توربين.. ملاكم هبط من القمة إلى القاع في عهد الإمبراطورية البريطانية

انتحر في سن الـ37 بعد أن كتب رسالة وداع أمام زوجته وأطفاله

توربين (يمين) يتلقى لكمة قوية من روبنسون في مباراة فاز فيها توربين ليصبح بطل العالم في سن الـ23
توربين (يمين) يتلقى لكمة قوية من روبنسون في مباراة فاز فيها توربين ليصبح بطل العالم في سن الـ23
TT

توربين.. ملاكم هبط من القمة إلى القاع في عهد الإمبراطورية البريطانية

توربين (يمين) يتلقى لكمة قوية من روبنسون في مباراة فاز فيها توربين ليصبح بطل العالم في سن الـ23
توربين (يمين) يتلقى لكمة قوية من روبنسون في مباراة فاز فيها توربين ليصبح بطل العالم في سن الـ23

أحيت المواجهة بين ابن كازاخستان متوسط الوزن وكيل بروك ذكريات مأساوية لملاكم بريطاني سابق ومواجهته مع شوجار ري روبنسون. حتى أثناء المواجهة اليائسة الأخيرة من جانب كيل بروكس أمام غينادي غولوفكين، مساء السبت الماضي، عندما بدا واضحًا أن جسده المخضب باللون الأحمر بات منهكًا ويترنح إلى الوراء، بدا قادرًا على القيام بخدعة أخيرة، ذلك أنه رغم الصعوبة الكبيرة التي عايشها كي يصل إلى خصمه، نجح بروكس بصورة ما في الوقوف برباطة جأش أمام طلقات المدافع التي انهالت على جسده وعظامه المهشمة.
وجاء صموده هذا ليحيي في الأذهان وصف الكاتب الأميركي إيه. جيه. ليبلينغ للحظات الأخيرة من الهزيمة التي مني بها راندولف توربين على يد شوجار راي روبنسون، أثناء المباراة المعادة بينهما ببطولة العالم للوزن المتوسط منذ 65 عامًا بالضبط. وفي وصفه، قال ليبلينغ إنه في الوقت الذي تلقى توربين «سلسلة من اللكمات الساحقة لم يسبق لي بحياتي أن رأيت ملاكمًا يتلقاها دون أن يسقط»، أطال ليبلينغ النظر إلى «وجهه الحزين.. الشيبه بوجه صبي بالمدرسة عمد إلى تدريب نفسه لفترة طويلة ألا يبكي خلال العقاب، والذي يبدو أن تدرب على هذا الأمر لفترات لا حصر لها». ولا تزال كلماته تحمل حقيقة عالمية باقية لأجيال وأجيال.
كنت أفكر بأمر توربين مؤخرًا، وذلك لأسباب عدة تتجاوز مسألة الذكرى السنوية لمباراة الإعادة التي عقدت بينه وبين روبنسون. وفي الأسبوع الماضي، ألمحت إلى أنه لو تمكن بروك من مفاجأة غولوفكين، فإن ذلك سيغطي على مواجهتهما الأولى منذ 64 يومًا سابقة، على نحو سيذكر الجميع بفوز توربين على أعظم الملاكمين على الإطلاق في وقت كان روبنسون قد خسر مرة واحدة على مدار 132 مواجهة خاضها. ومن الأمور التي أصابتني بالذهول أن توربين، مثلما الحال مع غالبية الشخصيات التاريخية، جرى اختزاله حاليًا إلى حادثة أو حادثتين - في الوقت الذي يستحق عن جدارة قدرًا أكبر من التقدير لكونه واحدًا ممن جسدوا قصص الانتقال من الظل إلى النجومية ثم العودة إلى الظل بعالم الملاكمة.
ولد توربين في أسرة فقيرة بمنطقة ليمنغتون سبا، وتوفي والده، الذي كان ينتمي إلى غيانا البريطانية، قبل أن يتم العام الأول من عمره، مما أجبر الأم على تحمل مسؤولية تنشئة الطفل بمفردها - الأمر الذي زادت صعوبته لأن توربين كان واحدًا من الوجوه السمراء القليلة بالمدينة الإنجليزية خلال عشرينات القرن الماضي. ومع ذلك، تمتع توربين بمواهب رياضية فذة - وبلغ درجة من التفوق الرياضي دفعت مسؤولي مدرسته لمنعه من المشاركة بالملاكمة أثناء اليوم الرياضي بالمدرسة - وأتاحت له هذه المواهب سبيلاً للخروج من قبضة الفقر. وبالفعل، تحول توربين إلى أول ملاكم أسمر البشرة يفوز ببطولة في ظل قواعد «المجلس البريطاني للسيطرة». وشق توربين طريقه عبر مواجهات محلية وأوروبية قبل أن يفوز على روبنسون خلال 15 جولة ليصبح بطل العالم في سن الـ23.
وفي ذلك الوقت، أشاد المعلق الإذاعي الأميركي ستان لوماكس على هذا الإنجاز باعتباره الأضخم من نوعه بعالم الملاكمة منذ خسارة جاك ديمبسي لقب بطل العالم بالوزن الثقيل لصالح جين توني منذ 25 عامًا سابقة. وأقيم لاحقًا احتفال ضخم لتوربين شاركت به طائرة نفاثة مقاتلة واحتشد 20 ألف شخص للغناء تحية له. ومع ذلك، فإن سلسلة من الخطايا المألوفة بعالم الرياضة، منها الدخول في علاقات نسائية كثيرة للغاية والخروج عن قواعد السلوك المنضبط على نحو متزايد، دفعت بتوربين من القمة التي عجز عن الوصول إليها مجددًا طيلة حياته. ورغم أنه ظل جيدًا بما يكفي لأن يضيف لسيرته الذاتية لقب بطل الإمبراطورية البريطانية، فإنه أخفق في الفوز ببطولة العالم مرة أخرى خلال مواجهته مع بوبو أولسون.
بعيدًا عن الحلبة، أصبحت حياة توربين الخاصة أكثر اضطرابًا. وقد اعترف بنفسه بصفع زوجته الأولى «ثلاث أو أربع مرات» لأنها صرخت بوجهه. كما مثل أمام المحكمة بتهمة الاغتصاب والاعتداء في هارلم، لكن نجح نهاية الأمر في التوصل لتسوية. ورغم أنه كسب على مدار مشواره الرياضي 300 ألف جنيه إسترليني، انتهى به الحال مفلسًا ومدينًا. وفي النهاية، انتحر في سن الـ37، بعد أن كتب رسالة وداع أمام زوجته وأطفاله صباح ذلك اليوم. ويشك طبيبه في أن مخه أصيب بضرر بسبب الملاكمة.
المؤكد، أنه كان ملاكمًا قديرًا. وقد خاض جدي الأكبر، جيمي إنغل، تجربة مباشرة مع قوة توربين، ذلك أنه كان ملاكمًا جيدًا بما يكفي ليصبح أول آيرلندي يحمل لقب بطل أوروبا للملاكمين الهواة في سن الـ17. وكان جيدًا بما يكفي أيضًا للتعادل أمام بطل الوزن المتوسط ببريطانيا، إرني رودريك. أما مواجهة توربين، في حضور 10 آلاف شخص في كوفنتري، فكانت أمرًا مختلفًا. وعن اللقاء، كتب جدي لاحقًا: «استمرت المواجهة ثلاث جولات. وبعد ذلك، وجدت صعوبة بالغة في تذكر الدقيقة الأولى للمباراة. ووجه توربين إلي لكمة بيده اليمنى سحقت ذقني وعلى مدار باقي المباراة، كنت أتحرك انطلاقًا من حدسي الداخلي ليس إلا. ولاحقًا أخبرني مدربي أنني سقطت تحت وطأة اللكمات، مما اضطر الحكم في النهاية لإنهاء المباراة عند الجولة الثالثة. لقد كان توربين شبحًا يحمل مطرقة في يده».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».