لبنان: تشديد الإجراءات الأمنية في محيط مقر إقامة جنبلاط بعد تلقيه تهديدات

النائب حمادة لـ«الشرق الأوسط»: محاولة لقمع كل المحاولات الوفاقية لإيجاد مخرج للأزمة

وليد جنبلاط
وليد جنبلاط
TT

لبنان: تشديد الإجراءات الأمنية في محيط مقر إقامة جنبلاط بعد تلقيه تهديدات

وليد جنبلاط
وليد جنبلاط

عزز الفريق الأمني لرئيس اللقاء الديمقراطي والزعيم الاشتراكي النائب وليد جنبلاط التدابير الأمنية في مقر إقامته في العاصمة اللبنانية بيروت، بعد تسريبات عن وضعه على لائحة الاغتيالات لدى تنظيم داعش، وهو «ما تبيّن أنها تهديدات جدية بحق جنبلاط، تحمل في طياتها رسالة بأنه دخل دائرة الخطر مجددًا»، بحسب ما قال مصدر وزاري قريب منه لـ«الشرق الأوسط».
المصدر أكد أن التهديدات «تُحمل على محمل الجد، وتستدعي التصرف تجاهها»، وهو ما دفع الفريق الأمني حول جنبلاط لاتخاذ تدابير أمنية مشددة، تتناسب مع طبيعة التهديدات. كذلك أكد مقربون من جنبلاط لـ«الشرق الأوسط»، أن «إجراءات احترازية اتخذت في مكان إقامة جنبلاط في (منطقة) كليمنصو (في غرب بيروت)»، علما بأن جنبلاط «لا يحبذ هذه التدابير والإجراءات الأمنية والمواكبات المعروفة في بيروت باسم (مرافقة)، إذ يشاهد في أماكن كثيرة إن في العاصمة أو خارجها يقود سيارته بنفسه دون مرافقين». ويأتي ذلك بعدما سرّبت إحدى الصحف الموالية لإيران والنظام السوري خبرًا مفاده أن تنظيم داعش دعا لقتل وليد جنبلاط ما ترك تساؤلات حول هذه التسريبة التي عكست قلقًا وهواجس في صفوف طائفته طائفة الموحدين الدروز وأنصار النائب جنبلاط ومحازبيه. ويذكر أن جنبلاط علّق في احتفال تربوي في الشوف على ما تداولته وسائل الإعلام عن مخططات لاغتياله بالقول: «أيا كانت رسالة التهديد، أكانت من قريب أو من بعيد، بعد هذا العمر، نتكل على القدر وعلى الله».
عضو اللقاء الديمقراطي النائب مروان حمادة، رأى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» هذه التهديدات «تصب في خانة قمع كلّ المحاولات الوفاقية الآيلة والهادفة لإيجاد مخرج بين سلّة رئيس المجلس النيابي نبيه برّي وبين أولوية انتخاب رئيس للجمهورية». وأشار حمادة إلى أن تهديد جنبلاط يطال «الشخص والمناخ نظرًا لوسطية رئيس اللقاء الديمقراطي ودعمه لسلة الرئيس نبيه برّي وللحوار الوطني ولكل الخطوات الوفاقية إلى دوره السيادي والاستقلالي وموقفه الواضح من الإجرام الذي يحصل في سوريا، وربطًا بما جرى من إنجازات كبيرة تمثلت بـ(مصالحة المختارة) التي شكّلت علامة فارقة في هذه المرحلة عبر التأكيد على مسيرة التعايش المسيحي - الدرزي وعلى المستوى الوطني بشكل عام، وصولاً إلى التدشين المرتقب لجامع المختارة الذي يحمل اسم أمير البيان شكيب أرسلان وفي الذكرى الأولى لوفاة والدة النائب جنبلاط السيدة مي أرسلان جنبلاط التي تمثل عناوين وطنية وثقافية».
وأضاف حمادة «من هذا المنطلق فإن التهديد يحصل في ظلّ هذا المناخ الوطني والوفاقي وتلك عدّة شغل النظام السوري وأتباعه». ثم تابع حمادة، الذي سبق أن تعرض لمحاولة اغتيال في خريف العام 2004. أن «من يقف وراء هذه التهديدات هو النظام السوري ومن لفّ لفّه، وهناك مروحة واسعة من هذا المخطط الذي يعدّه هذا النظام وحلفاؤه في هذا الوقت الضائع محليًا عبر تعطيل كلّ المؤسسات الدستورية، ولا سيما انتخاب رئيس للجمهورية وصولاً إلى الإنجازات التي حصلت مؤخرًا في حلب ومناطق كثيرة خسرها النظام السوري الذي لم يتمكن من الحسم العسكري، ما يعني أنّه يسعى للإبقاء على الورقة اللبنانية كما يريدها من منطلقات التخريب والاغتيالات وتعطيل كل مؤسسات البلد».
جدير بالذكر، أن التسريبات عن تهديد جنبلاط تتزامن مع التحضيرات لتدشين جامع الأمير شكيب أرسلان، جدّ النائب وليد جنبلاط لأمّه في المختارة، وذلك في منتصف الشهر الحالي خلال مهرجان سياسي وشعبي كبير، وجاءت عشية مغادرة جنبلاط البلاد في إجازة مع عائلته إلى خارج لبنان، ما دفع البعض لاعتبار الرحلة «هروبًا من التهديدات» غير أن جنبلاط عاد إلى لبنان هذا الأسبوع. وحول هذا الموضوع بالذات قالت المصادر المقرّبة من رئيس اللقاء الديمقراطي، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن سفر جنبلاط «كان مقرّرا منذ فترة وليس وليد ساعته أو بسبب ما نشر في بعض الإعلام، وهو يقضي إجازة خاصة في الخارج»، وأوضح وزير الصحة وائل أبو فاعور بأن «هناك مخاطر حقيقية تتهدد جنبلاط لكننا - والكلام لأبو فاعور - لسنا ممن يهربون».
من ناحية أخرى، في تعليقها على التهديدات لجنبلاط، قالت شخصية أمنية رفيعة أحيلت إلى التقاعد ومقرّبة من قوى 14 آذار لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السوري تاريخيًا «له بصمات واضحة في معظم الاغتيالات السياسية وتحديدًا لزعامات وقيادات لها وزنها على مستوى كمال جنبلاط أو رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري وقافلة أخرى من الشهداء. وبالتالي يجب قراءة ما تطرق إليه النائب جنبلاط حول هذه التهديدات عندما قال أيَّا كانت رسالة التهديد من قريب أو بعيد، وفي ذلك إشارة ضمنية للنظام السوري وأتباعه في لبنان لأن الرجل قارئ سياسي وله خبرة سياسية كبيرة وعلى دراية تامة بكل ما يتعلق بهيكلية النظام السوري بصلة لناحية إجرامه وما قام به في لبنان منذ حقبة السبعينات وحتى اليوم». وعليه، تضيف الشخصية الأمنية السابقة «كلّ الأمور واردة لناحية عودة مسلسل الاغتيالات وثمة شخصيات كثيرة معرّضة للاستهداف أمام هذه الظروف التي نعيشها في لبنان والمنطقة وما يجري في سوريا من قتلِ وإجرام واستباحة لكل المحرّمات». لذا، تتابع الشخصية نفسها قائلة: «حسب معلوماتي بعض الزعامات والقيادات اتخذت تدابير احترازية وهذا أمر ضروري، ولا سيما في الوقت الراهن والاستهتار ممنوع حيال ما سبق وحصل لكثيرين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».