فيلم «بلال».. رسالة إنسانية هدفها الحدّ من العصبية والتطرّف

وضع الشباب السعودي على خريطة الإنتاجات العالمية.. ويبدأ عرضه في لبنان اليوم

فيلم «بلال» بلغت تكاليفه نحو 30 مليون دولار - أحد مشاهد الفيلم التي تجمع الطفل بلال بوالدته
فيلم «بلال» بلغت تكاليفه نحو 30 مليون دولار - أحد مشاهد الفيلم التي تجمع الطفل بلال بوالدته
TT

فيلم «بلال».. رسالة إنسانية هدفها الحدّ من العصبية والتطرّف

فيلم «بلال» بلغت تكاليفه نحو 30 مليون دولار - أحد مشاهد الفيلم التي تجمع الطفل بلال بوالدته
فيلم «بلال» بلغت تكاليفه نحو 30 مليون دولار - أحد مشاهد الفيلم التي تجمع الطفل بلال بوالدته

«أن تكون رجلا حرّا غير مقيّد هو الأمر الذي سيجعل منك رجلا عظيما». هذه هي العبارة التي يستهل بها الفيلم الكرتوني «بلال» مجريات أحداثه. وهو عمل سينمائي يحمل رسالة إنسانية بامتياز، توضح معاني الإسلام الحقيقية بعيدا عن التطرّف.
ويتناول فيلم «بلال» الذي يعدّ الأول من نوعه في العالم العربي، سيرة مؤذّن النبي «بلال بن رباح»، فيسلّط الضوء على قصة عبوديته ومن ثم إسلامه في مدينة مكّة. وتحكي القصة حكاية الصبي بلال الذي اختطف وشقيقته من الحبشة إلى أرض جزيرة العرب حيث عانى من الجشع والظلم. وفي سياق نرى أحداثه كيف استطاع الصبي بلال رفع صوته عاليا والتحرر من العبودية بفضل تعاليم الإسلام.
تقف وراء فكرة الفيلم مجموعة من الشباب السعودي تعود إليهم شركة «بارجون إنترتايمنت»، وهي متخصصة في مجال الإنتاج الكرتوني و«الأنيمايشن» والمؤثرات البصرية. قامت الشركة ممثلة بشبانها بعرض الأفكار على عدد من المنتجين الأميركيين الذين أثنوا عليها، طالبين منهم أن ينتجوا مقطعا قصيرا من القصة تقدّموا به إلى شركة «دريمز وورك». ومن بين المشاهير الذين شاهدوا المقطع الممثل العالمي ويلي سميث الذي أبدى حماسه للمشاركة في عملية إنتاج الفيلم. وبعد أن تأكّدت الشركة المذكورة بأن العمل هو نتاج مجموعة من الشباب السعودي قررت المضي في هذا العمل الذي كتبه السعوديان أيمن جمال وياسين كامل وأخرجه الباكستاني خورام آلافي.
لا يصعب على مشاهد الفيلم استنتاج الهدف الأساسي من صناعته، ألا وهي تصحيح الفكرة الخاطئة المنتشرة عن الإسلام في زمن التطرّف. فهذا العمل الذي بلغت تكلفته نحو الثلاثين مليون دولار، استطاع مخاطبة الكبار والصغار بحبكته البسيطة من ناحية، والأسلوب السلس الذي اعتمده في الرواية والحركة معا من ناحية ثانية. صحيح أن الفيلم يصبّ في خانة أفلام الكارتون الرائجة في عالم هوليوود في الفترة الأخيرة، إلا أن إيقاع كاميرته الهادئ وجمالية مشهديّته الملوّنة بدفء، تجذب بقالبها الراقي مشاهده لأي عمر انتمى.
اللافت في الفيلم هو ابتعاد مخرجه تماما عن استخدام مشاهد العنف الدموية، حتى أثناء المعارك والحروب. وقد استبدل بها عنصري الإثارة والتشويق لتجنيب المشاهد أي انطباع سلبي قد يراوده عن قصة الفيلم. كما أخذ بعين الاعتبار ثقافة الطفولة، وتلك الكائنات الصغيرة الطريّة العود، فبذل جهده ليجعلهم يتسمرون أمام الشاشة يتلقفون منها السلم بدل الحرب والخير بدل الشرّ.
يروي الفيلم قصة بلال (مؤذّن الرسول) الذي عاش في الجزيرة العربية، واستخدم المخرج عناصر الطبيعة الخلّابة في تلك المنطقة ليضيف إلى إيقاعها التاريخي عنصرًا آخر يتعلّق بالجغرافيا. فعرّف الجيل الجديد إلى طبيعة تلك المنطقة وإلى مساحاتها الرملية الشاسعة (صحارى)، إضافة إلى طبيعة المنازل فيها والمبنية في تلك الحقبة من الطين والخشب، ولم ينس أيضا إبراز الفروسية كإحدى الميزات الرئيسية التي يتحلّى بها الرجل العربي.
«بلال» الذي بدأت عروضه اليوم في عدد من البلدان العربية (بينها دبي ولبنان) بالإنجليزية، سيتم عرضه بسبع لغات أخرى ليحقق الانتشار الذي يرغب فيه منتجوه. ومن بين الممثلين الأميركيين الذين شاركوا فيه بأدائهم الصوتي، توماس ايان نيكولاس وجون كاري ومارك رولستن.
وينقلنا الفيلم إلى حياة مؤذّن الرسول في جميع مراحلها، منذ الطفولة مرورا بالمراهقة وصولا إلى سنّ الشباب. وإلى جانب الإنسانية ومعانيها الحقيقية في تعاليم الإسلام التي تعنون القصّة ككلّ، فإن «بلال» بما عرف من خلق ينقل بسيرته رسائل تبرز قيما أخرى يعيرها الإسلام أهمية كبرى، كدور المرأة في المجتمع (من خلال شخصيتي والدة بلال وشقيقته ومدى تأثّره بكلامهما)، والعمل من أجل نشر السلام والعدالة.
غرف سيناريو الفيلم من أديان أخرى بموضوعية، فذكّرنا بالمسيحيين والبوذيين من خلال تلميحات أدرجها في مشاهد معبّرة ومؤثّرة. ولم يكتف بالإضاءة على الدين الإسلامي فقط، بل عرّج في بعض من محطاته على أديان غيره تصبّ تعاليمها في نفس المجرى الإنساني.
يتخّلل الفيلم مشاهد مؤثرة بينها تلك التي تحكي لحظات انعتاق بلال من العبودية وتخلّصه من قيودها. كما لازم الفيلم الطفولة ببراءتها فقدّمها من خلال شخصيات خفيفة الظلّ (صيّاد التفاح)، ولامس الروحانية عندما أراد تسليط الضوء على الصراع القديم ما بين الخير والشرّ (في مشهد الحرب التي دارت ما بين الوثنيين والمسلمين)، فاستخدم إضاءة قوية للإشارة إلى أن النور (رمز الخير) هو الرابح الدائم.
قطع فيلم «بلال» الشكّ باليقين عندما أظهر ومن خلال عدة مواقف لشخصيات الفيلم بأن جميعنا لدينا نواة المحبة في قلوبنا حتى الأشرار منّا، محاولا بذلك تمرير رسالة إنسانية أخرى إلى الجيل الجديد وهي ألا يحكموا على الظاهر، وأن فقدان العلاقة الحقيقية مع ربّ العالمين بفعل الأنانية والتعلّق بالسلطة والمال هي العناصر التي يمكن أن تؤدي بالناس إلى الدرك الأسفل وهلاك الروح.
ولم يتوان المخرج أيضا عن التذكير بأحاديث نبوية كان يتلفظ بها بلال، وذلك بهدف التشديد على محتواها، فتكون بمثابة الزوّادة التثقيفية التي يحملها المشاهد معه بعد خروجه من الفيلم. ولعلّ المشهد الذي يدور فيه الحديث بين بلال ووالدته، عندما تسأله: «ماذا تريد أن تكون عندما تصبح كبيرا»؟ فيردّ عليها ببراءة وصلابة بأنه سيكون محاربا شجاعا يقتل بسيفه أعداءه دون خوف، هو من المقاطع التي تترك أثرا كبيرا في نفس المشاهد، لا سيما أن جواب والدته جاء بمثابة وصيّة لم ينسها طيلة حياته إذ قالت له: «ما تحلم به هو مشرّف، ولكن تذكّر أن ما يجعلك رجلا عظيما ليس الخيل والسيف بل العيش دون قيود».
فيلم «بلال» وضع دون شك الصناعة السينمائية السعودية على الخريطة العالمية، ويتوقّع له أن يحصد جوائز في مهرجانات دولية.
يذكر أن فيلم «بلال» يبدأ عرضه اليوم في صالات السينما اللبنانية، ومن المنتظر أن يتم إطلاقه في بلدان عربية أخرى قريبا كالكويت والأردن وقطر.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.