تبرز «عين زبيدة» التي تقع أسفل جبال الحجاز شرق مكة المكرمة، وشيدت في عهد الخلافة العباسية مثالاً على براعة الهندسة المعمارية الإسلامية. وتعد «عين زبيدة» التي تنسب إلى زبيدة بنت أبي جعفر المنصور زوجة هارون الرشيد، أبرز الخلفاء العباسيين، أول مشروع مائي، وتشكل نموذجًا فريدًا للهندسة الإسلامية في ذلك الزمان.
تنحدر العين من وادي نعمان أسفل جبال الحجاز عبر قنوات مائية يصل عمقها إلى 40 مترًا تحت الأرض ومبنية من الحجر المخرم، وتم تشييدها بطريقة دقيقة بحيث تصل إلى المشاعر المقدسة على سطح الأرض ويرتوي منها الحجاج مباشرة.
المشروع الذي اضطرت زبيدة لبيع كل ما كانت تملك لتشييده، يضم قنوات تنقل الماء إلى 51 خزانا تحت الأرض (بازانات) باتجاه المشاعر المقدسة، واستغرقت عملية بنائه نحو عشر سنوات.
وقال المؤرخ السعودي، الدكتور فواز الدهاس، لـ«الشرق الأوسط»، إن «عين زبيدة شاهدة على براعة الهندسة المعمارية الإسلامية، وكيف استطاع المسلمون حساب النسبة والانسيابية العجيبة للمياه إلى مكة المكرمة في ذلك الوقت». وأضاف الدهاس أن «مكة المكرمة قليلة الماء منذ عهد النبي إبراهيم عليه السلام، حتى أغاثها الله بزمزم، وعندما جاء عهد الدولة العباسية أرادت السيدة زبيدة أن توصل الماء إلى مكة، فمدت أولاً عين حنين وهي الشرائع اليوم، حيث اشترت كثيرا من الآبار والعيون في هذه المنطقة ومدت الأنابيب وحولت مياهها إلى الحرم، وبعد فترة من الزمن لاحظوا أن هذه العين لا تفي بالغرض ولا تسد حاجة الحجاج والمعتمرين والقادمين إلى مكة المكرمة، ففكروا في مد المياه من جبال الهدى بوادي نعمان المشهورة بأمطارها الغزيرة».
ولفت الدهاس إلى أن زبيدة أمرت بعمل حياض أو سدود لجمع المياه في تلك الجبال ثم مد الأنابيب من هذه المنطقة حتى تصل إلى مكة بطريقة عجيبة وعندما وصلت إلى المشاعر التفت حول جبل الرحمة بحيث تسقي الحجاج في عرفات، ثم بدأت تسير محاذية للجبال متجهة إلى مكة المكرمة.
... المزيد
«عين زبيدة».. براعة هندسية لمشروع مائي شيد في العصر العباسي
زوجة هارون الرشيد أمرت ببنائها لتأمين الماء للحجاج وتضم 51 خزانًا تحت الأرض
«عين زبيدة».. براعة هندسية لمشروع مائي شيد في العصر العباسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة