زعيم «داعش» يجري مقابلات لاختيار خليفة للعدناني

يتقدم المرشحين تركي البنعلي والسوري «أبو لقمان»

ابو محمد العدناني - تركي البنعلي
ابو محمد العدناني - تركي البنعلي
TT

زعيم «داعش» يجري مقابلات لاختيار خليفة للعدناني

ابو محمد العدناني - تركي البنعلي
ابو محمد العدناني - تركي البنعلي

يجري زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، مقابلات في مدينة الرقة لمرشحين لخلافة المتحدث الإعلامي باسم التنظيم، أبو محمد العدناني، الذي قتل في غارة جوية قبل أيام، تنازع الأميركيون والروس القيام بها.
ونشرت صحيفة الـ«صنداي تايمز» البريطانية القائمة المختصرة للمرشحين لمنصب العدناني في التنظيم، الذين يتقدمهم البحريني تركي البنعلي، والسوري علي موسى الشواخ (أبو لقمان).
ويبلغ تركي 32 عاما، ويعتبر الآن أرفع المنظرين لدى التنظيم، وتنسب إليه ورقة شرعية برر فيها اغتصاب النساء الإيزيديات اللائي استعبدهن التنظيم في العراق، وهناك تقارير تتحدث عن وصوله لأرفع مناصب المستشارين الشرعيين للتنظيم، ويذكر بعضها أنه ترقى إلى منصب «مفتي داعش».
أما أبو لقمان فيبلغ من العمر 43 عاما، وكان أول حاكم للرقة بعد احتلال «داعش» لها، ويعتقد أنه المشرف على تجارة «داعش» في النفط من الآبار التي استولى عليها التنظيم، وقد أُعلن أكثر من مرة أنه قتل في غارة لقوات تحالف مكافحة الإرهاب، لكن ما يبدو مؤكدا أنه تعرض للطعن مرة على يد مقاتل ليبي في «داعش»، احتجاجا على طريقة معاملته للمقاتلين الأجانب في التنظيم، وقد نشط أبو لقمان لصالح التنظيم في العراق من قبل، ويعد من أهم القيادات التي تقوم بتجنيد المقاتلين الأجانب للتنظيم.
ويعتبر المراقبون العدناني «المهندس الرئيسي» للهجمات التي ضربت عدة دول غربية، وقد لعب دورا قياديا في تجنيد المتطرفين في تنظيم القاعدة في العراق، وبعدها في تنظيم داعش.
وبعدما وصفه بـ«المهندس الرئيسي» للعمليات الخارجية لتنظيم داعش، والمتحدث الرئيسي باسم التنظيم، أوضح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، بيتر كوك، أن العدناني «نسق تحرك مقاتلي تنظيم داعش في العراق والشام، وشجع مباشرة أفرادا على شن هجمات على مدنيين وأعضاء في الجيش، ونشط في تجنيد أعضاء جدد للتنظيم».
وحين ظهر العدناني خلال شهر رمضان الماضي، الموافق 21 مايو (أيار)، كانت رسالته التوجيهية واضحة بتنفيذ هجمات ضد الدول الأوروبية والولايات المتحدة، حين قال: «اجعلوا هذا الشهر شهر المصائب على الكفار، في كل مكان. والدعوة موجهة خصوصًا لأنصار الخلافة (المزعومة) في أوروبا وأميركا»، وأخذت العمليات بعدها و«الذئاب المنفردة» تنشط بكل ما لديها من إمكانات في مختلف الدول الأوروبية، دهسًا وتفجيرًا وطعنًا ومحاولات قتل فاشلة في كل اتجاه.
ويقول مسؤول آخر في وزارة الدفاع الأميركية إن العدناني هو «أحد أكبر قادة تنظيم داعش، وإنه كان أكبر بكثير من مجرد متحدث باسم التنظيم». وأوضح مسؤول أميركي أن العدناني لعب دورا كبيرا في عدد من الهجمات الكبيرة في 2015، بما في ذلك الاعتداءات التي شهدتها باريس، ومطعم في بنغلاديش، وكذلك في إسطنبول، ومطار بروكسل، وفي شبه جزيرة سيناء المصرية، والتفجير الانتحاري في أنقرة. لكن الـ«صنداي تايمز»، نقلا عن خبراء، أشارت إلى صعوبة ملء الفراغ الذي خلفه العدناني، ليس فقط لتعدد الأدوار التي كان يقوم بها، إلى جانب كونه المتحدث الإعلامي، ولكن لمكانته أيضا.
فقد كان العدناني أحد القلائل من قيادات التنظيم المؤسسين، وله تاريخ مع تنظيم القاعدة، ثم «القاعدة في العراق» بقيادة الأردني أبو مصعب الزرقاوي، وهو سوري من محافظة إدلب (جنوب غربي حلب)، ولد عام 1977، وانخرط في الجهاد منذ أوائل الـ2000 حين بايع أبو مصعب الزرقاوي، ثم انتقل إلى العراق مع بدء الغزو الأميركي في 2003، وتنقل في مواقع متشددة عدة، وصولا إلى تعيينه متحدثا باسم تنظيم داعش، وقد سجن في العراق لخمس سنوات بين عامي 2005 و2010.
غير أن الدكتور هاني السباعي، مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن، أشار في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» إلى أن خلافة البغدادي باطلة شرعا، مضيفا: «فندت من قبل شبهاتهم عام 2014 في مناظرات شرعية، وأكدت أن خلافتهم قامت على مجموعة من المجاهيل غير المعروفين لعلماء المسلمين، أو للتيارات الأصولية على مستوى العالم، وأنهم خوارج جدد أعملوا السيف في المسلمين قتلا وتفجيرا». وقال إن منصب الخلافة «في الأصل رحمة، إلا أن خلافة البغدادي منذ ظهور الدولة كانت نقمة وعذابا على المسلمين حول العالم».
وأوضح السباعي أن البنعلي لا قيمة له في عالم الفتوى أو الحرب أو العسكرية، وربما مكانته كانت مجرد واعظ شرعي لا أكثر، وهذا حجمه الحقيقي، ولا يمكن مقارنته بالعدناني، لأن الأخير يعتبر من مؤسسي التنظيم منذ البداية، معتبرا أن أبو لقمان والي الرقة، وهو أكبر سنا، ولديه أنصار ومؤيدون، وهو أبرز منافسي العدناني، وقد لا يسمح للبنعلي بتبوء المنصب الجديد.
ونقلت الـ«صنداي تايمز»، عن خبير الإرهاب كولن كلارك في مؤسسة راند الأميركية، قوله إنه يصعب أن يقوم شخص بمهام العدناني التي اكتسبها بالخبرة الطويلة.
وأوضح خبراء مكافحة الإرهاب إلى احتمال تقسيم مهام العدناني على أكثر من شخص، ما إن يتم اختيار المتحدث الإعلامي من بين المرشحين. وبحسب مسؤولين أميركيين، ومختصين بمحاربة الإرهاب، لا يزال «داعش» يتمتع بقدر كبير من المرونة رغم الخسائر الكبيرة، ولديه خطط بديلة لاستبدال حتى كبار قادته، مثل أبو بكر البغدادي، حال تعرض للقتل. وعبر ويليام مكانتس، الباحث بمعهد بروكنغز ومؤلف كتاب نبوءة «داعش»، عن ذلك بقوله إن التنظيم يمتلك مقعدا للبدلاء. وحمل البنعلي الجنسية البحرينية سابقا، وهي التي سحبت منه لاحقا بعد اتهامه بالإرهاب، وينظر له كأعجوبة نظرا لتتلمذه في سن مبكرة على يد كبار قادة التشدد، مثل أبو محمد المقدسي الذي ينظر له كأحد أكبر منظري تنظيم القاعدة.
والأهم من كل ما سبق هو أنه متحدث وخطيب مفوه وداعية بارز قريب الشبه بالعدناني، بحسب بنزيل الذي قدم بحثا لمعهد بروكنغز عن فكر تنظيم داعش.
ويقال إن البنعلي سافر للانضمام إلى «القاعدة» في سوريا عام 2013، حيث بدأ في إنتاج أكثر رسائل التنظيم تأثيرا، التي وضعت حجر الأساس لممارسات «داعش» اللاحقة. وفي 30 أبريل (نيسان) 2014، نشر البنعلي رسالة تقول إن التنظيم ليس بحاجة إلى سيطرة كاملة على الأرض كي يعلن عن إقامة خلافة إسلامية. فبحسب بونزيل، يرى كثيرون أن مفهوم السيطرة الميدانية على الأرض شرط أساسي لإعلان دولة الخلافة، لكن بحث البنعلي ساعد على تمهيد الطريق لإعلان تلك الدولة بعد ذلك بشهور، وتحديدا في صيف عام 2014.
وجرى الإعلان عن قتل لقمان عدة مرات، مرة بعد ضربة جوية أميركية، ومرة أخرى بالزعم أنه تلقي طعنه قاتله من مسلح ليبي، اعتراضا على معاملة لقمان للأعضاء الأجانب، إلا أن نبأ موته لم يُؤكد بشكل رسمي.
ومن المؤكد أن الشخص الذي سيشغل موقع العدناني سوف يعمل بالقرب من البغدادي، القائد المبهم للتنظيم. وعادة ما يلتقي البغدادي على فترات مع أمراء المناطق التابعة لـ«داعش» بمقره في الرقة. ولضمان سلامته في أثناء تلك اللقاءات، يتولى سائق خاص نقل كل أمير، ويحتفظ بهاتفه الجوال، وأي جهاز إلكتروني آخر، ليتجنب الكشف عن مكانه، ولو بشكل غير متعمد، عن طريق المخابرات الأميركية، وفق مسؤولين أميركان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».