لافروف ينتقد التشكيك الأميركي ويطالب بالكشف عن تفاصيل الاتفاق بينهما

روسيا حريصة على إطلاق اتفاق يؤسس لـ«شراكة بين القوتين»

لافروف ينتقد التشكيك الأميركي ويطالب بالكشف عن تفاصيل الاتفاق بينهما
TT

لافروف ينتقد التشكيك الأميركي ويطالب بالكشف عن تفاصيل الاتفاق بينهما

لافروف ينتقد التشكيك الأميركي ويطالب بالكشف عن تفاصيل الاتفاق بينهما

دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة إلى الكشف عن تفاصيل الاتفاق حول سوريا للرأي العام الدولي، وتحويل الاتفاق إلى مجلس الأمن الدولي كي يصدر على شكل قرار عن المجلس.
وجاء كلام الوزير الروسي بهذا الصدد في سياق رده الغاضب على تصريحات جوش أرنست المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، والتي قال فيها إن الولايات المتحدة ليس واثقة بأن روسيا ستلتزم بتنفيذ شروط الاتفاق الأميركي - الروسي حول سوريا كما جاءت في نص الاتفاق. وخلال مؤتمر صحافي مشترك في موسكو يوم أمس مع وزير خارجية لوكسمبورغ، قال لافروف إنه اقترح على الولايات المتحدة «نشر نص الاتفاق وعدم الإبقاء عليه سريا كما تريد واشنطن»، وذلك «كي لا تتولد أي شكوك بشأن كيف سننفذ الاتفاق بصيغته التي تم التوقيع عليها»، حسب لافروف الذي وعد بأن تعمل روسيا على نشر ذلك الاتفاق واقترح «الموافقة عليه بقرار من مجلس الأمن الدولي دون إدخال أي تعديلات عليه».
بالمقابل اتهم لافروف أطرافا فاعلة في العمليات الجارية في الشرق الأوسط بأنها «تنظر إلى (جبهة النصرة) على اعتبارها قوة يجب الحفاظ عليها ليتم استخدامها في تغيير نظام الحكم السوري»، حسب قول وزير الخارجية الروسي الذي بدا واضحا أنه يحاول الفصل بين موقفي وزارة الخارجية ووزارة الدفاع الأميركيتين، حين شدد على أنه وجه لنظيره الأميركي جون كيري سؤالا حول هذا الموضوع، مؤكدًا أن «كيري نفى بالمطلق وجود خطط أميركية لرعاية النصرة، أو تجنيبها الضربات الجوية الأميركية وضربات التحالف الدولي ضد الإرهاب». وإذ شدد لافروف على أنه لا يملك ما يدفعه للتشكيك بكلام نظيره الأميركي، فقد أشار في الوقت ذاته إلى أن «قوات التحالف تتعامل مع مواقع جبهة النصرة بتردد (عدم رغبة)»، مرجحا أن «أولئك المسؤولين في واشنطن عن الشق العسكري من تلك العمليات يمكنهم تقديم معلومات ما بهذا الصدد»، في إشارة منه إلى موقف البنتاغون الذي أعرب حتى اللحظة الأخيرة عن معارضته الاتفاق الأميركي مع روسيا للعمل المشترك في سوريا.
في سياق متصل عاد وزير الخارجية الروسي ووجه انتقادات للولايات المتحدة بشأن عجزها طيلة 12 شهرا عن الفصل بين «جبهة النصرة» وفصائل المعارضة، محذرا من أنه عوضا عن ذلك «هناك أصوات تدعو إلى عدم الفصل بين الطرفين حاليا، وشرعنة جبهة النصرة، بل وحتى ضم مجموعات جديدة إليها لتشكيل قوة عسكرية فاعلة على الأرض للتصدي للجيش السوري»، حسب قول لافروف الذي شدد في ختام حديثه على أن «كل هذه القضايا تتطلب حديثا صريحا للغاية».
في غضون ذلك لم تكن سوريا بعيدة عن خلافات بين وزارتي الدفاع الأميركية والروسية، ولا عن الخطاب الروسي بشأن بنية النظام العالمي وضرورة بناء عالم متعدد الأقطاب. إذ يرى مراقبون أن روسيا كانت حريصة بالفعل على التوصل «لأي اتفاق يضمن أي شكل من التعاون» مع الولايات المتحدة في سوريا، يكون خطوة تمهيدية أولى لإطلاق «شراكة بين القوتين الدوليتين» للوصول لاحقا إلى شراكة تضمن مكانة لروسيا بصفتها أحد قطبي السياسة الدولية بإقرار أميركي. وقد يكون للاتفاق الأميركي - الروسي حول سوريا تأثيره في هذا المجال، لا سيما أنه الاتفاق الأول من نوعه في تاريخ العلاقات بين البلدين، الذي يطلق بينهما تعاونا عسكريا على هذا المستوى، ووفق تلك الصيغة التي نص عليها الاتفاق.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد وجه انتقادات للسياسات الأميركية، وذلك ردا منه على تصريحات وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر التي اتهم فيها روسيا بأنها «تقوض أسس النظام العالمي»، وقال شويغو بهذا الصدد إن «الحفاظ على النظام العالمي حق طبيعي للمجتمع الدولي بأسره، وليس حكرا على البنتاغون»، مشددا على أن «روسيا تقف دوما مع الحفاظ على بنية نظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب لمصلحة جميع الدول وليس لمصلحة مجموعة دول ما، أو لمصلحة دولة واحدة» في إشارة منه إلى تفرد الولايات المتحدة بالسياسة الدولية وسعيها للحفاظ على موقعها بوصفها قوة عالمية وحيدة. وحرص شويغو على الإشارة إلى الاتفاق بين موسكو وواشنطن كمثال على إمكانية التعاون بين البلدين، ونتائج مثل ذلك التعاون، حين أعرب عن يقينه بأنه «كلما فهم الزملاء الأميركيون هذه الحقيقة بسرعة وبدأوا يتغيرون، سيتم حل كل الخلافات المتراكمة بصورة أسرع، وليس في سوريا وحدها».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».