كل ما نراه مفيدا، فالفكر ليس له حدود مكانية أو زمانية، وبالعموم، ليس هناك تقيد باتباع جماعة أو تنظيم معين، والموقف السياسي حيال ذلك واضح تماما وهو أن الحزب ليس له علاقة بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
وبعد الإعلان، يبرز تحول في مسار الحزب، ويتمثل في استمرار بعض خلايا «الإصلاح» المنفردة مرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين العالمي، مثل خلاياها الموجودة خارج الخليج، وفقا لغلاب.
وفي رده على سؤال «الشرق الأوسط» عن الأعضاء المرتبطين بالإخوان المسلمين في تركيا ودول أوروبية يقول الدكتور السعدي أمين الحزب المساعد للشؤون السياسية: «لا يوجد انتماء مزدوج، أعضاء إلا صلاح لهم مواقع ووظائف واضحة».
بينما يقول الآنسي «من الصعب تأطير منتمي الحزب خارج اليمن»، مستدركا أن «العلاقة ليست تنظيمية بين حزبين بقدر ما هي ناجمة فقط عن وجودهم في المهجر ببلد واحد».
يعود المحلل غلاب ليقول إن الكتلة الإصلاحية وعيها تشكل داخل الدعوة الإخوانية وتعقيداتها المختلفة، وما زالت مناهج الإخوان متبعة في محاضن الإصلاح التربوية، وحتى طريقتهم في إدارة الصراع بما في ذلك الصراع الحالي. وهذا يحتاج إلى وقت وإرادة حازمة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.