«مناطق قُصفت، وحارات دُمرت، وبيوت أُسقطت على من يقطنها، جراء قصف النظام لمنطقتنا». بهذه الكلمات وصف الحاج السوري بلال محمد علي كاج، القادم من منطقة تدعى «الكلاسة» الأوضاع المأساوية التي يعيشها أبناء حلب. وأكمل كاج (38 عامًا) حديثه لـ«الشرق الأوسط» من المخيم الذي يقيم فيه مع البعثة السورية بمشعر منى أمس، بقوله: «الأمر بات أشبه بالمحرقة، فالأشلاء متناثرة في كل مكان، البيوت مدمرة، الحارات خاوية بعد مغادرة معظم السكان البلاد».
وأوضح بلال الذي كان عائدًا للتو من رمي الجمرات في أول أيام التشريق، أنه ينتمي لـ«جيش الإسلام» الذي التحق به بعد أن ترك عمله في مجال الخياطة والنسيج حيث كان يمتلك معملاً صغيرًا بحسب قوله، مؤكدًا أن النظام في بلاده لا شرعية له، بعد قتله كل هذه الأعداد من النساء والأطفال والشيوخ وتشريدهم.
وأضاف: «إذا كان الرئيس صاحب شرعية، فمسؤوليته أن يعالج مشكلات شعبه وليس أن يقصفهم ويقتلهم بإحضار ميليشيات من خارج البلاد للقضاء على شعبه»، مبينًا أنهم في الجبهات قاموا بأسر عدد من الأشخاص بعد مواجهات، ليكتشفوا أنهم مرتزقة من خارج سوريا وبعضهم لا يتحدث اللغة العربية.
وبيّن بلال كاج أن الثورة السورية قامت ضد نظام فاسد، وقال: «يريد منا بيع ديننا ونسيان أوطاننا، النظام يعيش على الفساد والرشاوى، ويجلبون ميليشيات مرتزقة لقتل الشعب ويضعونهم أمام أي مكان مدني يريدون دخوله».
من جانبها، تقول الحاجة السورية شاها الأحمد (60 عامًا)، إحدى سكان جنوب حلب، إنها خرجت من بلادها من خلال الاستعانة بالمهربين، بعد أن استصعب عليها الخروج بالسبل الرسمية لوجود عدد من النقاط والحواجز على الطريق وعدم السماح لهم بالمرور، مشيرة إلى أن وضع بلادها بات مأساويًا، سائلة الله أن يتعدل الحال في وطنها.
وحكت قائلة إن الرحلة صعبة وشاقة، لكنها تستدرك بأن الظفر برحلة العمر، كما سمتها، يستحق أكثر من هذا العناء، مضيفة أنها كررت الدعاء الدائم بأن يعجل الله بنصر سوريا وعودتها إلى أهلها. وعن صعوبات الفرار التي واجهها السوريون، عندما قرروا أداء فريضة الحج، قال الحاج بلال كاج إن أهمها كيفية خروجه من محافظة حلب إلى المناطق المحررة والمغادرة إلى تركيا، قبل التوجه إلى السعودية، كاشفًا أنه حاول أكثر من أربع مرات الخروج من موقعه إلى منطقة آمنة، إلى أن تمكن من ذلك في اليوم الخامس.
وخلال رحلته للخروج من سوريا، سار بلال على طرق مزروعة بالألغام، ومناطق مليئة بالآليات العسكرية الثقيلة، إلى جانب قصف الطيران الهستيري ووجود قناصين يستهدفون أي عابر أمامهم على طريق العامرية المؤدي إلى الغاموسة.
وعن طريقة خروجه من حلب يقول: «خرجت في اليوم الخامس بعد محاولات عدة فاشلة، بعد أن أديت صلاة الفجر لأقوم بمرحلة التسلل حتى وصلت لمنطقة تبعد قرابة 600 متر، إلا أني قضيت بها 4 ساعات لخطورة وصعوبة التنقل».
الخياط المقاتل قال إن خطواته كانت محسوبة لتجنب قناصي النظام، وطيرانه الذي يجوب السماء من فوقه، على طول الطريق بين العامرية والغاموسة والمدفعية والكلية الفنية، باعتباره الطريق الوحيد الذي يخرجه لمنطقة خان طومان قبل أن تحضر سيارة لتقله إلى منطقة الخطر الأخف، وتتوجه به إلى ريف المهندسين، ثم إلى تركيا ومنها إلى السعودية بعد رحلة طويلة دامت 8 أيام، وحتى بلوغه المملكة.
قبل الوصول إلى مكة.. سوريون هربوا لتأدية الحج متجاوزين ألغام النظام وجرائمه
استعانوا بالمهربين للخروج من حلب
قبل الوصول إلى مكة.. سوريون هربوا لتأدية الحج متجاوزين ألغام النظام وجرائمه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة