اضطر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى إرسال قوات نخبة إلى محافظة ديالى (65 كم شمال شرقي بغداد» لفض اشتباكات مسلحة بين عدة عشائر في ناحية أبي صيدا بالمحافظة، استخدمت فيها شتى أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، مما أدى إلى مقتل وجرح العشرات.
واستنادا للمعلومات التي أفاد بها لـ«الشرق الأوسط» مصدر مطلع، فإن «النزاع في الأصل ليس عشائريا بحتا، وإنما هو بين جهات سياسية تنتمي إلى مكون واحد (المكون الشيعي) في المحافظة، وتكاد تكون داخل فصيل واحد، هو منظمة بدر التي يتزعمها هادي العامري، بسبب خلافات بين مسؤولين في المحافظة»، مشيرا إلى أن «الخلاف هو بين فصيلين من الحشد الشعبي يتبعان نفس الجهة، وهما الحشد الذي يقوده محافظ ديالى، وهو حشد المقدادية، والحشد الذي يقوده مدير ناحية أبي صيدا، وكلاهما ينتميان إلى نفس الفصيل، وإن كانا ينتميان إلى قبائل مختلفة في المحافظة، لكنها شيعية».
وأضاف المصدر المطلع أن «الخلاف إذن ليس طائفيا، لأنه ليس بين شيعة وسنة، كما أنه ليس سياسيا، لأن كلا الطرفين المتصارعين باسم العشيرة ينتميان إلى نفس الفصيل السياسي، بل هو في الواقع خلاف على المواقع والكراسي في كل من الناحية والمحافظة، إذ إن المحافظ يسعى لطرد مدير الناحية، بينما مدير الناحية يعمل على جمع تواقيع لإقالة المحافظ».
وعبر المصدر المطلع عن المخاوف من «إمكانية حدوث نزاع شيعي - شيعي داخل المحافظة، بعد أن بدأت الخلافات تكبر بين الفصائل والجهات المسلحة، وحاجة كثير منها إلى بسط سيطرتها على المحافظ»، مبينا أن «هذه الفصائل كانت موحدة ضد عدو واحد، وهو (القاعدة)، ومن بعدها (داعش)، لكنها اليوم وبعد دحر (داعش) في المحافظة، وجدت نفسها في حالة صراع بيني قد يتطور إلى مواجهات، ما لم تتداركه القيادات العليا في بغداد».
ورغم أن عضو البرلمان العراقي عن محافظة ديالى صلاح الجبوري يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يجري الآن في ديالى هو ليس نزاعا بين عشائر، لأن عهدنا بكل عشائر ديالى من كل المكونات، عربية أم كردية أم تركمانية، أو مذهبية شيعية أم سنية، أنها تعيش في وئام في هذه المحافظة منذ القدم، بل هو نزاع بين فصائل مسلحة وميليشيات تملك السلاح خارج نطاق الدولة»، فإن هناك من بدأ يتخوف من أن حمى هذه النزاعات يمكن أن تتكرر في عموم المحافظة، على خلفية مساعي جهات معينة لتصفية حساباتها بهذه الطرق والأساليب. ويضيف الجبوري: «هذه النزاعات القائمة على مصالح حزبية وسياسية تريد لها بعض الأطراف أن ترتدي ثوب العشيرة لكي يبقى اسم الفصيل خارج الشبهات، بينما تتورط العشيرة في نزاع لا ناقة لها ولا جمل فيه».
وكانت مواجهات مسلحة قد اندلعت في ناحية أبي صيدا (30كم شمال شرقي بعقوبة)، حيث أدى النزاع إلى مقتل وجرح العشرات من قبائل مختلفة هناك، في وقت بدأت فيه جهات كثيرة تعمل على إعلان هدنة في المحافظة لكي تتمكن الجهات العشائرية والسياسية من بحث أسباب الخلاف.
من جهته، أكد محافظ ديالى السابق عمر الحميري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عشائر ديالى تمثل ركيزة هامة في دعم المنظور الأمني والعشائري والاجتماعي داخل المحافظة، حيث كان لها دورا بارزا في فترة الاضطرابات الأمنية السابقة من ناحية، كما أنها واجهت العنف والتطرف، ودعمت المصالحة الوطنية».
وأضاف الحميري أن «ما أشيع أخيرا عن وجود نزاع عشائري لا صحة له، وإنما النزاع يحمل بعدا مسلحا بسبب خلافات شخصية، وتدافعا من أجل الهيمنة المسلحة لعدد من الفصائل المسلحة، حيث حاول البعض إضفاء بعد عشائري على هذا النزاع لصرف الرأي العام عن حقيقة الموقف».
ودعا الحميري عشائر ديالى إلى «توحيد موقفها في رفض الفتن، وعدم الانجرار خلف الصراعات والمكاسب السياسية التي يستفيد منها أشخاص على حساب دماء أبناء العشيرة، بينما المطلوب هو الوقوف إلى جانب القانون لفرض الأمن والقانون».
مخاوف من نزاع شيعي ـ شيعي في ديالى
فصائل مسلحة ترتدي ثوب العشيرة تتدخل لفض نزاعاتها السياسية
مخاوف من نزاع شيعي ـ شيعي في ديالى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة