«دانهيل» تسحب تراخيص الشماغ والغُترة وتدخل السوق فريدة

تطرحه إكسسوارًا أساسيًا في محلاتها تعبيرًا منها عن احترامها للزبون السعودي

«دانهيل» تسحب تراخيص الشماغ والغُترة وتدخل السوق فريدة
TT

«دانهيل» تسحب تراخيص الشماغ والغُترة وتدخل السوق فريدة

«دانهيل» تسحب تراخيص الشماغ والغُترة وتدخل السوق فريدة

كان الشرق ولا يزال منبعًا غنيًا للغرب، يغرفون من ثقافاته وحضاراته ما يغرفون ليترجمونه في أزياء مفعمة بالسحر والغموض تارة والألوان الدافئة والأقمشة المترفة تارة أخرى. هذه الموجة التي بدأها المصمم المستشرق بول بواريه في بداية القرن العشرين عززها المصمم إيف سان لوران في الستينات والسبعينات ثم جون غاليانو من بعدهما خلال عهده في دار «ديور». بيد أننا بتنا نلاحظ في العقد الأخير غرفًا مختلفًا، تفرضه تحولات السوق والخريطة الشرائية أكثر منه انجذابًا نحو غموض الشرق وسحره، خصوصًا عندما نتكل عن منطقة الشرق الأوسط. فالمصممون، وبيوت الأزياء، عندما يتوجهون إليه، تكون النية غالبًا الاستفادة تجاريًا، إدراكًا منهم أن الزبون الخليجي لا يبخل على نفسه بشيء مهما كان ثمنه، عندما يتعلق الأمر بمظهره وصورته، وهذا طبعًا هو عز الطلب والمنى بالنسبة لصناع الترف والجمال.
المشكلة أن بعضهم تحمسوا أكثر من اللازم وأدلوا بدلوهم في أيقونات، كان حريًا بهم عدم المساس بها، على أساس أن «أهل مكة أدرى بشعابها»، وأكبر مثال على هذا مغامرة دار «دولتشي أند غابانا» مع مجموعة العباءات التي طرحتها مؤخرًا، والتي لم تضف لرصيدهم الفني شيئًا كما لم تُغن خزانة المرأة الخليجية بجديد. صحيح أنها حققت ضجة إعلامية عالمية، ولن نستغرب أن تكون حققت بعض الربح أيضًا، لكن يبقى مستواها الفني مشكوكًا فيه.
العباءة ليست الأيقونة الوحيدة التي تُثير مخاوف صناع الموضة وتجعلهم يترددون في الخوض فيها، فالإكسسوارات أيضًا خضعت لنفس المفهوم، مع فرق مهم أنهم دائمًا اعتمدوا ترويجها وبيعها من خلال وكيل، وبيع حقوق اسم الدار لشركة محلية، وليس أدل على هذا من الشماغ والغترة. فعلى الرغم من أنها تحمل توقيعات عالمية مثل «جيفنشي»، «ديور» وغيرهما، إلا أنها غالبًا ما تباع في محلات خاصة وقلما تجدها في محل الماركة التي تحمل اسمها، وكأنه لا علاقة لها بهما سوى الاسم.
دار «دانهيل» البريطانية صححت هذا الوضع مؤخرًا. فقد رأت أن الغترة والشماغ لا يختلفان عن أي إكسسوار آخر تطرحه للرجل ويتوفر في محلاتها. بعبارة أخرى، فهما بمثابة حقائب اليد الجلدية والكبك والإيشاربات والأحذية وغيرها، إن لم يكونا أهم، لهذا تجدهما في محلاتها الواقعة في كل من الرياض وجدة. وجهة نظرها أن زبونها هنا رجل سعودي يستعمل الشماغ والغترة في حياته اليومية، بغض النظر عن العمر والمناسبة، وبالتالي من حقه أن يحصل عليهما، بجودة عالية ومن دون تعب البحث إن كان يميل إلى أسلوب الدار البريطانية العريقة. ما شجع على هذه الخطوة، أن الدار استعادت التراخيص التي سلمتها سابقا لشركات أخرى، وأصبح من حقها حاليا أن تتعامل مع هذين الإكسسوارين بشكل مباشر، وبمفهوم يعكس احترامها لثقافة المنطقة التي توجد فيها. طبعا لا بد من الإشارة إلى أن فضل كبير في هذا يعود أيضًا إلى شراكتها مع مجموعة «زيد الحسين وإخوانه»، الأمر الذي منحها ثقة أكبر لأن تكون رائدة في هذه التجربة.
المعروف عن «دانهيل» أنها دار تعتز بعراقتها و«بريطانياتها» إلى حد أن اسمها أصبح لصيقا بما يُعرف بأناقة «الجنتلمان الإنجليزي»، لهذا لم يكن غريبًا أن تأتي خطوتها هاته تعكس هذه الثقافة. فقد استعملت في كل شماغ وغترة أجود أنواع المواد، مثل القطن المصري الذي غُزلت خيوطه في مصانع متخصصة ببريطانيا بتقنيات جد عالية. كان مهمًا بالنسبة لها أن تتوفر فيهما كل المواصفات التي يتطلبها الرجل، من الأناقة والجودة التي تتمثل في الانتعاش والألوان القوية التي لا تسيل بسرعة وتفقد توهجها.
المفاجأة التي سيكتشفها الزائر إلى محلات «دانهيل»، في الرياض وجدة، أنه سيجد أكثر من الشماغ والغترة فيهما، لأن الدار حرصت أن ترفقهما بكل ما يحتاجه ويزيده أناقة، مثل نظارات شمسية وأزرار أكمام وأقلام وغيرها. وتصر الدار أن الهدف من كل هذا ليس هدفًا تجاريًا فحسب، بقدر ما هو رغبة في بناء علاقة بعيدة المدى مع زبونها في المنطقة، بتوفير أسلوب حياة متكامل، بعيدًا عن الموضة الموسمية المتغيرة.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.