كم من الوقت سيستغرق الأمر قبل أن يصبح فقدان الثقة بالمدرب أمرًا معقولاً؟ وبأي سرعة ينبغي أن يظهر التحسن على أداء الفريق؟ ليس هذا سؤالاً من السهل الإجابة عليه، ولكنه سؤال تبدو إجابته معتمدة للغاية على سياق الأحداث.
ليفربول مثلاً.. لقد عاد يورغن كلوب الأسبوع الماضي من ملعب وايت هارت لين بتعادل صعب مع توتنهام، وهو الملعب الذي قاد عليه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أول مباراة له في الدوري الممتاز، وكان الانطباع وقتئذ أن الفريق قام بانقلاب كبير باعتماده على واحد من أكثر المدربين إثارة في أوروبا.
تجمهر عشرات المشجعين من كلا الناديين حول ساحة السيارات لالتقاط الصور لكلوب لدى نزوله من حافلة الفريق. من ناحية مشجعي ليفربول، كانت هناك لافتات بعبارات مكتوبة بالألمانية ترحب بالمدرب الجديد، وأخرى تحمل صورة الرجل على علم النادي الذي تتوسطه عبارة «نحن نثق بك». كان 23 من المصورين يحيطون بالمنطقة الفنية لليفربول، فيما كان كلوب يستعد قبل انطلاقة المباراة.
وبعد مرور 10 أشهر، ما زالت شعبية كلوب كما هي. وقع في الصيف على عقد يمتد حتى 2022. وإذا كانت هناك أصوات معارضة، فقد كانت هادئة وقليلة. وربما كان هذا غريبًا بعض الشيء، فحتى كلوب نفسه، بدا مفاجئًا بعض الشيء في المقابلة التي نشرت في مجلة «ستيرن» الأسبوع الماضي.
في عهد كلوب، حصل ليفربول على 1.59 نقطة في كل مباراة. وفي عهد بريندان رودجرز، كان متوسط ليفربول يصل إلى 1.88 نقطة في كل مباراة. ومثل هذه الإحصائيات الواضحة لا تنبئ بالقصة الكاملة.
هناك ادعاء بأن كلوب لا يزال يعمل على تصحيح المشكلات التي خلفها سابقه. لكن هذا ينطبق في حالة تغيير فريق يتراجع قبل أن يعود للتقدم. أوحى كلوب في هذه المقابلة مع مجلة «ستيرن» بأنه ما دام معنيًا بالتدريب وليس شراء اللاعبين بأثمان غالية - وهو ما وصفه بالأمر المرضي - فإنه ليست هناك حلول سريعة. لكن لا يملك المرء مقاومة الإحساس على الأقل بأن كلوب ينبغي أن يتم الصبر عليه.
لقد اعتاد مشجعو ليفربول بالمطالبة بالتضحية بمجرد ظهور أول الإشارات على وجود مشكلة، وهو شيء كان السير أليكس فيرغسون يحمل فيه تلفزيون «الواقع» المسؤولية عنه، عندما يجري تصويت بالتليفون في كل مرة يشعر فيها الجمهور بالملل. ومع هذا فالتاريخ يظهر أن أعظم المدربين يستغرق منهم الأمر وقتًا.
في أول موسم لبرايان كلوف مع ديربي كاونتي وفي نوتنغهام فورست، كان يحتل النصف الأسفل من جدول ترتيب فرق الدرجة الثانية. وفي غضون 5 سنوات كان قد فاز بالدوري مع ديربي، استغرق الأمر منه 3 سنوات مع فورست. أما فيرغسون فكان في عامه السابع مع مانشستر يونايتد عندما فاز بلقب الدوري للمرة الأولى، وكان هيربرت تشابمان في عامه السادس في آرسنال عندما فاز باللقب. في حين أفلت دون ريفي من الهبوط بهامش ضئيل في أول مواسمه مع ليدز، وتطلب منه الأمر 3 سنوات ليصعد، واستغرق بيل شانكلي نفس المدة في ليفربول (حتى لو كان فريقه احتل المركز الثالث في الدرجة الثانية، وخسر الصعود بفارق مكان واحد، بعد عامين على توليه المسؤولية).
أصبحنا نشهد لعبة مختلفة الآن، وتأثير المال يعني أن المقاييس التي يتوقع أحد الأندية العمل وفقًا لها تغيرت، وأن احتمال الهبوط لمستوى دون المتوقع أمر مرعب للمديرين والمالكين. في كثير من الأحيان يتضح سريعًا أن المدرب والنادي غير متوافقين ببساطة، وعندما يكون الأمر كذلك، تميل النهاية السريعة لأن تكون هي أفضل الخيارات للجميع.
اعتاد سندرلاند أن يضحي بمدرب كل عام كبش فداء. لكن عندما يتخيل المرء تواضع بدايات كلوف وشانكلي وريفي وفيرغسون، ويضعها في السياق الراهن، لا يملك إلا أن يفكر بكثير من الكفاءات التدريبية العظيمة التي يتم القضاء عليها في مهدها.
في اللحظة الراهنة لا يزال كلوب مدعومًا بمستوى مرتفع من التوقعات، ويعود هذا جزئيًا إلى امتلاكه الكاريزما، وإنجازاته في ماينز وبوروسيا دورتموند ولأنه قدم فترات من التألق والتميز. وظهر هذا بوضوح في الفترات التي كان ليفربول يقدم خلالها مستويات جيدة، في الفوزين على مانشستر سيتي الموسم الماضي، أو في النجاحات في الدوري الأوروبي ضد فياريال ودورتموند. وفضلاً عن هذا، كانت كرة ليفربول رائعة. وإذا كان بمقدور ليفربول أن يحافظ على بعض الثبات في الأداء بهذه الطريقة لكان أفضل فريق في العالم.
لكن الاستقرار في الأداء هو المشكلة. تألق ليفربول خلال 20 دقيقة (ضد منافس مستسلم بوضوح) من عمر الشوط الثاني ضد آرسنال في الأسبوع الأول وكان هذا كافيًا ليفوز (4/ 3). أما الدقائق الـ70 الأخرى، فكانت أقل إقناعًا، وتبدو هذه المشكلة أكثر خطورة بعد الهزيمة بهدفين دون رد أمام بيرنلي.
يستطيع ليفربول الهجوم، إذا فتح المنافس ملعبه وبادر بالهجوم، وترك مساحات خالية. ويمكنه فرض كلمته من الناحية البدنية على الفرق غير الحريصة على القتال. لكن هل يستطيع الفريق الدفاع؟ هل يستطيع اختراق الفرق التي تلعب بخط دفاعي محكم مكون من 4 لاعبين، وتتراجع لعمق ملعبها؟ وهل يستطيع فعليًا أن يحول جوردان هندرسون إلى سيرجيو بوسكيتس؟
سوف يعثر كلوب على الإجابات (ويمكن أن يكون اللاعب إمري حلاً بسيطًا لهذه المسألة الأخيرة). قد تكون نتيجة مباراة بيرنلي جرس إنذار مفيدًا ضد أي إحساس بأن المهمة شبه منتهية، لكن إذا لم تكن كذلك، وإذا استمر ليفربول في التراوح بين التألق والأداء العادي كما فعل في الموسم الماضي، فسيكون من المثير أن نرى كم من الوقت سيستمر الصبر على المدرب.
إلى متى تستمر ثقة ليفربول بالمدرب يورغن كلوب؟
التسامح مع مشكلة تذبذب المستوى التي تشوب عروض الفريق لن يستمر طويلاً
إلى متى تستمر ثقة ليفربول بالمدرب يورغن كلوب؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة