بوتين يتوجه إلى سمرقند قبل موسكو

أوزبكستان لم تختر خلفًا للرئيس كريموف بعد.. وتصف الزيارة بـ«الخاصة»

رئيس الحكومة الأوزبكية شوكت ميرزييويف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة الأوزبكية شوكت ميرزييويف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن (إ.ب.أ)
TT

بوتين يتوجه إلى سمرقند قبل موسكو

رئيس الحكومة الأوزبكية شوكت ميرزييويف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة الأوزبكية شوكت ميرزييويف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن (إ.ب.أ)

لم يفت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضرورة تأدية واجب العزاء بوفاة الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف ضمن فترة الأيام الثلاثة المخصصة لذلك وفق التعاليم والتقاليد الإسلامية، وقبل أن يتوجه إلى موسكو عائدا من الصين حيث شارك بأعمال قمة العشرين، توقف الرئيس الروسي في سمرقند، وزار ضريح الرئيس الأوزبكي الأول إسلام كريموف، حيث وضع إكليلا من الزهور، وأعرب عن تعازيه لأسرة كريموف وللشعب الأوزبكي. وسائل الإعلام الروسية وصفت الزيارة بأنها «خاصة»، ذلك أن البلاد لم تختر خلفًا لرئيسها الراحل بعد، ولذلك لا يمكن أن تحمل أي زيارة يجريها أي مسؤول أجنبي طابعا رسميا. إلا أن زيارة بوتين لم تكن مجرد مهمة اجتماعية لتأدية واجب العزاء، بل تحمل، وفق ما يرى مراقبون، رسائل حول الرغبة الروسية بالمضي على نهج تعزيز العلاقات مع أوزبكستان، الذي كان قد اعتمده كريموف في السنوات الأخيرة من حكمه.
وكان غياب الرئيس الروسي عن مراسم تشييع كريموف في سمرقند يوم 3 سبتمبر (أيلول) قد طرح تساؤلات عدة في أوساط المراقبين، بينما لم تعر روسيا للأمر ذلك الاهتمام على اعتبار أن بوتين ملتزم بمواعيد مسبقة ضمن عمل قمة مجموعة العشرين، والبروتوكول يسمح في حال كهذه بإيفاد الشخصية الثانية في البلاد، رئيس الحكومة ديمتري ميدفيديف، للمشاركة باسم بلاده في مراسم توديع كريموف إلى مثواه الأخير. ويرى البعض أن بوتين بكل الأحوال ما كان ليتجه إلى سمرقند على الفور على الأقل من وجهة نظر أمنية، حيث لم تتضح الأمور سياسيا في البلاد بعد رحيل الرئيس الذي حكمها بقبضة من حديد ما يزيد على ربع قرن، تاركا وراءه مجموعات من القوى والشخصيات المؤهلة للتناحر فيما بينها على السلطة، فكان لا بد من التريث ولو لبضعة أيام، قبل اتخاذ الخطوة الروسية الأولى نحو أوزبكستان ما بعد كريموف، حين التأكد من استقرار الوضع فيها.
إلا أن الوعود التي قطعها رئيس الحكومة الأوزبكية شوكت ميرزييويف لنظيره رئيس الحكومة الروسية ديمتري ميدفيديف بشأن مستقبل العلاقات مع روسيا، فضلا عن بقاء الوضع في أوزبكستان مستقرا بالمطلق، عوامل شجعت بوتين على اتخاذ الخطوة الأولى، التي قرر الولوج من خلالها نحو مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، لا تختلف عن طبيعة العلاقات خلال السنوات الأخيرة من عهد كريموف، ولذلك قرر بوتين أن يعبر قبل كل شيء عن احترامه، من موقع الصديق، للشعب الأوزبكي وعاداته وتقاليده، حين قرر تأدية واجب العزاء في الوقت المحدد لذلك.
وتتنافس موسكو وواشنطن وبكين على النفوذ في تلك الجمهورية السوفياتية السابقة الواقعة بآسيا الوسطى، والتي تمتلك احتياطات معدنية ضخمة، وتحتل موقعا استراتيجيا شمال أفغانستان على طريق الحرير العتيق للتجارة بين الصين وأوروبا.
وقد آتت زيارة بوتين إلى سمرقند أكلها، وفق ما تدل عليه عبارات رئيس الحكومة الأوزبكية شوكت ميرزييويف، الذي قال مخاطبًا بوتين: «زيارتكم اليوم تحمل الكثير في طياتها، ونحن شاكرون جدا لكم. إنها (الزيارة) سند من صديق حقيقي في الوقت الذي نعيش فيه وتعيش البلاد أوقاتا عصيبة»، وأضاف أن الزيارة «تدل على طبيعة علاقاتكم الشخصية مع الرئيس إسلام كريموف، وعلاقتكم بالشعب الأوزبكي. اليوم في طشقند وفي سمرقند وفي كل البلاد بفخر يقولون إن خطوتكم.. زيارتكم إلى أوزبكستان، تحمل قيمة كبيرة».
وفي الشق السياسي وضع ميرزييويف المعالم الرئيسية للعلاقات مع روسيا في المرحلة المقبلة، وذلك حين أكد لبوتين أن العلاقات مع روسيا «كانت وما زالت وستبقى تحمل طابع شراكة استراتيجية»، متعهدا بمواصلة نهج الرئيس كريموف لتعزيز تلك العلاقات بين البلدين، وتوطيد «الجسر» الذي جرى مده في عهد كريموف مع روسيا.
من جانبه، حرص بوتين على مد الجسور مع القيادة الأوزبكية الحالية، وأكد لميرزييويف أنه يرى كذلك أن العلاقات التي قامت بين روسيا وأوزبكستان «علاقات شراكة استراتيجية»، مضيفًا أن «علاقات طيبة جدا» جمعته مع الرئيس كريموف خلال السنوات الأخيرة، «ولذلك، فإن رحيله شكل خسارة كبيرة لنا»، حسب قول بوتين، الذي أكد لرئيس الوزراء الأوزبكي أن الشعب والقيادة الأوزبكيين يمكنهما بكل ثقة الاعتماد على روسيا بوصفها صديقًا وفيًا. وأعرب بوتين عن أمله في أن يستمر العمل على كل ما تم التأسيس له خلال عهد كريموف، مؤكدًا أن «روسيا من جانبها ستفعل كل ما بوسعها للمضي قدما على درب تطوير العلاقات الثنائية، ولدعم الشعب والقيادة في أوزبكستان».
من ناحية أخرى، قال دبلوماسي أميركي كبير أمس الثلاثاء بعد الاجتماع مع وزير خارجية أوزبكستان عبد العزيز كاملوف في طشقند إن أوزبكستان تريد الحفاظ على علاقة مستقرة مع الولايات المتحدة في الوقت الذي تشهد فيه أول تغيير في القيادة منذ الاستقلال.
والتقى دانييل روزنبلوم، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون آسيا الوسطى، مع كاملوف في ساعة متأخرة من مساء الاثنين.
وكانت تلك أول زيارة يقوم بها دبلوماسي أميركي منذ وفاة كريموف الأسبوع الماضي.
وقال روزنبلوم للصحافيين: «إنني هنا في طشقند هذه الأيام القليلة ممثلا للحكومة الأميركية حتى يتسنى لي تقديم العزاء في وفاة الرئيس كريموف، وأيضا لإظهار استمرار التزامنا بشراكتنا مع أوزبكستان». وأضاف: «نعرف جيدا جدا أن تغيير القيادة يكون صعبا دائما لأي بلد، ونعرف أيضا أن عمليات الانتقال تلك تتيح فرصة لتحديد سبل التكيف، وأيضا اكتساب القوة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».