قوات النظام تحاصر أحياء حلب الشرقية مجددًا بمساندة الطيران الروسي

أعلنت سيطرتها على الكلية الفنية والتسليح وتلال الجمعيات

قوات النظام تحاصر أحياء حلب الشرقية مجددًا بمساندة الطيران الروسي
TT

قوات النظام تحاصر أحياء حلب الشرقية مجددًا بمساندة الطيران الروسي

قوات النظام تحاصر أحياء حلب الشرقية مجددًا بمساندة الطيران الروسي

على وقع المعارك العنيفة والقصف الجوي المكثف استعادت قوات النظام والمجموعات الموالية لها، السيطرة يوم أمس على كلية التسليح والكلية الفنية الجوية في منطقة الراموسة في حلب على المشارف الجنوبية الغربية لتعود وتحاصر أحياء المدينة الشرقية مجددا.
وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن قوات النظام استعادت السيطرة على الكلية الفنية الجوية وكلية التسليح بشكل كامل وعلى أجزاء واسعة من كلية المدفعية وتلال الجمعيات ما أعاد الأحياء الشرقية إلى دائرة الحصار مجددا.
وأشار «مكتب أخبار سوريا» إلى أن قوات النظام حاصرت مجددا جميع الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة شرق وجنوب حلب، والبالغ عددها أكثر من 60 حيا، بعد سيطرتها على منطقة الكليات الواقعة على طريق الراموسة، المعبر الوحيد الواصل بين مناطق المعارضة في المدينة وريفها، وذلك إثر اشتباكات بين الطرفين بدأت فجر أمس.
وأفادت شبكة «شام» بأن قوات النظام استعادت السيطرة على كافة الكليات العسكرية في منطقة الراموسة جنوب مدينة حلب بعد هجوم بري عنيف مدعوم بالآليات الثقيلة وبمساندة جوية من الطيران الروسي الذي شن خلال الأيام الأخيرة عشرات الغارات الجوية باستخدام أسلحة محرمة دوليا، ولا سيما بالقنابل الفسفورية وقنابل النابالم.
ولم يكن الهجوم الذي شنته قوات النظام أمس، الأول من نوعه، إذ حاولت منذ أن تم فك الحصار عن مدينة حلب عشرات المرات التقدم والسيطرة على الكليات العسكرية وتلال القراصي والجمعيات وقرية العامرية ومشروع 1070 شقة، ولكنه فشل في غالبها، بحسب الشبكة.
من جهته، قال مصدر أمني سوري لوكالة الصحافة الفرنسية: «تمكن الجيش صباح اليوم (أمس) من إحكام السيطرة على كلية التسليح»، وكان استعاد سابقا السيطرة على المدرسة الفنية الجوية إلى الشمال منها، وكلتاهما تقع جنوب مدينة حلب. وأوضح أنه في حال سيطر الجيش على كامل منطقة الكليات العسكرية «سيتمكن من إحكام الحصار على المسلحين في الأحياء الشرقية ومنطقة الراموسة المحاذية». ويرى عضو اللجنة الإعلامية في الائتلاف الوطني السوري أحمد رمضان، أن «روسيا عملت على استخدام طيرانها بشكل مكثف في منطقة الراموسة، وعلى نحو يظهر سياسة الأرض المحروقة، وقد اضطر الثوار للانسحاب إلى مواقع أخرى لتفادي شدة القصف، ولكن لا توجد حركة للميليشيات على الأرض حتى الآن في المنطقة التي تم إخلاؤها، وما زالت المنطقة عسكرية ومنطقة اشتباك». وتابع بقوله، إن «التركيز على جبهات أخرى ربما أدى إلى الحد من الاهتمام بجبهة حلب، ونعتقد أنه ينبغي الآن إعادة تجميع القوى ودفع العدو إلى الانكفاء إلى الخلف، خصوصا أن الميليشيات الطائفية والإرهابية التي جلبها الحرس الثوري الإيراني لغرب حلب غير قادرة عبر القتال طويل المدى»، مؤكدًا أن الأيام المقبلة ستشهد معركة أخرى لإعادة فك الحصار عن حلب، وعدم السماح باستمراره، «وسنشهد دخول وحدات قتالية جديدة من الجيش الحر وجيش الفتح، بغض النظر عن المشاورات الروسية الأميركية».
ومدينة حلب مقسمة منذ عام 2012 بين أحياء شرقية واقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة وأحياء غربية تسيطر عليها قوات النظام.
وتدور منذ 31 يوليو (تموز) الماضي معارك عنيفة في جنوب مدينة حلب إثر هجمات أطلقها تحالف «جيش الفتح»، وهو عبارة عن فصائل مقاتلة وجهادية أهمها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) ضد مواقع قوات النظام. وتمكنت هذه الفصائل المقاتلة بعد أسبوع، من التقدم والسيطرة على منطقة الكليات العسكرية وفك حصار فرضته قوات النظام لنحو ثلاثة أسابيع على أحياء المدينة الشرقية عبر فتح طريق إمداد جديد يمر من منطقة الراموسة المحاذية.
ومنذ ذلك الحين كانت قوات النظام تسعى إلى استعادة المواقع التي خسرتها وإعادة تطويق الأحياء الشرقية.
وعلى الرغم من فك الحصار عن الأحياء الشرقية قبل نحو شهر، وتمكن الفصائل والتجار في البداية من إدخال بعض البضائع إليها، فإن طريق الراموسة الجديد يعتبر في حكم المغلق منذ نحو عشرة أيام مع اشتداد حدة المعارك واستهدافه ناريا من قبل قوات النظام.
وأفادت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن أن أصوات القصف الجوي في منطقة الاشتباكات مسموعة في الأحياء الشرقية بوضوح، مشيرة إلى أن سكان هذه الأحياء فقدوا الأمل من إعادة فتح طريق إمداد جديد إليهم، وقد باتت الأسواق خالية من البضائع.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».