«الوزاري العربي» يؤكد دعم شرعية الرئيس هادي في اليمن وحكومة الوفاق في ليبيا

أحمد أبو الغيط: عروبة سوريا صارت مسؤوليتنا جميعًا والتفريط فيها جريمة

جانب من اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب في دورته الـ146 في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
جانب من اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب في دورته الـ146 في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

«الوزاري العربي» يؤكد دعم شرعية الرئيس هادي في اليمن وحكومة الوفاق في ليبيا

جانب من اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب في دورته الـ146 في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
جانب من اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب في دورته الـ146 في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لمجلس الجامعة العربية، أمس، إنه لا يوجد حل عسكري في سوريا، وإن أي حلول تفرض بواقع القوة وبمنطق الإجبار لن يكتب لها الاستمرارية أو الدوام. وأضاف في كلمته خلال اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في دورته الـ146 الذي انعقد في القاهرة برئاسة تونس إن «عروبة سوريا صارت مسؤوليتنا جميعا.. والتفريط فيها جريمة»، مطالبا بمبادرة عربية للتعاطي مع الأزمة. وأقر الاجتماع مشروعات قرارات أكدت مساندة الجامعة للشرعية في اليمن والمتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، وشرعية حكومة الوفاق الوطني في ليبيا.
وأضاف أبو الغيط: إن الجامعة العربية هي منظمة إقليمية وحداتها من الدول. وهي معنية في المقام الأول بكيان الدولة الوطنية.. وبصون استقلالها وتعزيز سيادتها وحماية شرعيتها.. ولو حدث واهتز كيان الدولة الوطنية في قطر من الأقطار، فإن النظام الإقليمي كله يضطرب ويصيبه الضعف والاهتراء.. لهذا أقول بعبارة واضحة إن شرعية النظام العربي كله ترتكز على شرعية دوله الوطنية.
وفى الشأن اليمني، أوضح أبو الغيط أنه ليس في اليمن سوى حكومة واحدة هي حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.. لن يحدث أبدا أن تمكَّن جماعة من الجماعات، بقوة السلاح، من السيطرة على هذا البلد العزيز.
وأشار إلى استعداد الجامعة العربية للقيام بأي أدوار تطلب إليها من أجل الوساطة أو رعاية إجراءات بناء الثقة بين الأطراف لحل هذا النزاع وجلب السلام إلى اليمن.
وفى الشأن الليبي، أكد أبو الغيط أيضا أنه لا توجد سوى حكومة شرعية واحدة هي حكومة الوفاق الوطني، لافتا إلى أهمية العمل بكل السبل من أجل تأمين التوافق اللازم لحصول هذه الحكومة على الثقة من مجلس النواب المعبر عن إرادة الشعب الليبي، وبما يُعزز مسار التسوية الشاملة في ليبيا ويسمح بتوجيه الجهود إلى استكمال المؤسسات الدستورية للدولة وبناء المؤسسات.
وأشاد الأمين العام بما أحرزته جهود حكومة الوفاق الوطني من تقدم في تحرير مدينة سِرت من قبضة «داعش»، وأضاف قائلا «إننا نرفض أن نترك مستقبلنا رهينة لقوى التطرف والتخلف واليأس على ترابها دمًا ذكيًا لمواطنين أبرياء».
وقال أبو الغيط إن «استقرار العراق رهن باحترام دول المحيط الجغرافي لسيادته واستقلاله الوطني. ويقودني ذلك إلى الحديث بكل وضوح عن التدخلات الإيرانية المرفوضة في الشؤون الداخلية للدول العربية. هذه التدخلات أفرزت اضطرابات واحتقانات طائفية، وصراعات مذهبية في عدد من البلدان العربية التي لم يعرف بعضها هذا النوع من الصراع والتأزم الطائفي من قبل».
وانتقد إيران وتركيا، مشيرا إلى أن التدخلات تُجافي مبدأ حسن الجوار وتخلق مناخًا من العداء له سيكون له انعكاسات بالغة الخطورة على العلاقة بين الشعوب، سواء اليوم أو في المُستقبل، مطالبا دول الجوار الإقليمي باحترام سيادة الدول العربية واستقلالها، والتوقف عن العبث في الكيانات الوطنية أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وتغيّب عن الاجتماع الوزاري المبعوث الأممي ستيفان دى ميستورا، الذي كان من المفترض أن يقدم تقريرا حول الجهود الدولية بشأن الأزمة السورية، إلا أن سامح شكري، وزير الخارجية المصري، تلقى اتصالا من مبعوث الأمم المتحدة لسوريا دي ميستورا تناول الجهود المبذولة لإعادة إحياء اتفاق وقف العدائيات في سوريا، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى حلب والمناطق المحاصرة كافة؛ تمهيدًا لإعادة إطلاق المفاوضات السياسية.
وقدم دي ميستورا الاعتذار عن عدم تمكنه من زيارة القاهرة، ومخاطبة مجلس وزراء الخارجية العرب وفقا لما كان مقررا؛ نظرا لارتباطه بمتابعة المشاورات الجارية في جنيف بين الولايات المتحدة وروسيا حول الوضع في سوريا. وقد أكد شكري للمبعوث الأممي أهمية تكثيف الجهود لإحياء المسار السياسي في أسرع وقت ممكن باعتباره الهدف الأسمى المطلوب تحقيقه، مع ضمان مشاركة مجموعات المعارضة السورية كافة بشكل متساو وفقا لمنطوق قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وأقر وزراء الخارجية في اجتماعهم أمس مشروعات قرارات حول ليبيا، وسوريا، واليمن، والقضية الفلسطينية، إضافة إلى مشروع قرار حول التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية العربية، والمشروع الخاص باتخاذ موقف عربي موحد إزاء انتهاكات القوات التركية للسيادة العراقية، إضافة إلى قرار حول الإرهاب، وسبل مكافحته، والثاني حول ملف صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب.
وفيما يتعلق بتطورات الوضع في سوريا، أعرب المجلس عن القلق الشديد من تداعيات تصعيد الأعمال العسكرية التي تشهدها مختلف أنحاء سوريا، التي من شأنها أن تؤدي إلى انهيار ترتيبات وقف الأعمال العدائية التي تم الاتفاق عليها في اجتماعات مجموعة الدعم الدولية لسوريا، ومطالبة مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته الكاملة في حفظ الأمن والسلم.
وأدان العمليات والجرائم الإرهابية ضد المدنيين في مختلف المناطق السورية التي ترتكبها التنظيمات والجماعات الإرهابية كـ«داعش» و«جبهة النصرة» المرتبطة بـ«القاعدة»، وغيرها من التنظيمات الإرهابية. كما رحب القرار بنتائج اجتماع الرياض للمعارضة السورية، وما سبقه من اجتماعات للمعارضة في القاهرة وموسكو، والهادفة إلى توحيد رؤية المعارضة السورية حول خطوات الحل السياسي المنشود للأزمة السورية من خلال عملية سياسية يتولاها السوريون بأنفسهم.
وفيما يتعلق بتطورات الأوضاع في اليمن، تم التأكيد على استمرار دعم الشرعية الممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، مع التأكيد مجددا على أن أي مفاوضات لا بد أن تنطلق من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن.
كما أشاد مشروع القرار بقبول الحكومة اليمنية للمقترح الأخير المقدم من قبل المبعوث الدولي للأمم المتحدة، وإدانة إفشال المتمردين لمحادثات السلام في الكويت من خلال رفض مقترح الأمم المتحدة وتقويض المسار السياسي، إضافة إلى الإدانة بأشد العبارات للخطوات غير الشرعية التي قام بها الانقلابيون بإنشاء ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى المزعوم، الذي يهدف إلى تقويض جهود التسوية السياسية في اليمن المبنية على المرجعيات الأساسية المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن؛ وهو ما يؤكد إصرار الانقلابيين على التمرد ومواصلة الحرب وسد الطريق أمام جهود السلام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».