الفصائل المسلّحة لن تمكّن الأسد من استخدام الحصار ورقة تفاوض مع الجانب الأميركي

المعارضة تعترف بتقدم النظام جنوبي حلب وتنفي سيطرته الكاملة على الراموسة

ركام الأبنية التي دمرها القصف في حي المعادي في القسم الشرقي من حلب الأسبوع الماضي (رويترز)
ركام الأبنية التي دمرها القصف في حي المعادي في القسم الشرقي من حلب الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

الفصائل المسلّحة لن تمكّن الأسد من استخدام الحصار ورقة تفاوض مع الجانب الأميركي

ركام الأبنية التي دمرها القصف في حي المعادي في القسم الشرقي من حلب الأسبوع الماضي (رويترز)
ركام الأبنية التي دمرها القصف في حي المعادي في القسم الشرقي من حلب الأسبوع الماضي (رويترز)

تضاربت المعلومات حول نتائج الهجوم العسكري الواسع الذي شنّه النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه تحت غطاء جوي كثيف، على منطقة الراموسة جنوبي مدينة حلب، وفي وقت أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قوات النظام سيطرت على الراموسة بالكامل، واستعادت كل النقاط التي خسرتها أمام فصائل المعارضة المسلّحة مطلع شهر أغسطس (آب) الماضي. نفت المعارضة إحكام النظام قبضته على المنطقة، لكنها اعترفت بأن قوات الأسد «تعمل على قضم مواقع للثوار في الراموسة؛ بهدف إبعادهم عن الكليات العسكرية قدر الإمكان، واستبعاد فرضية إعادة فتح ممرات جديدة إلى المناطق الشرقية المحاصرة».
وبحسب المرصد، فإن قوات النظام والمسلحين الموالين لها «سيطروا بشكل كامل على منطقة الراموسة، إثر معارك عنيفة مع فصائل مقاتلة وإسلامية وجهادية». وأوضح أن «الفصائل لا تزال تسيطر على مواقع غير مهمة في أطراف حلب الجنوبية». ويأتي تقدم قوات النظام الأخير إثر تمكن النظام وحلفائه الأحد من إعادة فرض الحصار على الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب.
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن السيطرة على الراموسة «تأتي بعد تلقي قوات النظام تعزيزات من مقاتلين عراقيين وإيرانيين بداية الأسبوع الحالي»، مشيرًا إلى أن «النظام لا يتحمل خسارة هذه المعركة؛ لأنه سيخسر معها كل شيء».
في هذا الوقت، أشار مصدر عسكري في المعارضة، إلى أن «جيش الأسد تمكن من تحقيق بعض التقدّم في الراموسة، تحت غطاء جوي كثيف من الطيران الروسي الذي يتبع سياسة الأرض المحروقة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه «منذ ساعات الصباح الأولى (أمس) لم يتوقف قصف الطيران على مواقع المعارضة في الراموسة، ما مكّنه من إحراز بعض التقدم، ولكن لم يحكم سيطرته الكاملة على المنطقة». وشدد المصدر العسكري على أن «الحرب هي صولات وجولات، فإذا استطاع النظام وميليشياته ومرتزقته التقدم اليوم، فهذا لا يعني أنهم انتصروا». وقال: «ستبقى الكلمة العليا لثوار حلب، فهم أصحاب الأرض التي يدافعون عنها». وكشف عن أن «الفصائل المسلّحة تعمل على تجميع صفوفها، وتتحضّر لشنّ هجوم أوسع وأكبر من الهجوم الذي حررت فيه الراموسة والكليات قبل شهر، والأيام المقبلة ستحمل الأنباء السارة لأهل حلب وكل الشعب السوري».
وكان تحالف «جيش الفتح» المؤلف من فصائل معارضة واسعة، شنّ في 31 يوليو (تموز) الماضي، هجوما عنيفا ضد مواقع قوات النظام في جنوب مدينة حلب، وتمكن هذا التحالف بعد أسبوع من بدء الهجوم من السيطرة على منطقة الكليات العسكرية المحاذية للراموسة وفك حصار فرضه الجيش السوري لنحو ثلاثة أسابيع على أحياء المدينة الشرقية عبر فتح طريق إمداد جديد يمر بالراموسة».
ويسعى النظام إلى تحقيق إنجازات على الأرض، تسمح لحليفه الروسي استخدامها في مفاوضاته مع الأميركيين، وفق ما أعلن الناشط المعارض في حلب عاهد السيد، الذي قال إن «الهدف الأول للنظام إحكام حصاره على المناطق الشرقية في حلب، لاستخدام هذا الحصار ورقة ضغط ومساومة في المفاوضات السياسية». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن التقدم الذي أحرزه النظام وحلفاؤه في جنوبي حلب، مردّه إلى استقدامه الوحدات العسكرية التي كانت تحاصر مدينة داريا في الغوطة الغربية، بعد تهجير سكانها، ودعمه بمقاتلين إيرانيين وعناصر النخبة من «حزب الله» اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية».
وأضاف السيد «من الواضح أن نظام الأسد، يحاول تجويع أهل حلب وإخضاعهم بالحصار وقطع طرق الإمداد عنهم، على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي بلغ مرحلة غير مسبوقة من التخاذل والتآمر والانحطاط الأخلاقي»، مؤكدًا أن «أهل حلب لن يكونوا ورقة يساوم عليها بشار الأسد مع الأميركيين والروس، فهم لن يركعوا ولن يغادروا مناطقهم وبيوتهم كما حصل في داريا».
وأفاد مراسل «الصحافة الفرنسية» في الأحياء الشرقية بأن التجار «يحاولون منذ يوم الأحد تأمين البضائع اللازمة قبل انقطاعها تمامًا، في وقت عادت الأسعار إلى الارتفاع نتيجة النقص في المواد».
وكان 11 شخصًا قتلوا الثلاثاء الماضي، نتيجة قصف جوي طال حي السكري في الجهة الشرقية من حلب، وإصابة العشرات بالاختناق إثر قصف جوي بالبراميل المتفجرة على الحي ذاته. واتهم ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي قوات النظام السوري بـ«استخدام غاز الكلور السام».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».