اشتباكات في مخيم «المية ومية» بلبنان والجيش يتأهب

مصادر: الاستعدادات لخطة البقاع الأمنية مستمرة

جندي لبناني عند مدخل مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين في صيدا جنوب لبنان أمس (رويترز)
جندي لبناني عند مدخل مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين في صيدا جنوب لبنان أمس (رويترز)
TT

اشتباكات في مخيم «المية ومية» بلبنان والجيش يتأهب

جندي لبناني عند مدخل مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين في صيدا جنوب لبنان أمس (رويترز)
جندي لبناني عند مدخل مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين في صيدا جنوب لبنان أمس (رويترز)

قتل ثمانية أشخاص، وجرح عشرة آخرون، أمس، في اشتباكات اندلعت بمخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين في صيدا (جنوب لبنان) بين فصيلين فلسطينيين، يؤيد زعيم أحدهما حزب الله اللبناني.
وأوضح قائد «كتائب الأقصى» العميد منير المقدح أن خلفيات الاشتباك تعود إلى «إشكال فردي وقع قبل عشرة أيام، وحاولت الأطراف كافة العمل على تطويقه، ولكنها باءت بالفشل»، لافتا إلى أن الإشكال وقع بين مجموعة من «أنصار الله» التي يتزعمها جمال سليمان، ومجموعة أحمد رشيد الذي قتل في الاشتباك، مؤكدا أن «الفصائل تعمل على حل هذا الإشكال بالتنسيق مع الجيش اللبناني». وأشار إلى أن الجيش اتخذ إجراءات حول المخيم بشكل كامل، خوفا من اتساع رقعة الاشتباك، لافتا إلى أن «الاتصالات قائمة بشكل حثيث ومتواصل لإعادة الأمور إلى طبيعتها».
وخيم هدوء حذر على المخيم عقب تراجع حدة الاشتباكات بعد الظهر، إثر تدخل مسؤولين فلسطينيين على خط التهدئة، وفرض الجيش اللبناني طوقا أمنيا حول المخيم.
وبعد ساعات من الاشتباكات التي استمرت أكثر من ساعة ونصف الساعة، واستخدمت فيها الأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة والقذائف الصاروخية، تمكنت العناصر الموالية لسليمان من السيطرة على مقر أحمد رشيد بعد مقتله.
وقال أمين سر حركة فتح في جنوب لبنان العميد ماهر شبايطة لوكالة الصحافة الفرنسية إن التوتر بين الطرفين بدأ قبل أسبوعين «عندما وقع إشكال لا خلفية سياسية له، نتيجة خلاف شخصي بين أشخاص من المجموعتين، تطور إلى تلاسن واشتباك، وتدخلت حركة فتح لحله».
وفي حين سجل بين القتلى أحمد رشيد وشقيقه، وابن شقيق سليمان، قتل في الاشتباكات أيضا مسعف من مخيم عين الحلوة، المتاخم لمخيم المية ومية، كان يحاول إجلاء الجرحى، بحسب ما أكدت مصادر المخيم.
وقالت المصادر إن الاشتباكات هدأت «بعد تدخل مسؤولين فلسطينيين على خط التهدئة»، مشيرة إلى أن «اجتماعات عاجلة عقدت في مخيم عين الحلوة القريب، إلى جانب اجتماعات أخرى في (المية ومية)، وحضرتها كل القوى الإسلامية بهدف تطويق ذيول الحادث».
وتضاربت الأنباء حول أسباب وقوع الاشتباك. وقالت مصادر المخيم لـ«الشرق الأوسط» إن هناك روايتين؛ الأولى تتحدث عن تعرض زعيم مجموعة «شهداء العودة» أحمد رشيد لإطلاق نار مباشر في الشارع، مما أدى إلى مقتله على الفور، واتساع رقعة الاشتباك بين المجموعتين.
أما الرواية الثانية، فينقلها المقربون من مجموعة «أنصار الله»، وتتحدث عن تعرض زعيمها جمال سليمان لمحاولة اغتيال أثناء محاولته الخروج من المخيم لاستقبال اثنين من أنصاره كانا يؤديان العمرة. ويقول هؤلاء إن موكبا وهميا لسليمان، تعرض لإطلاق نار مما دفع بالمرافقين الذين كانوا يستقلون سيارات الموكب إلى الردّ على مصادر النيران، وإطلاق النار باتجاه أحمد رشيد الذي قتل على الفور، قبل حصول الاشتباكات.
وقالت مصادر المخيم إن «جمال سليمان، يؤيد حزب الله منذ انشقاقه عن حركة فتح في عام 1989، ويعد من المقربين من الحزب، ويترأس مجموعة مسلحة كبيرة في المخيم»، مشيرة إلى أن سليمان «كان قائد كتيبة (شهداء عين الحلوة) في حركة فتح، قبل انشقاقه عن فتح».
وفي المقابل، يعد أحمد رشيد أيضا من المنشقين عن حركة فتح منذ ثماني سنوات، «لكنه محبوب في المخيم منذ عمل في المساعدات الإنسانية، وساهم في توظيف شبان، مما زاد من شعبيته في المخيم»، كما قالت المصادر.
ولا يتمتع الإسلاميون في المخيم بنفوذ، خلافا لمخيم عين الحلوة المجاور؛ إذ يسيطرون على أحد شوارع المخيم. ويضم مخيم «المية ومية» مؤيدين لحركة الجهاد الإسلامي و«أنصار الله» وحركة حماس، و«الجماعة الإسلامية»، إلى جانب مؤيدين لحركة فتح التي تتمتع بنفوذ واسع فيه.
وتؤوي المخيمات الفلسطينية في لبنان، مجموعات مسلحة من انتماءات وذات مرجعيات مختلفة، وكذلك العديد من الخارجين عن القانون، وغالبا ما تحصل مواجهات مسلحة بينها. ويستضيف لبنان نحو 400 ألف لاجئ فلسطيني موزعين على 12 مخيما وتجمعات سكنية أخرى.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».