مجلس الأنبار يُصوّت ثانية على إقالة المحافظ

بدء عودة النازحين من المناطق القريبة من الفلوجة

مجلس الأنبار يُصوّت ثانية على إقالة المحافظ
TT

مجلس الأنبار يُصوّت ثانية على إقالة المحافظ

مجلس الأنبار يُصوّت ثانية على إقالة المحافظ

مرة أخرى يعود المشهد السياسي في محافظة الأنبار، كبرى المحافظات العراقية، إلى الارتباك بعد أن عاود مجلس المحافظة بأغلبية أعضائه الثلاثين مطالبتهم بإقالة المحافظ صهيب الراوي، الذي سبق للمجلس أن أقاله من منصبه، لكن المحكمة القانونية طعنت في القرار.
وأعلن مجلس محافظة الأنبار عن إقالة الراوي مجددًا بعد التصويت بالأغلبية في جلسة طارئة عقدت في مدينة الخالدية 23 كم شرق الرمادي، المركز البديل لحكومة الأنبار المحلية ومجلس المحافظة. وقال عضو مجلس محافظة الأنبار أركان خلف الطرموز لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس «عقد جلسة طارئة في قضاء الخالدية، صوّت خلالها على إقالة المحافظ صهيب الراوي؛ بسبب وجود ملفات فساد مالي وإداري بحقه، رفض الراوي مناقشتها، وامتنع عن الحضور إلى الجلسات السابقة والجلسة الأخيرة، لمناقشة تلك الملفات».
وأضاف الطرموز «أن المجلس صوّت على إقالة الراوي بأغلبية الأعضاء، حيث صوّت 19 عضوًا في مجلس الأنبار من أصل 30 على إقالته من منصبه»، مؤكدًا أن «مجلس المحافظة لن يتردد في استجواب أي مسؤول أو موظف مقصر في عمله، أو ارتكب خرقًا قانونيًا، أو تورط في عمليات فساد إداري ومالي، وما ينفذ من استجواب يكون وفق القانون والدستور العام للبلاد».
ولا تزال مدن محافظة الأنبار التي حررتها القوات الأمنية العراقية من قبضة تنظيم داعش تعيش وضعًا مأساويًا بعد الدمار الهائل الذي حل بها جراء الاحتلال، ومن ثم العمليات العسكرية التي أصبحت مدن المحافظة مسرحًا لها، وما أن انتهت تلك العمليات العسكرية حتى قدرت لجان مختصة حجم الدمار بنسب كبيرة ومتفاوتة بين مدينة وأخرى، فيما تتطلب مبالغ إعمارها لمليارات الدولارات حسب المختصين.. «الشرق الأوسط» واكبت ميدانيًا عمليات التحرير، ومن ثم التوثيق بالصور للدمار الذي طال مدن وبلدات محافظة الأنبار عبر عشرات التقارير من أرض الحدث، المشهد اليوم في الفلوجة، آخر المدن المحررة في المحافظة، يشير إلى صعوبة عودتها إلى ما كانت عليه قبل احتلالها من «داعش»، حيث ما زال الوضع الأمني معقدًا للغاية، بعد مضي أكثر من شهرين على استعادتها من قبضة تنظيم داعش، فآلاف العبوات الناسفة التي تركها المسلحون وراءهم بعد خروجهم منهزمين من المدينة، تدل على حجم التفخيخ الذي خلفه التنظيم المتطرف في المدينة.
وقال قائمّقام الفلوجة عيسى الساير: «منذ عامين ونصف العام ومدينة الفلوجة، كانت تتعرض لعمليات عسكرية تتمثل بقصف صاروخي ومدفعي، وقصف من قبل الطائرات التي ألقت الآلاف من الصواريخ والقذائف والبراميل المتفجرة على المدينة وبشكل عشوائي تسبب في مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، وتدمير مئات المنازل والمؤسسات الخدمية، وعشرات المدارس وأكثر من 30 مسجدًا. وكانت القوات الحكومية تبرر عمليات القصف باستهداف مقرات وتجمعات تنظيم داعش الإرهابي، الذي أحكم قبضته على المدينة منذ أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2013، في حين فرضت القوات الحكومية حصارًا مطبقًا على المدينة وككل تلك العمليات تركت آثار الخراب والدمار في عموم المدينة، إلا أن ما تعرضت له في صولة تحريرها الأخيرة، قد ضاعف نسبة الدمار لتصل إلى ما نسبته أكثر من 80 في المائة من بنيتها التحتية». وأضاف الساير «أن جهات كثيرة اشتركت في تدمير الفلوجة، ولا يمكن أن تتحمل وزر الدمار جهة دون أخرى، والخراب الذي حل بالمدينة غالبيته كان على يد التنظيم الإرهابي والعمليات الانتقامية والتخريبية التي شهدتها مناطق وأحياء الفلوجة من قبل العناصر الميليشياوية بعد التحرير، فنسب الدمار والخراب تصاعدت لتصبح أضعافًا مضاعفة بعد عمليات التحرير ودخول القوات الأمنية إلى داخل المدينة، ولن نبرئ بذلك عناصر التنظيم الإرهابي، فهم متمرسون على عمليات التفجير والتخريب، والسرقة التي تمثل أهم موارده المالية».
إلى ذلك، أعلن وزير التخطيط، سلمان الجميلي، عن عودة قريبة للنازحين من مناطق الكرمة والصقلاوية، القريبة من مدينة الفلوجة. وأضاف: «الأول من سبتمبر (أيلول) سيشهد عودة النازحين من أهالي منطقتي الكرمة والصقلاوية إلى ديارهم، فيما سيكون الخامس عشر من نفس الشهر موعدًا لبدء عودة نازحي الفلوجة والمناطق التابعة لها بعد تأمين الخدمات وتوفيرها بنسبة كبيرة، إذ تم تجهيز محطات مياه الشرب والكهرباء وتنظيف المناطق من العبوات الناسفة».
وأضاف الجميلي أن «جميع الفرق المشاركة في حملة تنظيف مدينة الفلوجة حريصون على أن يزفوا بشرى بدء عودة النازحين الذين طال انتظارهم وتعرضوا للكثير من المشكلات بسبب النزوح، وسيتم الإيعاز إلى الجهات المختصة لأداء مهامها، كل حسب اختصاصه وحسب خارطة الطريق التي وضعت لذلك، مشيًرا إلى أن قيمة التحرير لن تكتمل من دون عودة أبناء المناطق المحررة لكي ينعموا بالأمان والاستقرار، وانتهاء أزمة النزوح التي باتت تشكل ضغطًا كبيرًا على الحكومة، وكذلك على النازحين أنفسهم».
وفي قضاء حديثة، 160 كلم غرب مدينة الرمادي، أعلن القائمّقام مبروك حميد عن تحسن الوضع الاقتصادي بعد أن كان القضاء محاصرًا لمدة سنتين من قبل تنظيم داعش.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.