شاشة الناقد: ماذا عن إرهابيين أميركيين بيض؟

من فيلم «كتير كبير»
من فيلم «كتير كبير»
TT

شاشة الناقد: ماذا عن إرهابيين أميركيين بيض؟

من فيلم «كتير كبير»
من فيلم «كتير كبير»

فيلم كتير كبير
إخراج: مير - جان بوشعيا
دراما | لبنان - 2016
تقييم الناقد:(3*)(من خمسة)
عندما منح فرنسيس فورد كوبولا جائزة الدورة الأخيرة من مهرجان مراكش، خص الفيلم اللبناني «فيلم كتير كبير» بالجائزة الأولى. صحيح أنه وزّع جوائز لكل الأفلام الأخرى، لكنه أقدم على استثناء هذا الفيلم عنوة عن سواه.
السبب في ذلك قد يعود إلى اكتشافه أن في معالجة هذا المخرج اللبناني الجديد ما ذكّره بأفلام عصابات نيويورك التي عمل ومارتن سكورسيزي (منفصلين) عليها في السبعينات، وربما لأن الفكرة ذاتها بدت له جديدة ومثيرة وتحفل بتصوير تناقضات حياة ما بعد الحرب الأهلية.
الاعتباران صحيحان. هذا الفيلم المشحون بمواقفه المثيرة فيلم عصابات بيروتية (مقابل نيويوركية) مصنوع بمنوال يحمل لمسات كوبولا وسكورسيزي في سنوات عملهما المستقلة الأولى، كذلك هو فيلم يستخدم حكاية جديدة غير واردة من قبل ينجز هذه المهمّة.
شربل (فؤاد يمين) مخرج سينمائي وزياد (ألان سعادة) لديه فرن بيتزا مع شقيقيه جاد (وسام فارس) وجو (طارق يعقوب). المحل هو ستار لتجارة أخرى يتم توزيعها مع طلبات البيتزا، وفي علب مشابهة، لكن الدفع فيها بالدولار نقدًا وعند التسليم، بينما البيتزا العادية حسب المتوفر. شربل مشتر، وتربطه بزياد علاقة معرفة تتطوّر إلى شراكة خطرة، عندما يقصده زياد ليخبره أنه قرر إنتاج فيلم كبير يقوم شربل بإخراجه.
ومع أن النيّة هي الحصول على ترخيص الداخلية لنقل الأفلام المصوّرة إلى معامل في إربيل، واستخدام بعضها في تهريب الكوكايين، إلا أن زياد سريعًا ما يجد نفسه في جو العمل منتشيًا بما يوفره من احتمالات شهرة ومكانة، لكنه لن ينسى أن هدفه التحتي لا يزال تهريب المخدرات، واستخدام الفيلم كستارة. إلى ذلك، هناك التهديد المتمثل في التاجر أبو علي (رشيد سلّوم) الذي حاول التخلص من زياد في رحلة إلى سوريا، لكن زياد قتل الرجلين اللذين تم إسناد المهمة إليهما، واحتفظ بالمخدرات ليعود بها إلى مخزن المحل، رافضًا إعادة تسليمها لأبو علي.
لا يتوقف المخرج بوشعيا عن مفاجأة جمهوره بدلالات ومواقف مثيرة للاهتمام. فإلى جانب الخط التشويقي الماثل في مهنة زياد وشقيقه جاد، وعزوف الشقيق الثالث جو عن الاشتراك مدركًا خطورة العمل، هناك أساسًا كيفية تعامل زياد مع المحيط الفني حالما وجد نفسه منتجًا بالفعل. وعلى الطريقة التي كنا نسمع بها تتكرر في الماضي، نراه يتدخل ليفرض على المخرج شروطه ورغباته، فهو لا يريد لجو أن يلعب دور البطولة، بل يفضل عليه جاد. وعندما يحتج جاد بأنه يمثل دور مسلم يفرض زياد على المخرج تغيير السيناريو رغم أن الفيلم بأسره قائم على هذا الأساس.
تنفيذ جيد طوال الوقت، حنكة فنية تؤدي إلى قرارات تصوير لافتة، موضوع جديد لافت للنظر من كل جوانبه، لكن النهاية مضطربة، ولها منافذ متشتتة، ولو أن قيمتها هي تماثلها مع تلك النظرة الساخرة للوضع وشخصياته.

(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.