النهوض بالتعليم في العالم العربي.. بين الواقع والمأمول

خبراء: السياسات التعليمية أولوية لمواكبة الأهداف التنموية العالمية 2030

النهوض بالتعليم في العالم العربي.. بين الواقع والمأمول
TT

النهوض بالتعليم في العالم العربي.. بين الواقع والمأمول

النهوض بالتعليم في العالم العربي.. بين الواقع والمأمول

كشف التقرير العالمي لرصد التعليم 2016 الصادر مؤخرا عن منظمة اليونيسكو بعنوان «التعليم من أجل الناس والكوكب» أن العالم متأخر 50 عاما لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
وركز هذا التقرير الذي يعد الأول في سلسلة تقارير تمتد على مدار 15 على كيفية تحقيق التنمية المستدامة في التعليم في أكثر من 50 دولة. وسلط الضوء على العلاقات والروابط المتشابكة بين كل من التعليم من جهة والقطاعات الإنمائية الرئيسة من جهة أخرى. كما حدد التقرير الاستراتيجيّات والسياسات والبرامج التعليميّة التي ترتبط على نحو أكثر فعاليّة مع الأولويّات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئيّة والسياسيّة للخطة الجديدة للتنمية المستدامة. وتم في إطاره وضع قاعدة البيانات العالمية بشأن التفاوت في التعليم (WIDE) بغية تسليط الضوء على خطورة ارتفاع مستويات التفاوت في التعليم من بلد إلى آخر وفيما بين الفئات ضمن كل بلد. ويركز التقرير على كيفية تحقيق هدف عالمي جديد في مجال التعليم (الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة) ألا وهو: «ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع».

الرؤية السعودية 2030 تواكب الأهداف العالمية
في الوطن العربي، أعلنت كل من المملكة العربية السعودية ومصر عن رؤية استراتيجية لقطاع التعليم 2030. والتي من شأنها تحسين جودة التعليم بما يتوافق مع النظم العالمية. وفي ظل التحديات والمشكلات التي تهدد قطاع التعليم في العالم العربي، استطلعت «الشرق الأوسط» آراء عدد من الخبراء حول إمكانية النهوض بالتعليم وسياساته ومواكبة الأهداف العالمية 2030 فيما يخص هذا القطاع الحيوي. وعن حلول النهوض بالتعليم في ضوء رؤية المملكة 2030، يقول الباحث السعودي المتخصص في علم الاجتماع، د.عبد الرحمن الشقير، ومدير مركز النشر بوزارة التعليم العالي بالمملكة، لـ«الشرق الأوسط»: تواجه المملكة تحديات رؤية اليونيسكو للتعليم 2030، والتحول الوطني 2030، ويمكن أن ندرج معها تحديات تقرير البنك الدولي عن التعليم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي أطلق فيه مصطلح «الطريق غير المسلوك».
ويشدد الشقير على أنه من المهم التعرف على حجم الترهل الذي يعاني منه التعليم، وإصلاح جوهره الذي اتفقت المنظمات الدولية على أنه يكمن في دمج رأس المال البشري بالتنمية الاقتصادية، وذلك من خلال مراجعة نظام سياسات التعليم القديمة وتحديثها، وتحديد أهداف دقيقة لكل سنة دراسية لجميع المراحل، وإيقاف هدر الجهد والمال في «المدارس الصغيرة»، وتقييم قصور نتائج الطلاب في اختبار «التيمز» الدولي للعلوم والرياضيات، وردم الفجوة بين ما يريده المقرر وما يريده المعلم.
وبتفاؤل كبير، يرى أنه يمكن تحقيق أهداف التعليم في رؤية المملكة 2030، مؤكدا: «أرى أن المشكلات الكبيرة لا تحتاج إلى ميزانيات كبيرة وقرارات جريئة دومًا، بقدر ما تحتاج إلى حسن تشخيص المشكلة والقدرة على استشرافها، وهذه تحتاج عقولاً مبدعة تهتم بما يجب أن تواجهه من أزمات، لا عقولاً تقليدية، تهتم بما تواجهه من أزمات، والفرق بين ما تواجهه وما يجب أن تواجهه كبير، إذ لا بد من وضع الأهداف بدقة واستمرار قياسها، وصناعة أنظمة واضحة وشفافة للطالب وللأستاذ، وتأسيس مراكز صناعة الفكر في التربية وفي التعليم (ثينك تانك)».
ويتفق معه الباحث المصري د. خالد كاظم أبو دوح، أستاذ علم الاجتماع المساعد بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، قائلا: «رؤية المملكة 2030 تمثل استراتيجية معاصرة لمستقبلها، ولا شك في تميز هذا النمط من التفكير الاستراتيجي المستقبلي، فأي دولة في ظل مجتمع المخاطر العالمي تحتاج للتفكير بعمق في حاضرها والتخطيط من أجل مستقبلها، حتى تضمن الحفاظ على أمن الدولة والمجتمع».
ويرى أبو دوح أن الحلول لتخطي التحديات تكمن في «إحداث تغيير نوعي في أنماط التعليم السعودي، وربط التعليم بسوق العمل من ناحية، وربطه بالصناعات المستقبلية كصناعة التكنولوجيا والمعلومات، والعمل من خلال تطوير منظومة التعليم على تحويل المجتمع السعودي بالتدريج من مستهلك لأدوات الحداثة إلى مشارك ومساهم فعال في إبداع الصناعات التكنولوجية والمعلوماتية». ويضيف: «يجب التركيز أيضا على (التعليم المدني) وهو أشبه بالتعليم من أجل المواطنة، وهو يرمي إلى تزويد الطلاب بالثقافة المدنية، التي بمقتضاها يتحولون إلى أفراد ذوي قدرة على التواصل مع الآخرين وعلى تبني قيم أخلاقية للحياة المدنية (التسامح، الجمعية، والعيش المشترك، والتعاون، والثقة بالآخرين، وكل المكونات التي تجعل الإنسان فاعلا اجتماعيا إيجابيا)»، مشددا: «يجب أن تتبنى المدارس والجامعات برامج تدريبية قوية ومكثفة لإرساء قيمة العدل والمساواة عبر اعتماد النظام التربوي على مفهوم الجدارة أو الاستحقاق، وهي قيمة في حد ذاتها تعبر بنحو أو آخر عن العدل والمساواة. ولا شك أن فكرة العدل والمساواة تتطلب أيضا عدم التمييز بين المواطنين حسب النوع، بمعنى أن النساء في المجتمع السعودي جزء مهم ومخزون استراتيجي ورأسمال بشري يجب الاستفادة منه ومنحه الفرصة عبر التعليم وعبر المجال العام من أجل أن يساهم وبفاعلية في تحقيق رؤية المملكة 2030».

تحديات في شمال أفريقيا والمغرب العربي
وتمثل مشكلة المساواة في التعليم أحد التحديات في شمال أفريقيا والمغرب العربي، في ظل تنامي التعليم الخاص في مواجهة التعليم العمومي المدعم ماليا من الدولة. وعن الوضع في الجزائر، يقول الدكتور محمد سي بشير؛ الأستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة مولود معمري بالجزائر، لـ«الشرق الأوسط»: «أمر التعليم في الدول العربية والجزائر تحديدا أصبح معقدا ويحتاج لكثير من الإمكانيات والكوادر المدربة وإعادة النظر في البرامج التعليمية بشكل عام. مؤخرا قامت وزيرة التعليم الجزائرية بإطلاق الجيل الجديد من كتب التعليم الأساسي في محاولة لمواكبة المعايير الجديدة المعتمدة على الوسائط المتعددة». ويشير: «لدينا في الجزائر عدة إشكاليات تمثل تحديات أمام تحقيق أهداف الألفية 2030، أهمها: أولوية اللغة، ما بين الفرنسية والعربية، فهناك فجوة بين الأجيال في هذا الصدد، والتعليم المجاني والخاص، حيث توجد أيضا هوة بين الاثنين، معضلة الارتكاز على التعليم النظري عوضا عن التعليم التقني والفني، الأعداد الكبيرة للتلاميذ، ونقص الإمكانات المادية والكوادر المدربة، وأيضا سياسة التقشف في ظل انخفاض أسعار النفط، كل هذه التحديات تحتاج لسياسة عامة بعيدا عن سياسة (شراء السلم الاجتماعي) وتوفير حد أدنى من التعليم عوضا عن المعرفة الحقيقة».
وعن الحلول، قال: «لا بد من سياسة تعليمية طموحة تنطلق من تحقيق تكافؤ الفرص في التعليم بين الطبقات الاجتماعية، بمساندة من كل فئات المجتمع، بداية من الأسر والمجتمع المدني والكوادر التعليمية، والباحثين في مختلف المجالات؛ لأن التعليم منظومة تربوية وتعليمية».
وعن رأيه في رؤية السعودية 2030 فيما يخص التعليم، يقول سي بشير، مؤلف كتاب «مستقبل المملكة العربية السعودية من خلال مدخلي الآن القومي والإصلاح السياسي»: «تسيير المال العام في السعودية يختلف عن الجزائر وانخفاض عوائد النفط لن يؤثر بشكل جذري على التعليم، لأن السعودية تنفق نحو 900 مليار دولار في البنى التحتية، كما أن مؤشرات الابتكار وبراءات الاختراع بالنسبة لعدد السكان تصنف السعودية كأفضل الدول العربية فيما يتعلق بالتعليم وهي برأيي مرشحة للقيادة العربية فيما يخص النهوض بالتعليم».

مصر والسعودية في الطليعة
يقول د. سامي نصار، الأستاذ بكلية الدراسات العليا للتربية، بجامعة القاهرة، وعميد معهد الدراسات للبحوث التربوية سابقا: «تتفاوت الدول العربية فيما بينها في مدى تحقيقها للهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، وهناك عدة دول عربية اقتربت من تحقيق معدلات عالمية في إنجاز الأهداف ومن بينها مصر والسعودية، من حيث المساواة بين الجنسين في التعليم، ومحاربة الأمية، وتحقيق الإلزام في التعليم الابتدائي، ولكن حجم التحديات يتزايد أيضا، خاصة أن الأمية لم تعد فقط مجرد قراءة وكتابة».
ويشدد نصار على أهمية التركيز على تحقيق المواطنة للنهوض بالتعليم: «إن المواطن العربي لا يعرف حقوقه وواجباته، كأساس لتحقيق التنمية المستدامة لا بد أن تتوجه برامج تطوير التعليم إلى المواطنة كمنطلق رئيسي».
وحول الرؤى الاستراتيجية في مصر والسعودية 2030، يؤكد: «لا بد أن تسبقها رؤية المجتمع للتعليم وإيمانه بأهميته، وللأسف لم تبلور الدول العربية رؤية جديدة ومعاصرة للتعليم، تقوم على تحرير الفرد وقيم الديمقراطية، وقيم العقلانية والرشادة مع الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات». ويشير إلى أن المشكلة الرئيسية في العالم العربي هي أن المناهج تقوم على التلقين والحفظ مع التقليل من تنوير عقلية الطالب، كما تفتقر العملية التعليمية إلى توجيه الطلاب للاعتماد على أنفسهم في البحث واكتساب المعرفة. وعن إمكانية تحقيق الأهداف التي تسعى إليها مصر في 2030، يقول: «من الناحية الكمية يمكن أن تتحقق الأهداف المحددة من حيث زيادة عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم في مراحله المختلفة، تحسين البنية التحتية وزيادة عدد المدارس، بينما الناحية النوعية سوف تستغرق وقتا أطول لتغيير النظرة للتعليم خاصة أنها تعتمد على الجوانب الثقافية» ويلفت نصار إلى أن الدول العربية ما زالت لا تهتم بالتعليم الإلكتروني «التعليم عن بعد» رغم أنه أصبح يسيطر على مجال التعليم في العالم.
ويرى أن العالم العربي أصبح مطالبا أكثر من أي وقت مضى بوضع التعليم أولوية أولى، وليس ضمن أولويات، على سياسات الدول وتخصيص ميزانية له من الناتج القومي.
وبالتزامن مع إطلاق تقرير رصد التعليم، عقدت مكتبة الإسكندرية مؤتمر «مستقبل المجتمعات العربية المتغيرات والتحديات» والذي نظمته وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية، في الفترة من 5 إلى 8 سبتمبر (أيلول) الجاري، وعقدت جلسة بعنوان «مستقبل المعرفة في العالم العربي» أشار فيها د. محمد المجالي؛ الأمين العام المساعد بالمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا بالأردن: «إن الدول التي تمتلك ناصية المعرفة هي الأقدر على تحقيق الازدهار وتوفير الرفاهية لمواطنيها. حيث لا يمكن للتنمية أن تتحقق ما لم تصبح المعرفة جزءًا لا يتجزأ من الثقافة المجتمعية وأنظمة القيم التي تحكم سلطات صنع القرار»، مؤكدا: «إن الفجوة العلمية والإبداعية في البلدان العربية تتسع والوقت يسير بسرعة، والحاجة أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى لإيجاد حلول جذرية لمواجهة التحديات التي تواجه الإبداع والابتكار في الوطن العربي من خلال تطوير نظم التعليم العام واكتساب مهارات التفكير والإبداع وتنميتها عند الطلاب، والاهتمام بالنشر العلمي كمًا ونوعًا، وتسجيل براءات الاختراع، وتطوير برامج ومناهج الجامعات وأساليب التدريس التي تستهدف الكشف عن القدرات الإبداعية لدى الطلاب».



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.