وفد إيراني يفشل في وساطته بين جناحي حزب طالباني.. ويعود خائبًا إلى طهران

قيادي كردي: قادة «مركز القرار» أبلغوا طهران بأن «الاتحاد الوطني» لن يُدار مثل السابق أبدًا

وفد إيراني يفشل في وساطته بين جناحي حزب طالباني.. ويعود خائبًا إلى طهران
TT

وفد إيراني يفشل في وساطته بين جناحي حزب طالباني.. ويعود خائبًا إلى طهران

وفد إيراني يفشل في وساطته بين جناحي حزب طالباني.. ويعود خائبًا إلى طهران

كشف قيادي كردي بارز أمس أن الوفد العسكري الأمني الإيراني الذي وصل إلى مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق للوساطة بين جناحي «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، عاد إلى إيران أمس خائبا دون أن يحقق ما جاء من أجله. بينما حذر المجلس المركزي للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه عادل مراد، القيادي المقرب من إيران، أمس، كوادر وأعضاء الاتحاد الوطني من الإدلاء بتصريحات شديد اللهجة، متوعدا المخالفين بأقسى العقوبات.
وقال القيادي الكردي البارز لـ«الشرق الأوسط»، مفضلا عدم ذكر اسمه: «التدخلات الإيرانية في شؤون الاتحاد الوطني الكردستاني ليست بجديدة، فهي باستمرار على الخط منذ نشوء الخلافات بين قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، وأبرز مثال على ذلك اتفاقية طهران التي جمعت كوسرت رسول علي وبرهم صالح، نائبي الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، مع هيرو إبراهيم أحمد، زوجة الرئيس السابق جلال طالباني والأمين العام للاتحاد، ونصت هذه الاتفاقية الخاصة بإدارة الاتحاد الوطني على أن تتولى هيرو مالية الحزب ويتولى كوسرت رسول علي، النائب الأول لطالباني في الحزب، الجانبين السياسي والإداري، فيما يتولى النائب الثاني برهم صالح السلك الدبلوماسي للحزب، لكن هذه الاتفاقية فشلت ولم تتمخض عنها أي نتيجة».
وأردف بالقول: «هذه المرة المشكلات داخل الاتحاد الوطني تعمقت أكثر مما كانت عليه في السابق، لذا لاحظنا مجيء الوفد الإيراني إلى السليمانية بعد أقل من 24 ساعة من إعلان نائبي الأمين العام للاتحاد الوطني وعدد من قياداته، تشكيل (مركز القرار) للحد من ممارسات الجناح المحتكر المتمثل في جناح هيرو إبراهيم أحمد.. هذا الوفد جاء هذه المرة لتدارك الموضوع والعمل مرة أخرى لصالح هيرو المقربة وجناحها من طهران، لكن المحاولة الإيرانية باءت بالفشل».
وكشف القيادي: «محاولات إيران للوساطة بين الجناحين مستمرة منذ نحو شهرين، ومن ثم زيارة وفد من الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة برهم صالح (أحد مؤسسي مركز القرار) إلى إيران. الوفد تألف من شالاو كوسرت رسول القيادي في الاتحاد الوطني الذي كان يمثل والده النائب الأول للأمين العام للاتحاد، إضافة إلى القيادي في الحزب عدنان حمه مينا، ممثل الجانب العسكري للحزب، والقيادي أرسلان بايز، وعدد آخر من مسؤولي الحزب. إيران كانت تهدف من خلال تلك الدعوة لبرهم صالح وقيادات الاتحاد إلى ثنيهم عن أي خطوة أو انشقاق أو أي مشكلة داخل صفوف الاتحاد الوطني، وتمكنت من السيطرة على الوضع الداخلي للاتحاد لمدة محدودة، لكن ازدادت التدخلات، خصوصا في موضوع منصب رئيس مجلس محافظة السليمانية وزيادة احتكار الجناح المتنفذ وشخص هيرو إبراهيم أحمد للاتحاد الوطني الكردستاني، وكل هذه التصرفات من قبل هيرو وجناحها دفعت بجناح نائبي الأمين العام للاتحاد إلى إصدار بيان أعلنوا فيه عن تشكيل (مركز القرار) داخل الاتحاد الوطني، وحتى قبل لحظات من إصدار بيان (مركز القرار) إيران وكل أجهزتها الأمنية والعسكرية كانت في خضم هذه الأحداث، وطلبت طهران من مجموعة (مركز القرار) أن تؤخر إذاعة بيانها لعدة أيام من أجل التوصل إلى حل، لكن إيران لم تستطع تحقيق ما كانت تريده هذه المرة»، مشيرا إلى أن «الوفد الإيراني الذي كان يتكون من مسؤولين في الحرس الثوري وجهاز الاستطلاعات عاد إلى طهران خائبا، لأن المشكلات تعمقت أكثر ولم يتمكن من احتوائها». وسلط القيادي الضوء على الإجابة التي تلقاها الوفد الإيراني من برهم صالح وكوسرت رسول وقيادات الاتحاد الوطني ضمن مجموعة «مركز القرار»، وأضاف: «أبلغوا الوفد بأن الاتحاد الوطني الكردستاني لن يُدار مثل السابق، ولمحوا للوفد الإيراني بأن (مركز القرار) لن يقبل بإثارة الفوضى في الاتحاد الوطني الكردستاني»، مشيرا إلى أن الوفد الإيراني طالب نائبي طالباني بتشكيل قيادة مشتركة لإدارة الاتحاد الوطني الكردستاني تتكون منهما ومن عقيلة طالباني.
وتابع القيادي أن «محاولات الوفد الإيراني كانت من أجل إعادة المفاوضات بين الجانبين، وتكثيف المحاولات لتنظيم مؤتمر الاتحاد الوطني، ومن ثم الانتقام من قيادات مركز القرار خلال المؤتمر، حيث منح جناح هيرو مجموعة من المناصب الحزبية التي توفر لأصحابها حق العضوية في المؤتمر من أجل معادلة القوى داخل المؤتمر، لكن (مركز القرار) أفشل هذه المحاولات».
من جهته، هدد المجلس المركزي (بمثابة البرلمان الداخلي للاتحاد الوطني الكردستاني)، الذي يتزعمه القيادي في الاتحاد الوطني عادل مراد المقرب من النظام الإيراني ومن جناح هيرو إبراهيم أحمد، أمس، قيادات وكوادر الحزب بـ«المساءلة والعقوبة فيما إذا لم يلتزموا بتعليماته وأدلوا بتصريحات شديدة اللهجة وغير مسؤولة». وبحسب كوادر الاتحاد الوطني، فإن «عادل مراد يعمل، وبأوامر مباشرة من طهران، لتقوية جناح عقيلة طالباني ومساعدتها في السيطرة واحتكار الحزب بشكل أكبر، حفاظا على المصالح الإيرانية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.