القوات الحكومية الليبية تتقدم في سرت مع دخول الحملة الأميركية شهرها الثاني

مسؤول بريطاني يؤكد دعم العملية السياسية في ليبيا

القوات الحكومية الليبية تتقدم في سرت مع دخول الحملة الأميركية شهرها الثاني
TT

القوات الحكومية الليبية تتقدم في سرت مع دخول الحملة الأميركية شهرها الثاني

القوات الحكومية الليبية تتقدم في سرت مع دخول الحملة الأميركية شهرها الثاني

فيما مدد الرئيس الأميركي باراك أوباما المهمة القتالية للقوات الأميركية في ليبيا لمدة شهر إضافي، قام فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة بزيارة مفاجئة إلى مدينة سرت الساحلية، حيث تستعد قوات موالية له لتحرير المدينة من قبضة تنظيم داعش الذي يسيطر عليها منذ منتصف العام الماضي.
وقالت وسائل إعلام أميركية إن أوباما، استجابة لطلب مسؤولين عسكريين، قرر أمس تمديد المهمة العسكرية المتعلقة بقصف ميلشيات «داعش» في ليبيا لشهر آخر، كما ستتواجد مدمرتان أميركيتان بالقرب من الحدود الليبية لضمان تقديم المساعدات اللوجستية للقوات الموالية لحكومة السراج.
وقال بيان أصدره مكتب السراج إنه زار، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، مدينة سرت أول من أمس، برفقة أعضاء المجلس الرئاسي لحكومته، حيث استمع من قادة غرفة عمليات «البنيان المرصوص» وقادة المحاور التابعة له، لشرح حول الوضع الحالي للمعارك، وما وصفه بالتقدم الكبير الذي تم من أجل تحرير المدينة بالكامل.
وقال السراج في كلمة وجهها للمقاتلين خلال زيارته غير الاعتيادية، التي تعتبر أول زيارة لمسؤول ليبي رفيع المستوى للمدينة مؤخرا: «أثبتم للعالم أن القضاء على هذا التنظيم الشرس يتم بسواعد ليبية، وما تفعلونه هو دفاع عن الأرض والعِرض، وهي حرب تخوضونها لكل الليبيين وبالنيابة عن العالم»، مضيفا قوله: «سنستمر في ملاحقة فلول (داعش)، وندكهم أينما وجدوا في أرض الوطن».
ووزع مكتب السراج الإعلامي صورا فوتوغرافية ولقطات فيديو مصورة لتفقده مجمع «واغادوغو»، الذي يضم قصور النظام السابق الرئاسية، وكان يتحصن فيه تنظيم داعش مؤخرا داخل سرت.
وفر جميع سكان سرت تقريبا، وكان عددهم نحو 90 ألف نسمة من المدينة بعد أن سيطر عليها «داعش» أو مع بدء القتال، بينما تشير أغلب التقديرات إلى أن التنظيم كان لديه ما بين ألفي و2500 مقاتل قبل منتصف العام الحالي في سرت.
وبحسب وكالة الأنباء الليبية، فقد أكد السراج أمس على مسؤولية حكومته في حماية المنشآت والمرافق النفطية، وعدم السماح لأي جهة بتهديد مصادر الثروة، لافتا النظر إلى أن المجلس الرئاسي للحكومة أصدر قرارا باستئناف تصدير النفط، والعمل جارٍ لتهيئة المنشآت والموانئ، وإصلاح ما لحق بها من أضرار، والاتصال بالشركات المعنية، ومنظمة «أوبك».
وكان السراج قد أصدر قرارا بتعيين العميد نجمي الناكوع آمرًا للحرس الرئاسي الذي أعلنت حكومته مؤخرا أنها بصدد إنشائه لتأمين المقرات الرئاسية والسيادية والمؤسسات العامة في الدولة.
وقد أشاد جوناثان وينر المبعوث الأميركي إلى ليبيا بالقرار، واعتبره، بحسب تغريدة له، على موقع «تويتر»، «خطوة مهمة للمجلس الرئاسي لبناء قوة محايدة لحماية المقار الحكومية الحيوية».
إلى ذلك، رحب رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مارتن كوبلر، باتفاق المصالحة الذي تم توقيعه بين مصراتة وتاورغاء في تونس، لضمان العودة الآمنة لأكثر من 40000 نازح من تاورغاء مشتتين في شتى أرجاء ليبيا. وقال بيان للبعثة الأممية إن الاتفاق نص على تعويض ضحايا النزاع الذي نشب عام 2011 وشمل مصراتة وتاورغاء وتقديم الجناة إلى العدالة، فضلاً عن إعادة بناء المناطق المتضررة.
وعلى صعيد متصل، دخلت الحملة الجوية الأميركية التي تستهدف معقل تنظيم داعش في ليبيا شهرها الثاني أمس الخميس، وذلك في ظل وتيرة ثابتة من الضربات المستمرة ومع إحراز القوات الموالية لحكومة الوفاق تقدما في مدينة سرت.
وعندما أعلن البنتاغون عن آخر جبهاته في الحرب على المتطرفين في الأول من أغسطس (آب) الماضي، قال مسؤولون إن الحملة لمساعدة القوات التي تنفذ عملية «البنيان المرصوص» في إخراج المتشددين من سرت ستكون على الأرجح سريعة، ومسألة «أسابيع وليس أشهرا».
وتأتي العمليات العسكرية بناء على طلب من حكومة الوفاق الوطني الليبية، المدعومة من الأمم المتحدة. وقد شددت إدارة الرئيس باراك أوباما على أن التدخل الأميركي تحكمه احتياجات الحكومة الليبية.
وحتى الأول من سبتمبر (أيلول) الجاري، شنت الولايات المتحدة 108 ضربات في سرت بواسطة طائرات من دون طيار وقاذفات ومروحيات. وفي هذا السياق قالت روبن ماك، المتحدثة باسم قيادة أفريقيا في الجيش الأميركي لوكالة الصحافة الفرنسية: «على الرغم من أن أمن العمليات يحول دون التكهن بجدول زمني، فإن الولايات المتحدة ستستمر في دعم الحكومة الليبية التي ستنظر في الخيارات المتاحة لمستقبل ليبيا بعد تحرير سرت».
وكانت الحكومة الليبية قد أطلقت في مايو (أيار) الماضي عملية استعادة السيطرة على سرت، مسقط رأس معمر القذافي، التي يسيطر عليها المتطرفون منذ يونيو (حزيران) 2015، ويتم توجيه كثير من الضربات من سفينة «واسب» الهجومية البرمائية قبالة الساحل الليبي في البحر الأبيض المتوسط. وبالإمكان انطلاق مروحيات هجومية تابعة لمشاة البحرية وطائرات «هارير» من السفينة.
وبهذا الخصوص قالت ماك، إن وتيرة الضربات تبقى «ثابتة»، مشيرة إلى أن الأمر يتطلب بعض الوقت للولايات المتحدة لاستهداف ما تطلبه الحكومة الليبية من أجل ضمان عدم وقوع خسائر بشرية.
وسيشكل سقوط سرت التي تبعد مسافة 450 كيلومترًا إلى الشرق من طرابلس، ضربة موجعة للتنظيم المتطرف الذي يتعرض لسلسلة من النكسات في العراق وسوريا.
من جانبه، أعلن متحدث باسم العملية العسكرية الليبية الهادفة إلى استعادة سرت من تنظيم داعش أمس، أن استعدادات القوات الحكومية لحسم المعركة دخلت مراحلها الأخيرة، وذلك غداة زيارة رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج إلى المدينة.
وقال رضا عيسى إن «الهدوء يخيم على جبهات القتال في سرت، لكن القوات تستعد لحسم المعركة في المدينة، وقد دخلت هذه الاستعدادات مراحلها الأخيرة مع إعادة تنظيم القوات لصفوفها»، مضيفا أن «ساعة الصفر لم تحدد بعد، إلا أن الحسم أصبح قريبا جدا».
على صعيد متصل، أكد مسؤول بريطاني رفيع المستوى على دعم بلاده لليبيا في مكافحة الإرهاب وللعملية السياسية في البلاد.‎
وقد جاء ذلك خلال زيارة وفد عسكري بريطاني رفيع المستوي إلى مدينة مصراتة شمال ليبيا، ولقائه عددا من قياداتها، بحضور السفير البريطاني بيتر ميليت، حسبما ذكر أمس الخميس موقع «بوابة أفريقيا» الإخباري الليبي.
وضم الوفد، كريستيان تيرنر، مدير مكتب الشرق الأوسط وأفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية، وجوين جينكنز، نائب مستشار الأمن القومي البريطاني لشؤون النزاعات والاستقرار والدفاع، ومارك كارلتون سميث، نائب رئيس أركان الدفاع، والجنرال جيمس شيزويل، رئيس أركان القوات الخاصة البريطانية.
وفي تصريحات لجون جينكنز أكد أن ليبيا في مرحلة تغيير سياسي داخلي، لذلك طلبت رئيسة وزراء بريطانيا زيارة ليبيا، كمبعوث شخصي، والتأكيد على دعم ليبيا في معركتها ضد الإرهاب ودعم العملية السياسية الليبية، وتابع قائلا إن «بلاده ستقوم بكل ما يلزم وما هو في قدرتها، لدعم ليبيا سياسيا وعسكريا وطبيا»، موضحا أنهم مستعدون لتقديم الدعم للمدينة في إطار التعاون بين حكومة الوفاق الوطني الليبية والحكومة البريطانية.
ومن جانبه قال سميث نائب رئيس الأركان: «لقد زرنا مصراتة وقابلنا الممثلين المحليين للمدينة لنقل امتنان وإعجاب حكومة المملكة المتحدة بالجهود والتضحيات التي قدمتها قوات حكومة الوفاق ضد تنظيم داعش».
يذكر أن قوات عملية «البنيان المرصوص» التابعة لحكومة الوفاق الوطني بقيادة المجلس الرئاسي، تواصل عملياتها في مدينة سرت لطرد تنظيم داعش من آخر معاقله في المدينة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.