الأجهزة اللبنانية تنزع فتيل «عين الحلوة» بإجراءات تشجع المتهمين على تسوية أوضاعهم

مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: بداية مرحلة من التعاون بين الأمن والفصائل الفلسطينية

الأجهزة اللبنانية تنزع فتيل «عين الحلوة» بإجراءات تشجع المتهمين على تسوية أوضاعهم
TT

الأجهزة اللبنانية تنزع فتيل «عين الحلوة» بإجراءات تشجع المتهمين على تسوية أوضاعهم

الأجهزة اللبنانية تنزع فتيل «عين الحلوة» بإجراءات تشجع المتهمين على تسوية أوضاعهم

اجتازت الدولة اللبنانية بأجهزتها الأمنية والعسكرية والقضائية، شوطًا كبيرًا على طريق نزع فتيل التفجير الذي كان يتهددها، من بوابة «مخيم عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، الذي تدرّجت تسميته في السنوات الأخيرة من «بؤرة أمنية» إلى «صاعق تفجير» وصولاً إلى تشبيهه بـ«برميل بارود» قابل للانفجار في أي لحظة.
ولم تأت تلك التسميات بسبب أنه المخيم الأكبر ويؤوي آلاف العائلات المهمّشة والمحرومة أبسط مقومات الحياة، بل لأنه يضمّ عشرات الفصائل والمجموعات المسلّحة المتناقضة والمتصارعة، وتحوّله ملاذًا آمنًا للخارجين عن سلطة القانون، المتهمين بجرائم خطيرة واغتيالات واستهداف الجيش اللبناني؛ بدءًا من حرب «نهر البارد» التي خاضتها المؤسسة العسكرية بوجه تنظيم «فتح الإسلام» في عام 2007، وصولاً إلى معركة عبرا (في مدينة صيدا) بين الجيش ومسلّحي الشيخ أحمد الأسير، وما بين هاتين المحطتين من جرائم وارتكابات.
قرار الدولة اللبنانية بتقليص خطر «عين الحلوة» لم يأت من طرف واحد، إنما كان ثمرة لقاءات ومشاورات بين قادة أمنيين لبنانيين، وممثلين لأغلبية الفصائل الفلسطينية، ذات النفوذ الواسع في المخيم، وبرعاية مباشرة من قيادة السلطة الفلسطينية، بدأت ترجمتها على الأرض بتسليم عشرات المطلوبين أنفسهم لمخابرات الجيش اللبناني، التي سرعان ما أحالتهم إلى القضاء المختص ليأخذ التحقيق مجراه، بمحاكمة من يثبت ارتكابه الجرائم الأمنية والإرهابية، وإطلاق سراح من تثبت براءته، وقد عكست هذه الإجراءات ارتياحًا كبيرًا داخل المخيم ومدنييه والمطلوبين من جهة، وفي محيطه اللبناني الذي كان ينظر إلى من بالداخل على أنهم خطر أمني وحتى وجودي.
وعلى الرغم من أن إجراءات المعالجة لا تزال في مراحلها الأولى، وتحتاج إلى مزيد من الجهد والمعالجة لاستكمالها، فإن مصدر أمني لبناني أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «سبحة تسليم المطلوبين أنفسهم هي ترجمة لبداية مرحلة من التعاون بين الأجهزة الأمنية، والفصائل الفلسطينية». لكن أشار إلى أن «عدد الذين سلموا أنفسهم، يبقى متواضعًا مقارنة مع العدد الإجمالي للمطلوبين الذي يقدّر بـ500 مطلوب تقريبًا ممن يتحصنون في أحياء المخيم وينتمون إلى مجموعات متشددة، وتتفاوت التهم المنسوبة إليهم؛ بدءا من إطلاق النار وحمل السلاح، ووصولاً إلى القتل والاشتراك بأعمال إرهابية».
ولم يخف المصدر الأمني أن «أغلب الذين سلموا أنفسهم يلاحقون بجرائم جنحية (غير خطيرة)، لكن المطلوبين الخطيرين لم تتبلور الصيغة التي ستقضي بإنهاء أوضاعهم، لأن معظمهم ليسوا بوارد الاستسلام حتى الآن، خصوصًا الذين يتوزعون على تنظيمات راديكالية داخل المخيم، كالتي يرأسها توفيق طه (أمير تنظيم القاعدة وكتائب عبد الله عزام) وهو المسؤول عن التفجيرات التي استهدفت قوات (اليونيفيل) في جنوب لبنان، وأسامة الشهابي الذي يقود جماعة (فتح الإسلام)، وكل الذين فرّوا من أحداث نهر البارد، وبلال بدر الذي يقود مجموعات متشددة (مثل فصيل جند الشام) الذين يتقاسمون النفوذ في الأحياء المكتظة».
وما دامت المعالجة تنطلق من المعايير القانونية، فقد كشف المصدر الأمني أن «المعاملة الحسنة التي يتلقاها الذين سلموا أنفسهم، وصلت أصداؤها إلى داخل المخيم، وبددت هواجس كثيرين، حتى بعض المتشددين، الذين اقتنعوا بأن الدولة اللبنانية تعاملهم بمعايير العدالة والقانون، وليس بمنطق التشفي والانتقام». وقال المصدر الأمني إن «التفاهم الذي أرسيناه مع الإخوة الفلسطينيين داخل المخيم آخذ في تبديد الهواجس اللبنانية، وتقليل المخاطر التي تجعل من عين الحلوة خطرًا أمنيًا يهدد المحيط بالتفجير، وطمأنة المطلوبين أنفسهم بالاستناد إلى تجربة رفاقهم الذين سبقوهم إلى تسليم أنفسهم».
في المقابل، أوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن «كلّ الذين سلّموا أنفسهم باتوا أمام المراجع القضائية المختصة، فمن ثبت تورطه بجرائم أحيل إلى المحاكمة، ومن أظهر التحقيق براءته، أطلق سراحه، وهذا ما حصل مع شقيق الفنان فضل شاكر» (عبد الرحمن شمندر)، مؤكدًا أنه «لا تسويات على الملفات القضائية، وكلّ ملف لا ينتهي إلا بقرار قضائي»، لافتًا إلى أن «كل من يسلّم نفسه يتم التعاطي معه بإيجابية، وحتى لو كان مرتكبًا، يساعد ذلك على منحه أسبابا تخفيفية».
وقال المصدر القضائي إن «قبول المطلوبين بتسليم أنفسهم أمر يريح القضاء أيضًا، لأنه يساهم في إغلاق ملفات شائكة ومفتوحة منذ سنوات، مثل ملف أحداث نهر البارد، وأحداث عبرا، وملف استهداف قوات (اليونيفيل)». ولفت إلى أن «أكثر المتهمين خطورة، مثل الموقوف الفلسطيني نعيم عباس المسؤول عن تفخيخ السيارات وتفجيرها في لبنان، جرت تبرئته من أحداث عبرا، لأنه لا علاقة له بها، أما في قضايا التفجير الأخرى التي يحاكم على أساسها، فهو (نعيم عباس) يحظى بكامل حقه في الدفاع عن نفسه أمام المحكمة العسكرية، وهذا الحق يحظى به المتهمون بالانتماء إلى تنظيمي (داعش) و(النصرة) حتى الذين اشتركوا في معركة عرسال ضد الجيش».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».