تصاعد حدة التوتر على طرفي الحدود بين روسيا والـ«ناتو» يقلق برلين

شتاينماير يدعو إلى التهدئة مع موسكو وبدائل عن معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا

وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتانمير والأمين العام لحلف الـ«ناتو» ينس ستولتينبرغ  في مؤتمر صحافي في برلين
وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتانمير والأمين العام لحلف الـ«ناتو» ينس ستولتينبرغ في مؤتمر صحافي في برلين
TT

تصاعد حدة التوتر على طرفي الحدود بين روسيا والـ«ناتو» يقلق برلين

وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتانمير والأمين العام لحلف الـ«ناتو» ينس ستولتينبرغ  في مؤتمر صحافي في برلين
وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتانمير والأمين العام لحلف الـ«ناتو» ينس ستولتينبرغ في مؤتمر صحافي في برلين

أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتير شتاينماير عن قناعته بضرورة اتخاذ إجراءات على طرفي الحدود بين روسيا والاتحاد الأوروبي لاستعادة الثقة، وذلك في وقت تشعر فيه موسكو بالقلق إزاء نشر الـ«ناتو» لأعداد متزايدة من قواته قرب حدودها، بينما يبدي الاتحاد الأوروبي قلقه من النشاط العسكري الروسي، لا سيما المناورات التي يجريها الجيش الروسي بكثافة، وآخرها مناورات واسعة نهاية شهر أغسطس (آب) في عدد من المناطق الروسية، بما في ذلك القريبة من الحدود مع أوكرانيا. على خلفية هذا المشهد يرى شتاينماير ضرورة أن يتوصل الطرفان إلى موقف موحد بخصوص مسألة التوتر في أوروبا، وأعاد إلى الأذهان الدعوات المتكررة التي وجهتها روسيا لحلف شمال الأطلسي ببدء حوار حول معاهدة جديدة للأسلحة التقليدية في أوروبا، داعيًا إلى استغلال تلك الدعوات وإطلاق نقاشات بهذا الشأن، على أن تجري في إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وفق ما يقترح شتاينماير.
وفي أول تعليق رسمي روسي على اقتراح شتاينماير قال قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما (مجلس النواب الروسي) إنه على موسكو أن تعد اقتراحاتها بهذا الصدد وأن «تصيغ مبادرة من شأنها أن تشكل أساسا لمعاهدة مبدئية في مجال الأمن والرقابة على التسلح». ورأى كوساتشوف أن عرض شتاينماير لتلك المبادرة «أمر يمكن تفهمه لأن التهديدات لأمن أوروبا جدية اليوم أكثر من أي وقت مضى»، معربا عن قناعته بالحاجة الماسة لتدابير الثقة في القارة الأوروبية، مشددًا على أنها «ليست ضرورية فحسب، بل ولا بديل عنها».
وتجدر الإشارة إلى أن أوروبا تعيش منذ ثماني سنوات ونصف تقريبا دون أي معاهدات تضبط وتنظم تحركات وكميات وأنواع الأسلحة التقليدية التي يجري نشرها على الحدود بين دول المنطقة، لا سيما الحدود بين روسيا والدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو. وكانت روسيا قد أعلنت في الحادي عشر مارس (آذار) 2015 عن قرارها بالانسحاب التام من معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا، وذلك حين صرح ألكسندر مازور، رئيس الوفد الروسي في محادثات فيينا حول مسائل الأمن العسكري والرقابة على التسلح عن انسحاب الوفد الروسي من المجموعة المشتركة للمشاورات حول معاهدة الأسلحة التقليدية المبرمة منذ 26 عامًا، ولم تعد قابلة للتنفيذ بعد انضمام عدد كبير من الدول الأعضاء سابقًا في حلف وارسو إلى حلف الناتو، الأمر الذي دفع روسيا عام 2007 للإعلان عن تجميد العمل بالتزاماتها بموجب تلك المعاهدة، داعية الأطراف المشاركة فيها إلى إطلاق مشاورات لتعديلها بما يتناسب مع الواقع المستجد بعد سقوط حلف وارسو.
ويعود تاريخ معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا إلى عام 1990، حينها وقع حلف وارسو وحلف الـ«ناتو» تلك المعاهدة بغية الحد من التوتر على الحدود بين الجانبين. وقد نظمت المعاهدة حجم وطبيعة القوات التي يحق لكل طرف نشرها على أراضيه بالقرب من حدود الطرف الآخر، وذلك تفاديا للتصعيد أو وقوع حوادث تؤدي إلى مواجهات مفتوحة بين الجانبين. إلا أن الأمور سرعان ما تغيرت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وما تلا ذلك من انضمام عدد من دول حلف وارسو إلى حلف الـ«ناتو»، حيث تمكن الأخير من تعزيز قواته التقليدية على الحدود مع روسيا، مما أدى إلى إخلال بموازين القوى، وشكل انتهاكا لروح معاهدة الأسلحة التقليدية. وفي عام 1999، خلال قمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي استضافتها إسطنبول حينها، وقعت الأطراف اتفاقية حول تعديلات على معاهدة الأسلحة التقليدية بغية إعادة التوازن بين القوى في أوروبا، إلا أن دول الـ«ناتو» لم تظهر رغبة بالمصادقة على تلك الاتفاقية، وهو ما دفع روسيا في نهاية المطاف إلى تجميد العمل بالمعاهدة لمدة سبع سنوات، والانسحاب منها أخيرا عام 2015 بعد أن فقدت الأمل في الاتفاق على صيغة جديدة لتلك المعاهدة.
ويرى الخير السياسي فيدور لوكيانوف المقرب من مراكز القرار في روسيا أن «الأمر الواقع اليوم هو أننا عدنا إلى المواجهة السياسية - العسكرية مع أوروبا، مثلما كانت الحال عليه إبان الناتو وحلف وارسو»، وعليه يرى لوكيانوف أن اقتراح شتاينماير «لتوقيع اتفاقية في مجال الأسلحة التقليدية أمر ملح للغاية»، لافتًا إلى ضرورة «مراقبة التهديدات والمخاطر، ووضع آليات رقابة، والتوصل إلى شفافية في المعلومات حول التسلح»، وختم معربًا عن يقينه بأنه «من شأن هذا كله أن يخفف من حدة التوتر العسكري في أوروبا».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».