الحوسبة السحابية المفتوحة أساس لمستقبل المدن الذكية

معالجات متخصصة بـ«إنترنت الأشياء» ونظم تحليلية لرفع مستويات الأمان

إحدى المدن الذكية في ألمانيا (رويترز)
إحدى المدن الذكية في ألمانيا (رويترز)
TT

الحوسبة السحابية المفتوحة أساس لمستقبل المدن الذكية

إحدى المدن الذكية في ألمانيا (رويترز)
إحدى المدن الذكية في ألمانيا (رويترز)

يشهد العالم تحولاً كبيرًا في السنوات الماضية من ناحية تبني حلول تقنية مختلفة ومبتكرة، حيث تعمل الحكومات من خلال تطوير الاستراتيجيات على الارتقاء بمستوى حياة مواطنيها عن طريق التحول إلى المدن الذكية، والاستثمار في تقنية المعلومات والاتصالات والتحول الرقمي، نحو تبني الخدمات السحابية. ويحتاج المستخدمون لوجود اتصال لاسلكي بالإنترنت بسرعات عالية تجعل عملية إرسال البيانات إلى الإنترنت ومعالجتها سحابيا وعرض النتائج على جهاز المستخدم تبدو وكأنها عملية فورية، وذلك لإيجاد تجارب مفيدة للمستخدمين في جميع المجالات الحياتية اليومية.
* نزعات الحوسبة السحابية
ويحتاج إلى تحول المجتمعات نحو الخدمات الذكية إلى تطوير البنية التحتية التقنية بشكل جوهري لتشمل جميع جوانب الخدمات، مثل الرعاية الصحية والتعليم والنقل والطاقة والقطاع المالي. ولهذا السبب، يجب تطوير برمجيات متقدمة لخدمة الكم الهائل من المعلومات التي يتم معالجتها سحابيا، مع تطوير واجهة برمجية Application Programming Interface يستطيع أي شخص استخدامها للاستفادة من قدرات الحوسبة المهولة التي توفرها الأجهزة الخادمة عبر الإنترنت.
وستصل الشبكات اللاسلكية كل شيء ببعضه، وستكون الشبكات السحابية مصدر ذكاء التقنيات في المستقبل القريب، ويجب أن تركز الخدمات السحابية على تطوير تجارب الأفراد أكثر من الشركات، ذلك أنها ستصلهم بالأجهزة الخادمة التي تفتح آفاق الذكاء الصناعي لجميع تطبيقاتهم المقبلة وبكل سهولة، ويجب أن تكون البنية التحتية مفتوحة لجميع المطورين لضمان انتشارها.
وتوقع كين هو، الرئيس التنفيذي لشركة «هواوي»، خلال مؤتمر «هواوي كونيكت 2016»، تحت عنوان «تشكيل السحابة» الذي انتهت فعالياته الأسبوع الماضي، أن نشهد انطلاق الجيل الثاني للحوسبة السحابية خلال الأعوام العشرة المقبلة، التي ستقدم الأدوات السلسة لجميع المطورين لتبني هذه التقنية في برامجهم وتطبيقاتهم التي تستهدف الأفراد.
ويرى أنه وبحلول عام 2025، ستكون جميع الحلول التقنية للمؤسسات مبنية على تقنية الحوسبة السحابية، وأن أكثر من 85 في المائة من تطبيقات الأعمال ستكون مبنية على هذه التقنية أيضا. واستعرض خبراء عالميون أحدث التوجهات الحالية في عالم الحوسبة السحابية وكيفية إحداث التحول الرقمي في مختلف القطاعات.
وأكد هو أن الشركة قد خصصت نحو مليار دولار لجمع مليون مطور لمنصة الحوسبة السحابية المفتوحة خلال السنوات الخمس المقبلة، الأمر الذي يعني زيادة زخم هذا التوجه العالمي بشكل كبير، والحصول على تطبيقات مبتكرة تساعد الجميع على تطوير تجاربهم اليومية.
وأسست الشركة كذلك تحالفا يضم كبرى شركات التقنية في العالم، يهدف إلى توفير تكامل سلس للتقنيات مع الحوسبة السحابية، يضم «إنتيل» Intel، و«لينوكس فاونديشن» Linux Foundation، و«أكسنتر» Accenture، و«تيانزي بيودايفرستي آند ديفلوبمنت سنتر»TianZi Biodiversity & Development Center، و«هيكساغون» Hexagon، و«سيمنز» Siemens، و«جنرال إليكتريك» General Electric، و«هونيويل» Honeywell، و«إنفوسيس» Infosys، و«تي سيتيمز» T - Systems، و«إس إيه بي» SAP، بالإضافة إلى تطوير معالج متخصص بتقنية «إنترنت الأشياء» Internet of Things IoT، وهي تقنية تتواصل فيها الأجهزة المختلفة مع بعضها البعض ومع الكومبيوترات الشخصية والخادمة من تلقاء نفسها دون تدخل المستخدم، وذلك لتطوير تجربة الاستخدام وتقديم مزايا ووظائف جديدة، وكذلك منصة للمنازل الذكية وغيرها.
ومن شأن تطبيقات المستقبل القريب تحويل الأجهزة إلى مجرد بوابة تمرر البيانات إلى السحابة، مستخدمة واجهات برمجية مفتوحة للجميع، الأمر الذي يعني أن معالجة البيانات لن تكون في جهاز المستخدم، بل تتم على أجهزة متخصصة عالية الأداء. هذا الأمر يعني عدم حاجة المستخدم لاقتناء أجهزة عالية الأداء، وبالتالي إطلاق أجهزة منخفضة التكلفة تعالج البيانات الضخمة عبر الإنترنت، لتصل تلك الخدمات التي تشمل جميع مجالات الحياة إلى جميع أطياف المجتمعات النامية ورفع جودة حياتهم اليومية، خصوصًا فيما يتعلق بالصحة والتعليم.
* القطاع الصناعي أيضًا
وبالنسبة لتقنية «إنترنت الأشياء» الصناعية، فيتوقع المحللون أن تصل قيمة هذا القطاع بحلول العام 2020 إلى نحو 151 مليار دولار، الأمر الذي يدل على أهميته الكبرى والتبني المتسارع لهذه التقنية في قطاع الصناعات المختلفة. ومن الأمثلة على ذلك تبني شركة «شندلر» للمصاعد لتقنية «إنترنت الأشياء»، بحيث تقوم مستشعرات خاصة بإرسال بيانات عن أكثر من مليون مصعد إلى أجهزة خادمة سحابية لمحاكاة عمل المصاعد واستباق اكتشاف المشكلات في المصاعد، والإبلاغ عن احتمال اقترابها إلى بقية المصاعد حول العالم، وذلك لرفع مستويات أمان الركاب وخفض تكاليف التشغيل بشكل كبير.
وتشمل منصة الحوسبة السحابية المفتوحة خدمات «فيوجين كلاود» FusionCloud، و«فيوجين ستوردج6» FusionStorage6، وفيوجسن ستادج باس FusionStage Paas، التي تقدم 31 خدمة في الحوسبة والتخزين ونقل البيانات والأمن وتحليل البيانات وقواعد البيانات وتطوير واختبار وإطلاق وإدارة البرامج وتطوير المنصات التقنية لـ«إنترنت الأشياء»، والبيانات الضخمة سحابيًا، من دون الحاجة لوجود مركز بيانات ضخم في مقر أي شركة.
* مدن ذكية آمنة
وبالنسبة للمدن الذكية، فتقدم منصة «سيف سيتي إنتيغريتد كوميونيكيشن بلاتفورم» Safe City Integrated Communications Platform الرقمية قدرات متقدمة على مراقبة والتقاط التنبيهات من الشبكات الاجتماعية وأجهزة «إنترنت الأشياء»، وعروض الفيديو حول أي مشكلة في المدينة وتنبيه الطرف المختص بذلك، الأمر الذي يطور وظائف المدن الذكية بشكل كبير.
ومن الأمثلة على ذلك، تنبيه شرطة المرور حول وجود اختناقات مرورية في بعض المناطق بسبب حادث ما، وتنبيه المستشفيات في الوقت نفسه، وإبلاغ مسؤولي المدينة حول وجود تسريب للمياه في أحد الطرقات الجانبية، وتنبيه شركات التنظيف حول امتلاء خزانات القمامة الكبيرة في الأحياء السكنية فور حدوث ذلك بهدف خفض فرص تكاثر البكتيريا والأمراض، وغيرها.
ولكن الوظيفة الأكثر أهمية في المدن الذكية هي حماية السكان، وذلك بالتعرف على المجرمين «سحابيا»، عبر تحليل البيانات الواردة من الكاميرات الأمنية في المناطق المهمة أو الحساسة أو خلال الفعاليات الكبيرة التي تجذب الزوار، مع قدرة النظم على تحليل نمط تصرف الأفراد المشتبه بهم آليا ومتابعة تحركاتهم.
وتستطيع هذه التقنية تحليل تسجيلات الفيديو التي تبلغ مدتها نحو ساعة في دقيقة واحدة، وتجميع الأجزاء المهمة في عرض واحد موجز لتعاينه قوى الأمن المتخصصة، الأمر الذي يرفع من مستويات الأمن والحماية للجميع.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».