السياحة المتخصصة.. تغزو العالم

تخسيس الوزن واليوغا على رأس جدول المسافر العصري

جلسات وتمارين رياضية لصحة أفضل
جلسات وتمارين رياضية لصحة أفضل
TT

السياحة المتخصصة.. تغزو العالم

جلسات وتمارين رياضية لصحة أفضل
جلسات وتمارين رياضية لصحة أفضل

في عصرنا الحالي لم يعد السائح يكتفي بالزيارات التقليدية التي تقتصر على التعرف إلى المعالم السياحية التقليدية والتقاط الصور بقربها، لا بل إنه أصبح متطلبا يدرك ما يريده ولا يكتفي بما هو متوافر ويسعى إلى اكتشاف كل ما هو جديد في العالم.
بالتالي، أصبحت هناك أنواع عدة من السياحات المتخصصة حول العالم، بعضها غريب وبعضها مفيد، لكنها كلها تصب في خانة الاكتشاف، وتقع تحت راية السياحية الاستكشافية.
من أنواع السياحة المتخصصة التي تغري السائح العصري، هناك سياحة المسارح، وهذا يعني قدوم السياح من أي بقعة حول العالم لمشاهدة مسرحية شهيرة معينة، أو سياحة الحروب، وهذا النوع يقع في خانة السياحات الغريبة، ولكن وللمفاجأة أنه من أنواع السياحة المرغوب فيها جدا؛ لأنه توجد هناك فئة كبيرة من الذين يسعون للذهاب إلى الأماكن غير الآمنة لهدفين، الأول هو حب المغامرة، والسبب الآخر التوفير المادي، وأفضل دليل على ذلك هو استفادة مدن تركية مثل بودروم وأنطاليا من الأزمة الأمنية في البلاد، بحيث يمكن التأكيد بأن هذا الموسم كان من أفضل المواسم على الإطلاق التي لم تشهد تركيا مثلها من ذي قبل.
ومن بين أنواع السياحة الآخذة في التوسع حول العالم، سياحة الرياضة والعلاجات واليوغا، حيث تنظم الكثير من الشركات والمواقع الإلكترونية رحلات مخصصة لتلقي العلاج بهدف التخسيس أو الاسترخاء، وهذا النوع من السياحة يناسب بشكل كبير المسافرين الذين يسافرون بمفردهم، ولا سيما من فئة الإناث.
وفي زيارة أخيرة إلى بيروت، تعرفت إلى عناوين لم تكن موجدة، وها هي اليوم تشد الزوار من داخل البلاد وخارجها، وجمال تلك المراكز يكمن في الموقع؛ فالعنوان الأول الذي تعرفنا إليه خلال الزيارة فندق «تير برون» Terre Brune الواقع في منطقة فقرا، التي تعتبر من أهم مراكز التزلج خلال فصل الشتاء، وتتحول في فصل الصيف إلى مصيف جميل تستنشق فيه الهواء النظيف بعيدا عن زحمة بيروت.
يبعد هذا المنتجع نحو الساعة عن وسط بيروت بواسطة السيارة، وعند وصولك إليه لا تسمع سوى صدى صوتك الذي يطرق باب الجبال الشامخة، بإمكانك النزول في الفندق من فئة البوتيك، أو الدخول إليه لقاء مبلغ 25 دولارا أميركيا، ومن الممكن تمضية يوم كامل بمحاذاة بركة السباحة الخارجية المطلة على مناظر طبيعية تحبس الأنفاس، وعلو المكان يزودك بنسمات عليلة تخفف من وطأة الشمس الحادة.
ومن الممكن أيضا أن تمزج زيارتك ليوم واحد من خلال حجز علاج مخصص للتخسيس أو الاسترخاء، أو حتى جلسة يوغا على يد الاختصاصية ميا متى، التي تعتبر من أهم المعالجات الفيزيائيات في لبنان؛ فهي درست في فرنسا وتلقت الكثير من الدروس والخبرة في بالي وسنغافورة. ومن خلال خبرتي المتواضعة، فهي من أفضل من يقوم بعلاج التخسيس في البلاد، وإضافة إلى عملها في المركز الصحي التابع لفندق «تير برون» فهي تعمل في مركز مخصص لليوغا يحمل اسم «ماما إيرث» Mama Urth في منطقة المطيلب، التي لا تبعد عن بيروت بأكثر من 20 دقيقة.
المميز بعلاج التخسيس، أنه يعتمد على اليد فقط، ولا يدخل فيه أي نوع من الماكينات، وتشرح ميا متى هذه التقنية وهي تقوم بتدليك شديد وقوي جدا، قائلة: لا أستعمل في العلاج إلا هذا الكف المصنوع من البلاستيك المقوى الذي طوره مصمم عالمي، وهذا العلاج من شأنه أن يكسر ويفتت التكتلات الدهنية في الجسم التي يصعب التخلص منها في مناطق معينة من الجسم، وللحصول على نتيجة واضحة فمن الضروري تلقي 6 علاجات.
أما بالنسبة للمستحضرات التي تستخدمها متى في علاجها فهي مستوردة من إندونيسيا.
وبعد ساعة من التدليك الذي مزج ما بين الراحة والاسترخاء والتدليك كان قد حان وقت الأكل، فيقدم الفندق بوفيها مفتوحا يوميا بالقرب من بركة السباحة بسعر 40 دولارا للشخص الواحد.
أما بالنسبة للعلاجات فأسعارها تراوح ما بين 50 و70 دولارا أميركيا.
بالنسبة لليوغا، فمن الممكن الالتحاق بحصص مخصصة لها في الهواء الطلق أو في الاستوديو، ومن الممكن للصغار أيضا الاستفادة من هذا النوع من العلاج الفيزيائي الصحي الذي يساعد على تهدئة الأعصاب وشد العضلات، وتنظيم الدورة الدموية والاسترخاء الكامل.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».