تسلمت حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة يوسف الشاهد، مهامها أمس في تونس خلفا لحكومة الحبيب الصيد، التي سحب منها البرلمان الثقة في 30 يوليو (تموز) الماضي إثر انتقادات كبيرة بعدم الفاعلية في إنعاش الاقتصاد ومكافحة الفساد.
وجرت مراسم لتسليم السلطة في قرطاج، شمال العاصمة، بحضور أعضاء حكومتي الشاهد والصيد والأحزاب والمنظمات الوطنية الموقعة على «اتفاق قرطاج»، وهي وثيقة تضبط أولويات عمل حكومة الوحدة الوطنية، ومنها مكافحة الإرهاب والفساد وإنعاش الاقتصاد.
وقال الحبيب الصيد في خطاب بالمناسبة: «أتمنى أن تدوم هذه الحكومة، بلادنا لم تعد تحتمل تعاقب الحكومات. أسوأ شيء لهذه البلاد هو أن نغير الحكومة كل عام أو عام ونصف». ومنذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي مطلع 2011. تعاقبت على تونس ثماني حكومات وسبعة رؤساء حكومة.
وأضاف الصيد «أتمنى أن تواصل هذه الحكومة (عملها) إلى الانتخابات (العامة) القادمة (نهاية 2019) وإن لم تواصل فهذه مشكلة».
وبذلك، أصبح يوسف الشاهد (40 عاما) أمس أصغر سياسي يتسلم رئاسة الحكومة في تونس، منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956.
ويوسف الشاهد المولود في 18 سبتمبر (أيلول) 1975 بتونس، كان وزير الشؤون المحلية في حكومة الحبيب الصيد (67 عاما) التي سحب منها البرلمان الثقة في 30 يوليو الماضي إثر انتقادات واسعة وجهت لها بعدم الفاعلية في إنعاش الاقتصاد ومكافحة الفساد. وهو أيضا قيادي في حزب «نداء تونس» الذي أسسه الباجي قائد السبسي، وفاز بالانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2014.
حصل الشاهد في 2003 على دكتوراه في العلوم الزراعية من جامعة فرنسية، ودرّس في جامعات فرنسا واليابان والبرازيل وعمل خبيرا في مجال تخصصه مع دول ومنظمات دولية عدة، بحسب ما أعلن التلفزيون الرسمي التونسي الأربعاء.
وسبق للشاهد أن عمل خبيرا زراعيا بسفارة الولايات المتحدة بتونس بحسب مراسلة صادرة عن السفارة بتاريخ 13 يناير (كانون الثاني) 2010. سربها موقع «ويكيليكس». وقدمت المراسلة المسربة الشاهد بأنه خبير زراعي لدى مصلحة الزراعة الخارجية التابعة لوزارة الزراعة الأميركية، والمسؤولة عن تسهيل وصول المنتجات الزراعية الأميركية إلى الأسواق الخارجية. وأظهرت المراسلة سعي الولايات المتحدة إلى إقناع تونس باعتماد التكنولوجيا الحيوية (بيوتكنولوجيا) في الزراعة وإصدار تشريعات في هذا المجال. وانتقد نشطاء إنترنت عمل الشاهد مع الولايات المتحدة، معتبرين أن تعيينه على رأس الحكومة يهدف إلى تطبيق إصلاحات «موجعة» يطالب بها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وقال مصدر مقرب من يوسف الشاهد لوكالة الصحافة الفرنسية: «نعم لقد اشتغل (سابقا) على برامج تعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وليس لديه ما يخفيه». وأضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه أن رئيس الحكومة المكلف «رجل نزيه ومثابر في العمل ولا ينتمي إلى لوبيات (...) ويعرف جيدا مشاكل تونس» خصوصا منذ توليه وزارة الشؤون المحلية.
ولم يمارس الشاهد السياسة في تونس قبل الثورة التي أطاحت في 14 يناير 2011 بنظام زين العابدين بن علي. وبعدها، أسس حزب «طريق الوسط» وانضم لاحقا إلى «القطب الديمقراطي الحداثي» (ائتلاف أحزاب يسارية) ثم «الحزب الجمهوري» (يسار وسط)، قبل أن يلتحق في 2013 بحزب نداء تونس الذي أسسه الباجي قائد السبسي في 2012.
وقبل الانتخابات العامة عام 2014. قدم الباجي قائد السبسي حزبه كبديل في الحكم عن حركة النهضة الإسلامية. ويحظى يوسف الشاهد بثقة الباجي قائد السبسي (89 عاما).
وخلال حملة الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 تم تكليف الشاهد بإعداد البرنامج السياسي لحزب نداء تونس.
وبعد فوز حزب نداء تونس بالانتخابات التشريعية والرئاسية، تم تعيين الشاهد وزير دولة مكلفا بالصيد البحري لدى وزير الزراعة في حكومة الحبيب الصيد التي باشرت عملها في السادس من فبراير (شباط) 2015.
وفي السادس من يناير 2016. أدخل الصيد تعديلا وزاريا كبيرا على حكومته عين بموجبه يوسف الشاهد وزيرا للشؤون المحلية، وهي وزارة مستحدثة في تونس. وكلف الرئيس التونسي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 يوسف الشاهد برئاسة لجنة تضم 13 عضوا من «نداء تونس» للتوفيق بين جناحين متصارعين على زعامة الحزب، الأول يقوده حافظ قائد السبسي نجل الرئيس، والثاني محسن مرزوق الأمين العام السابق للحزب.
ولم ينجح الشاهد في حل أزمة الحزب الذي انشق عدد من نوابه لاحقا، وأسسوا حزبا جديدا بقيادة محسن مرزوق. وأفقد هذا الانشقاق «نداء تونس» الأكثرية البرلمانية لصالح حركة النهضة التي حلت ثانية في الانتخابات التشريعية.
تونس: حكومة الوحدة الوطنية تتسلم مهامها بقيادة يوسف الشاهد
أصغر سياسي يتولى رئاسة الحكومة في تاريخ البلاد الحديث
تونس: حكومة الوحدة الوطنية تتسلم مهامها بقيادة يوسف الشاهد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة