قال مصدر في مكتب صحيفة «نيويورك تايمز» في واشنطن يوم الجمعة، في إجابة على سؤال من «الشرق الأوسط» عن توقع صدور طبعة باللغة العربية للصحيفة: «ندرس إصدار طبعات بلغات أجنبية، بعد طبعة المكسيك باللغة الإسبانية، وبعد الموقع باللغة الصينية. نعم، ندرس إمكانية إصدار طبعة باللغة العربية، لكن تظل الدراسة في مراحلها الأولية».
وأضاف، مشيرا إلى تقرير أصدرته في أواخر العام الماضي شركة «نيويورك تايمز» عن هذا الموضوع: «نظل، منذ 150 عاما تقريبا، نعمل على الاستثمار في صناعة الأخبار، بهدف توسيع خدماتنا، وبهدف زيادة العوائد المالية لنقدر على توسيع خدماتنا».
وقال ما معناه أن مشروع الطبعة العربية يعتمد على توقعات العائد المالي منها. وأن طبعة المكسيك على الرغم من أنها «لم تقيم تقييما كاملا، لأن الوقت مبكر لذلك»، فإنها تهدف للاعتماد على عائد محلي. (على الأقل، لاستحالة أن تمول الطبعة الإنجليزية الأميركية طبعات لغات أخرى، في دول أخرى، وهي نفسها تواجه مشكلات مالية).
وقال لـ«الشرق الأوسط» صحافي عربي متقاعد في واشنطن، وطلب عدم نشر اسمه أو أي من وظائفه السابقة: «الشرق شرق والغرب غرب يا أخي. يوجد تناقض واضح في رغبات صحف أميركية في إصدار طبعات باللغة العربية». وأشار إلى الآتي:
في جانب، ترفض الحكومات العربية نشر آراء تنتقدها. وترفض الشعوب العربية نشر آراء تسيء إلى دينها وتقاليدها.
في الجانب الآخر، «تلهث» الصحف الأميركية للحصول على ملايين الدولارات من دول النفط الخليجية، وبخاصة في صورة إعلانات في هذه الصحف، أو في مواقعها.
في بداية هذا العام، بدأت صحيفة «نيويورك تايمز» الصدور في طبعة باللغة الإسبانية في المكسيك (مع موقع في الإنترنت). وقالت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، إن هذا «جزء من خطة توسع على نطاق العالم، ولمضاعفة عائد الإعلانات».
تعتمد الطبعة على ترجمة تقارير وآراء من الطبعة الإنجليزية الأميركية، وعلى تقارير خاصة بها من مراسلين في المكسيك، وفي دول أخرى في أميركا الوسطى وأميركا الجنوبية.
وقالت «بوليتيكو» إن طبعة اللغة الإسبانية توزع مجانا في الوقت الحاضر. لكن تنوي الصحيفة شيئين: أولا زيادة دخل الإعلانات، وثانيا بداية حملة اشتراكات.
في بداية هذا العام، احتفلت «نيويورك تايمز» بانضمام المشترك رقم مليون لقائمة الذين يقرأون موقع الصحيفة في الإنترنت. وقالت إنها تنوي زيادة العائد من مواقع الإنترنت من 400 مليون دولار قبل عامين، إلى 800 مليون دولار بعد أربعة أعوام.
قبل عامين، خلال مؤتمر عن الإعلام عقد في أبوظبي، قال مارك تومسون، المدير التنفيذي لشركة «نيويورك تايمز»، إن الصحيفة تدرس إمكانية إصدار طبعة باللغة العربية. وأضاف: «ننظر في الوقت الحاضر إلى إصدار طبعات بلغات أجنبية، واللغة العربية واحدة من هذه. لكن نفضل أن نتمهل؛ لأننا لا نريد أن نصدر أي شيء، أولا ليس عاليا في المستوى. وثانيا لا يدر عائدا ماليا كافيا».
وقال: «لا نشك في أن منطقة الشرق الأوسط مولعة بالأخبار. سواء بطبعة عربية، أو من دونها. إنها منطقة كبيرة، ومعقدة، وغير مستقرة، ولها تأثيرات عالمية».
لكن، قالت صحيفة «بوليتيكو»: «تريد (نيويورك تايمز) ضرب عصفور من دون حجر. تريد أن تتوسع في نفس الوقت الذي تخفض فيه ميزانيتها». وأشارت الصحيفة إلى قرار تخفيض 100 صحافي في غرفة الأخبار الرئيسية (نسبة 8 في المائة).
وتوقعت الصحيفة أن يستمر توزيع الطبعة الإنجليزية في منطقة الخليج (25 ألف نسخة كل يوم في الإمارات). كانت هذه طبعة «إنترناشيونال هيرالد تربيون» (تحولت قبل ثلاثة أعوام إلى «إنترناشيونال نيويورك تايمز»).
يمكن أن يزداد الاهتمام بالطبعة الإنجليزية، حتى إذا فشلت خطة إصدار طبعة باللغة العربية. لكن، تبقى مشكلة الإعلانات. ويوجد هنا احتمالان:
أولا: أن تصدر طبعة خليجية إنجليزية، فيها إعلانات محلية.
ثانيا: أن تصدر موقعا عربيا في الإنترنت، يركز على الخليج، وعلى إعلانات الخليج.
في كل الحالات، يتوقع أن تستمر مشكلة «الشرق شرق والغرب غرب»، كما قال الصحافي العربي المتقاعد في واشنطن. وذلك لوجود اختلاف واضح بين قراء «نيويورك تايمز» الإنجليزية في الخليج (وأكثرهم غير عرب)، وبين العرب قراء الصحف العربية.
ويتوقع أن تستمر المشكلة الثانية، وهي رفض الحكومات العربية توجيه النقد لها. ورفض الشعوب العربية الإساءة إلى دينها وتقاليدها.
قبل أربعة شهور، تحدثت عن هذا الموضوع صحيفة «هافنغتون بوست». وأشارت إلى تجربة «نيويورك تايمز الصينية».
في عام 2012، بدأت هذه التجربة في الإنترنت بإصدار موقعين، إنجليزي وصيني. لكن في نفس العام بدأت المشكلات. أغلقت حكومة الصين مؤقتا الموقعين بسبب «إساءات للشعب الصيني العظيم». في الحقيقة، لم تسئ الصحيفة إلى الشعب الصيني، لكنها نشرت تفاصيل فساد الملياردير الصيني وين جيابو.
في عام 2015، صدرت «نيويورك تايمز الصينية» في طبعة ورقية. ولكن في هونغ كونغ وماكاو (خارج الصين جغرافيا) في نفس الوقت، تحاول الصحيفة إدخال الطبعة الإنجليزية داخل الصين باستعمال تكنولوجيا جديدة تعرقلها جهود حكومة الصين.
عن هذا قال تومسون: «يجب على (نيويورك تايمز) أن تنشر الأخبار حول العالم في حرية ونزاهة. بما في ذلك داخل الصين». في وقت لاحق، قال متحدث باسم الصحيفة: «تظل الصين تسير في خطوات متزايدة نحو الحرية».
عن هذا قالت صحيفة «هافنغتون بوست»، إن «نيويورك تايمز» تبدو «شجاعة في وجه الصين العملاقة».
لكن تواجه «هافنغتون بوست» نفسها مشكلات بسبب طبعتها باللغة العربية.
قبل أسبوعين، انتقد موقع «برايبارت» الأميركي اليميني «هاف بوست عربي»، وقال: «منذ بدايته، يواجه الموقع انتقادات من اليمين ومن اليسار». وأشار إلى تقارير عن المثليين، وعن الإخوان المسلمين، وعن «داعش» والقاعدة.
وقال: «يدير الطبعة العربية صحافيون كانوا يعملون في تلفزيون الجزيرة، ومؤيدون للإخوان المسلمين، ويدعمهم ريان غريم، مدير مكتب هافنغتون بوست في واشنطن، والذي يظل يحاول الإجابة على سؤال: لماذا طبعة عربية؟».
من بين محاولات الإجابة، سؤال عن رأي ضد المثليين. سحبت الصحيفة الرأي في وقت لاحق، وقال غريم: «يجب ألا يتوقع الناس من القراء في الشرق الأوسط أن يتفقوا مع قيم غربية».
وكما قالت صحيفة «بوليتيكو»، يمكن أن تستفيد صحيفة «نيويورك تايمز» من تجربة صحيفة «هافنغتون بوست العربية».
7:57 دقيقة
«نيويورك تايمز» تدرس إصدار طبعة عربية
https://aawsat.com/home/article/730631/%C2%AB%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%8A%D9%88%D8%B1%D9%83-%D8%AA%D8%A7%D9%8A%D9%85%D8%B2%C2%BB-%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D8%B3-%D8%A5%D8%B5%D8%AF%D8%A7%D8%B1-%D8%B7%D8%A8%D8%B9%D8%A9-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9
«نيويورك تايمز» تدرس إصدار طبعة عربية
تقيم تجربة «هافنغتون بوست العربية»
- واشنطن: محمد علي صالح
- واشنطن: محمد علي صالح
«نيويورك تايمز» تدرس إصدار طبعة عربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة