الاشتباكات متواصلة في حلب.. والمعارضة تنفي انسحاب الفصائل من المعركة

الائتلاف: إعادة الحصار لأحياء حلب تقوض فرص التوصل لإيجاد حل للأزمة

صورة تظهر الدمار الذي لحق بالمجمع العسكري بعد هجوم من قوات النظام مدعومة بحلفائها لاستعادة المنطقة بجنوب حلب من الفصائل المعارضة (رويترز)
صورة تظهر الدمار الذي لحق بالمجمع العسكري بعد هجوم من قوات النظام مدعومة بحلفائها لاستعادة المنطقة بجنوب حلب من الفصائل المعارضة (رويترز)
TT

الاشتباكات متواصلة في حلب.. والمعارضة تنفي انسحاب الفصائل من المعركة

صورة تظهر الدمار الذي لحق بالمجمع العسكري بعد هجوم من قوات النظام مدعومة بحلفائها لاستعادة المنطقة بجنوب حلب من الفصائل المعارضة (رويترز)
صورة تظهر الدمار الذي لحق بالمجمع العسكري بعد هجوم من قوات النظام مدعومة بحلفائها لاستعادة المنطقة بجنوب حلب من الفصائل المعارضة (رويترز)

تواصلت المعارك العسكرية في جنوب غربي حلب، إثر تقدم النظام وسيطرته على مقرات عسكرية كان قد خسرها الشهر الماضي، مما يعيد الحصار على أحياء حلب الشرقية مرة جديدة، وهو ما وجد فيه الائتلاف الوطني السوري «تقويضًا لفرص التوصل إلى أي اتفاق بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا لإيجاد حل في سوريا».
وأثار التقدم المفاجئ لقوات النظام في منطقة كلية المدفعية، أسئلة عن شكل الهجوم وما إذا كان استباقًا لاجتماع وزيري الخارجية الروسي والأميركي لفرض اتفاق الهدنة في سوريا، في حين أظهرت الرسالة المسربة التي وجهها المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا مايكل راتني إلى فصائل المعارضة السورية، شروطًا وضعتها واشنطن على موسكو لتنفيذ الاتفاق، بينها انسحاب النظام من طريق الكاستيلو، وإنهاء القتال حول طريق الراموسة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى حلب من خلال كل من طريقَي الراموسة والكاستيلو.
وقال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني، عبد الأحد اسطيفو، إن «هناك طرفًا لا يريد أن يعيد الهدنة ولا الوصول إلى أي اتفاق على شكل الحل، وهذا واضح من خلال استمرار نظام الأسد وشريكته روسيا والميليشيات المقاتلة إلى جانبه في المعارك وحصار أحياء حلب الشرقية من جديد»، لافتًا إلى أن «نهج النظام في القتل ما زال مستمرًا، وهو الذي يعرقل اتفاق التهدئة، ولا شك أن تطبيق القرارات الدولية بشأن سوريا بشكل حقيقي يجبره على العودة إلى طاولة المفاوضات التي تفضي إلى تركه للسلطة».
وبالتزامن، أكد عضو الهيئة السياسية، ياسر الفرحان، أن نظام الأسد يصعد هجماته العسكرية رغم محاولات الدول الإقليمية والدولية عقد اتفاق بشأن سوريا، وذلك بهدف تقويض الحلول والفرص.
وبينما بثت وسائل الإعلام النظامية صورًا تظهر استعادته السيطرة على الكليات العسكرية جنوب غربي حلب، قالت المعارضة السورية إن المعارك «مستمرة في المنطقة، حيث لم يتمكن النظام من تثبيت نقاطه بعد». وقال نائب رئيس «محافظة حلب حرة»، منذر سلال، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام السوري «وضع كل قوته لإغلاق طريق الراموسة والسيطرة على طريق المعارضة بالاتجاه الجنوبي لحلب»، مشيرًا إلى أن «المعارك لا تزال على أشدها بالمنطقة». وأضاف: «لا نعرف إذا كان هناك قرار لدى النظام بالسيطرة عليه بعد مطالبتنا بإدخال المساعدات عبر الراموسة وليس عبر طريق الكاستيلو الخاضع لسيطرة النظام، وبالتزامن مع الجهود الروسية الأميركية لفرض اتفاق هدنة».
وقال سلال إن النظام «بات قادرًا على قطع طريق حلب، بسيطرته على تلة المحروقات وكلية المدفعية، بالنظر إلى أن الطريق من الريف الجنوبي والغربي إلى أحياء حلب الشرقية طويل»، لكنه أكد أن المعارك «متواصلة، وانطلقت من داخل الراموسة التي باتت مفتوحة على أحياء حلب، ومن خارجها»، على الرغم من أن جهود توحيد الفصائل في داخل حلب وخارجها، لم تنجح بعد.
تلك المعلومات، أكدها القيادي في حركة «أحرار الشام»، محمد الشامي، لـ«الشرق الأوسط»، نافيًا في الوقت نفسه المعلومات التي تحدثت عن إخلاء مقاتلين تابعين لحركته مواقعهم، إثر هجوم النظام. وقال: «غير صحيح إخلاؤنا أيا من المواقع العسكرية، وأننا نؤكد ثباتنا في مواقعنا والقيام بدورنا في المعركة». وقال الشامي إن قوات النظام «شنت هجومًا عنيفًا على منطقة الكليات العسكرية في محاولة لاسترداد المواقع التي خسرتها في الكليات»، مشيرًا إلى أن النظام «سيطر على قسم من كلية التسليح»، رغم أنه استطاع قطع طريق الإمداد إلى حلب. ولفت إلى أن «المشروع 1070 شقة في الحمدانية لا يزال تحت سيطرة الثوار». وأشار الشامي إلى أن القصف الجوي الروسي «كان عنيفًا جدًا، بموازاة دفع النظام وحلفائه بتعزيزات إلى المنطقة ما بدا على أنها معركة وجود بالنسبة إليه».
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد بأن قوات النظام وما يسمى «حزب الله» اللبناني مدعومة بالمقاتلين الإيرانيين ومسلحين موالين للنظام من جنسيات سورية وعربية وآسيوية، تمكنوا من التقدم والسيطرة على كلية المدفعية عقب سيطرتها على كلية التسليح والمدرسة الفنية الجوية، أول من أمس. وجاءت هذه السيطرة عقب هجوم عنيف نفذته قوات النظام والمسلحون الموالون لها على المنطقة، واشتباكات مع الحزب الإسلامي التركستاني وجبهة فتح الشام والفصائل المقاتلة والإسلامية والمقاتلين الأوزبك، بغطاء من قصف الطائرات الروسية وطائرات النظام، وقصف صاروخي استهدف منطقة الكليات ومواقع الفصائل فيها.
وكان جيش الفتح استطاع عبر معركة من أربع مراحل السيطرة على جميع المواقع والمناطق الخاضعة للقوات النظامية التي كانت تفصل الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة بحلب عن جنوبها الغربي، إذ تمكن من فك الحصار عن الأحياء في السادس من الشهر الفائت، ليعود النظام ويحاصرها مجددا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.