البنتاغون يستعد بحذر للتعاون مع الخصم الروسي في سوريا

مسؤول أميركي: صمود الهدنة 7 أيام لا يعني بدء التعاون تلقائيًا

طريق الكاستيلو الذي انتشرت فيه قوات عسكرية روسية أمس لتسهيل توصيل المواد الإغاثية  للمناطق المحاصرة شرق حلب (سبوتنيك)
طريق الكاستيلو الذي انتشرت فيه قوات عسكرية روسية أمس لتسهيل توصيل المواد الإغاثية للمناطق المحاصرة شرق حلب (سبوتنيك)
TT

البنتاغون يستعد بحذر للتعاون مع الخصم الروسي في سوريا

طريق الكاستيلو الذي انتشرت فيه قوات عسكرية روسية أمس لتسهيل توصيل المواد الإغاثية  للمناطق المحاصرة شرق حلب (سبوتنيك)
طريق الكاستيلو الذي انتشرت فيه قوات عسكرية روسية أمس لتسهيل توصيل المواد الإغاثية للمناطق المحاصرة شرق حلب (سبوتنيك)

تستعد وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لبدء تعاون غير معهود مع الخصم الروسي في سوريا في حال صمدت الهدنة المعلنة في هذا البلد الذي يشهد حربا منذ خمس سنوات.
وبدأ تطبيق الهدنة عند الساعة 19.00 مساء الاثنين أول أيام عيد الأضحى، بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي في جنيف بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف. وفي حال صمدت الهدنة لمدة أسبوع، ستوافق القوات الأميركية على التعاون مع الجيش الروسي في سوريا.
وكرر كيري مساء أول من أمس: «نعتقد أن الحل الواقعي والممكن الوحيد للنزاع هو حل سياسي في نهاية المطاف»، معتبرا أنه «من المبكر جدا الخروج بخلاصات» حول الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ قبل ساعات.
وأوضح مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أن «الجميع مستعدون لتطبيق الاتفاق بسرعة إذا تجاوز العتبة (الأسبوع)، لكننا مستعدون أيضا للتراجع عنه إذا لم تصمد الهدنة». وأضاف أن «هناك خططا كثيرة لكن لم ننتقل للتنفيذ بعد». إلا أن مسؤولا ثانيا في البنتاغون، قال إنه حتى إذا صمدت الهدنة لسبعة أيام فإن ذلك لا يعني بدء التعاون بشكل تلقائي. وقال إن «المهل قصيرة لكن الريبة كبيرة».
وطلب كل المسؤولين والخبراء في البنتاغون وخارجه الذين اتصلت بهم وكالة الصحافة الفرنسية حول التعاون العسكري بين واشنطن وموسكو عدم ذكر هوياتهم.
وفي الوقت الحالي، سيقوم التعاون الأول على إقامة «مركز مشترك» لتقاسم المعلومات حول المواقع التي يمكن استهدافها. وسيكون مقر هذا المركز في جنيف، وسيحرص الأميركيون على عدم اطلاع الروس على مصادر معلوماتهم حول الأهداف المحتملة.
ولن يتم في مرحلة أولى على الأقل شن غارات جوية مشتركة بين طيارين روس وأميركيين، إذ سيقتصر تبادل المعلومات على تقاسم لوائح الأهداف، بحسب المسؤولين الذين اتصلت بهم «الصحافة الفرنسية».
وتنص الهدنة على أن يمتنع النظام السوري عن الأعمال القتالية في المناطق التي توجد فيها المعارضة «المعتدلة» مما يعني أن «جبهة فتح الشام» أو «جبهة النصرة» سابقا و«داعش» لا تشملهم الهدنة.
وأكد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية: «ليس لدي أسباب للتفاؤل إزاء صمود الهدنة، لكن في حال حصل ذلك، علينا العمل على أن يتم ذلك بأفضل شكل ممكن»، في إشارة إلى التعاون مع روسيا.
وبدأت روسيا تدخلها العسكري في النزاع السوري في 2015 بشن غارات لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد. في الوقت نفسه، تقود الولايات المتحدة تحالفا من ستين دولة يستهدف مقاتلي «داعش» في سوريا والعراق منذ عامين.
ولتفادي تحول أي حادث أو تصادم بين المقاتلات الأميركية والروسية، أعد البلدان مذكرات تتضمن الإجراءات اللازمة التي يجب الالتزام بها. إلا أن الاتفاق الجديد يفترض أن يؤدي إلى تعاون أوثق. فالجانبان لم يتقاسما أبدا أي معلومات حول أهدافهما.
ويشير المسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية إلى عدم وجود أي سابقة لتعاون مشابه منذ مطلع القرن الحالي. ولا يشعر عدد كبير من هؤلاء المسؤولين بالارتياح إزاء فكرة العمل مع روسيا التي يرون أن تصريحاتها لا تتطابق مع أفعالها على الأرض.
وقال مسؤول آخر إن «الوقائع تتكلم عن نفسها»، مضيفا: «سنعلم عاجلا بشكل أو بآخر هل سيلتزمون بالهدنة أم لا. وسنرد بناء على ذلك».
ويخشى المسؤولون في البنتاغون خصوصا، أن تستخدم روسيا «قنابل غير ذكية» أي غير مسيرة وأهدافها عشوائية توقع الكثير من الضحايا بين المدنيين، في غاراتها في سوريا. وصرح مسؤول آخر في وزارة الدفاع الأميركية بأن «تفادي وقوع ضحايا بين المدنيين يجب أن يكون أولوية» لأي تعاون عسكري.
ويبدو وزير الدفاع أشتون كارتر حذرا. فقد أعرب قبل إعلان التوصل إلى الاتفاق مع روسيا الأسبوع الماضي عن الأسف «للمساعي الواضحة من أجل تقويض مبادئ النظام العالمي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».