الرئيس الفرنسي: الإسلام قادر على التعايش مع العلمانية ومبادئ الجمهورية

الرئيس الفرنسي: الإسلام قادر على التعايش مع العلمانية ومبادئ الجمهورية
TT

الرئيس الفرنسي: الإسلام قادر على التعايش مع العلمانية ومبادئ الجمهورية

الرئيس الفرنسي: الإسلام قادر على التعايش مع العلمانية ومبادئ الجمهورية

في حين يستعر الجدل في فرنسا حول الإسلام والهوية والهجرة والإرهاب، ويتبارى جناحا اليمين الكلاسيكي المعتدل والمتطرف في انتقاد أداء الحكومة والسلطات الأمنية وطرح الأفكار الأكثر تشددا، استفاد الرئيس فرنسوا هولاند من منتدى التأم، أمس، تحت عنوان «الديمقراطية في مواجهة الإرهاب»، ليطرح رؤيته، وليدافع عن عمل حكومته التي تجد نفسها وجها لوجه مع موجة إرهابية لم تعرفها فرنسا منذ تسعينات القرن الماضي.
والأهم من ذلك فإن الرئيس الفرنسي أفرد حيزا خاصا للإسلام والمسلمين في فرنسا، ليعيد وضع الحقائق في مكانها، وليؤكد مرة أخرى على الموقع الذي يتعين على الديانة الثانية في فرنسا أن تحتله. في خطابه الطويل، شدد الرئيس الفرنسي على مجموعة حقائق أولاها تتناول الإسلام وموقعه في المجتمع الفرنسي وتلاؤمه مع قيمه. وأهمية طروحاته أنها تتبع التراشق الذي عرفته البلاد بسبب رداء البحر للسيدات المعروف بـ«البوركيني»، وما رافقه من تصريحات نارية لجهة الحرب على الهوية الوطنية ورفض الأسلمة والتمسك بالقيم والعادات الخاصة بالمجتمع الفرنسي، ما يعني ضمنا أن الإسلام لا يمكن أن يتعايش معها. وأشار هولاند إلى ذلك، غامزا من قناة خصومه في معسكر اليمين، بقوله إن «هناك من يعتلي المنابر ويلجأ إلى المزايدات من أجل أن يتميز داخل معسكره».
سؤالان طرحهما الرئيس الفرنسي: الأول، هل الإسلام يستطيع أن يتعايش مع العلمنة كما فعلت ذلك قبله الديانات الكاثوليكية والبروتستانتية واليهودية؟ والثاني: هل الجمهورية الفرنسية قادرة على احتضان ديانة لم تكن تتوقع أن تكون بهذا الحجم؟ وفي الحالتين، كان جواب الرئيس الفرنسي واضحا وإيجابيا وقاطعا. ولمزيد من الوضوح، أكد هولاند أن «لا شيء في العلمنة يمنع ممارسة الديانة الإسلامية شرط أن تكون تلك الممارسة متوافقة مع القوانين» المرعية الإجراء. أما البرهان الآخر الذي لجأ إليه فهو إعادة التذكير بأن المسلمين هم أوائل ضحايا الإرهاب، وأن العمليات الإرهابية التي ضربت فرنسا التي أوقعت منذ بداية العام الماضي 338 قتيلا ومئات الجرحى أصابت المسلمين كما أصابت غير المسلمين.
المبدأ الثاني الذي شدد عليه الرئيس هولاند ويرتبط ارتباطا وثيقا بالأول، يتناول تمسكه بدولة القانون وبما تفرضه من ممارسات، أكان ذلك في موضوع محاربة الإرهاب والحاجة للبقاء تحت سقف الدستور والقوانين أو في موضوع التشريعات التي يطالب بها بعض ممثلي اليمين واليمني المتطرف مثل الحاجة لاستصدار قانون يمنع ارتداء «البوركيني» على الشواطئ. وللمرة الأولى يرد هولاند على أصحاب هذه الطروحات، رافضا اللجوء إلى استصدار قوانين «ظرفية» غير دستورية وغير قابلة للتطبيق. وكانت أصوات من اليمين وأبرزها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي قد طالبت باستصدار قانون بهذا المعنى، بعد أن عمد مجلس شورى الدولة إلى إلغاء أحكام قضائية تمنع «البوركيني». وبحسب المجلس المذكور، فإن تلك الأحكام تضر بممارسة الحريات الشخصية وبالتالي فإنها مخالفة للدستور. في ذهن الرئيس هولاند الذي يعاني من تراجع شعبيته لدى الرأي العام إلى درجة لم يعرفها أي من رؤساء الجمهورية الخامسة الذين سبقوه إلى هذا المنصب، ينطبق مفهوم دولة القانون على التدابير والإجراءات المتخذة لمحاربة الإرهاب. وإزاء من يدعو لاحتجاز كل من تحوم حوله شبهات من غير محاكمة، عمد هولاند إلى التذكير بحقائق أساسية حول ما هو جائز دستوريا وما هو غير مقبول. وهاجم الرئيس الفرنسي أصحاب المخيلات في معسكر اليمين التي تحبل بتدابير ردعية «مقلقة» لمحاربة الإرهاب، معددا التدابير الكثيرة التي اتخذتها حكومته في الأعوام الأخيرة التشريعية أو الأمنية أو حتى المشاركة في حروب خارجية كما في مالي وسوريا والعراق، وللذين يبدون تخوفا إزاء الإرهاب، ركز هولاند على أهمية التضامن الوطني وعلى «قوة الديمقراطية» التي نجحت دوما وعبر التاريخ في الانتصار. وقال هولاند: «الديمقراطية ستكون أقوى من البربرية التي أعلنت عليها الحرب». وطرح الرئيس الفرنسي نفسه ضامنا للحريات ولدولة القانون في وجه من يعتبرهم ضمنا تهديدا لها.
ثمة من يقول إن خطاب هولاند كان ظرفيا انتخابيا بالدرجة الأولى، إذ إنه يسعى لأن يجسد المرجع الذي يحافظ على القيم ويحمي المواطنين، لكن مشكلة الرئيس الفرنسي أن ضعفه السياسي يجعل صوته غير مسموع. فآخر استطلاع للرأي نشرت نتائجه أول من أمس بين أنه لن يكون قادرا على التأهل للجولة الثانية من الانتخابات التي ستنحصر بين مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن ومرشح اليمين أكان ذلك ساركوزي أو رئيس الوزراء الأسبق ألان جوبيه. لكن يبدو أن هولاند المتفائل دوما يعتقد أن الأمور يمكن أن تتغير في الأشهر القليلة المقبلة وهو يراهن على انقسامات اليمين وعلى عودة النمو الاقتصادي وتراجع البطالة. فهل سيصح رهانه؟ قد يكون من الصعب الإجابة اليوم عن هذا السؤال المتروك للمقبل من الأيام حتى تأتي بالخبر اليقين.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».