شكلت أسعار النفط الجديدة ملامح القطاع وحجم الصفقات المتوقعة خلال الفترة المقبلة، التي ظهرت في النتائج المالية للشركات العاملة في المجال، ومدى تفاعل المسؤولين ومرونتهم مع المتغيرات اليومية، فضلاً عن انخفاض حجم الاستثمارات، نتيجة حصر التوقعات بين مستويات منخفضة للأسعار على المديين القريب والمتوسط.
ويستنتج من تداعيات الأسعار الرخيصة الحالية للنفط، عدم استقرار السوق على المدى القريب، وتذبذب المستويات السعرية بين 40 و60 دولارًا للبرميل على المدى المتوسط، مع زيادة التوقعات بارتفاعات تتخطى 70 دولارًا خلال عامين، نتيجة انخفاض الاستثمارات في القطاع.
ويتداول سعر البرميل حاليًا عند مستوى قرب 50 دولارًا، صاعدا من مستوى 26 دولارًا كان قد حققها في يناير (كانون الثاني) الماضي، ورغم ارتفاع الأسعار بنحو 60 في المائة من بداية العام، فإن تراجع خام برنت من مستوى 115 دولارًا كان قد حققها في يونيو (حزيران) 2014، ما زالت تكلف القطاع خسائر.
وتراجعت القيم السوقية للشركات العاملة في قطاع النفط؛ مما شجع صائدو الصفقات على عمليات اندماج واستحواذ، وصلت في شهر يوليو (تموز) الماضي إلى 11 مليار دولار، وتعتبر قيمة الصفقات المسجلة خلال الشهر الماضي هي الأعلى شهريًا خلال العام الحالي ليصل إجمالي قيمة الصفقات خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى 32 مليار دولار، بما يعادل مثلي قيمة الصفقات خلال الأشهر الثلاثة السابقة. بحسب مؤسسة «وود ماكينزي ليمتد» الاستشارية.
وكانت شركات «إكسون موبيل كورب» الأميركية و«شتات أويل» النرويجية من بين الشركات التي اشترت في أعقاب ارتفاع أسعار النفط، بعد أن كانت قد انخفضت في فبراير (شباط) الماضي؛ وهو ما عزز ثقة الشركات النفطية العالمية.
ومن شأن صفقات الاستحواذ في قطاع النفط أن تضمن نموًا مستقبليًا للشركات العاملة في المجال، بعد أن كانت قد خفضت نفقاتها بمقدار تريليون دولار لضبط ميزانياتها في فترة تراجع الأسعار.
وقال جريج أتكين، المحلل الرئيسي لصفقات الاستحواذ والاندماج في «وود ماكينزي»: إن التقلب الحاد في أسعار النفط خلال الربع الأول من العام الحالي أدت إلى حالة قوية من الغموض في صناعة النفط «وقد تعافى النشاط بعد استعادة الثقة، وقد بدأت الشركات تتطلع إلى المستقبل والنمو بعد أن كانت تركز في البداية على مجرد البقاء».
كانت إكسون موبيل، وهي أكبر شركة نفط في العالم من حيث القيمة السوقية وافقت الشهر الماضي على الاستحواذ على شركة التنقيب عن الغاز الطبيعي «إنتر أويل كورب» مقابل أكثر من 3.6 مليار دولار، كما وصلت إلى مرحلة متقدمة في المفاوضات مع شركة «إيني» الإيطالية لشراء حصة من اكتشافاتها الغازية في موزنبيق.
وتباينت التوقعات والآراء من المسؤولين في قطاع النفط حول توقعاتهم للأسعار خلال الفترة المقبلة، ما بين متفائل ومتشائم، بينما غلب على وزراء النفط العرب للدول الأعضاء في «أوبك» تفاؤلهم، كان آخرها وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي، الذي قال السبت: «لا ننكر التحديات الموجودة في السوق، ولكننا على ثقة في أن قطاع النفط في دولنا سيمكننا قريبا من الوصول إلى الاتزان المطلوب في السوق».
وكان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو قال السبت الماضي بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف: إن فنزويلا وإيران تواصلان السعي إلى التوصل لتوافق بشأن سبل تحقيق الاستقرار في أسواق النفط وتعزيز دور «أوبك».
وقال مادورو «نواصل بناء أرضية مشتركة وتوافق جديد بشأن تحقيق الاستقرار في أسواق النفط وتعزيز الصناعات وتعزيز (أوبك)».
وتسعى فنزويلا منذ انهيار أسعار النفط في 2014 لحشد التأييد بين الدول المنتجة للنفط في «أوبك» وخارجها لزيادة أسعار النفط الخام من خلال تخفيض الإنتاج.
ودافع المزروعي عن «الحصة السوقية» للدول الأعضاء في «أوبك» من خلال تغريده على «تويتر» قائلاً: «رغم تضارب الآراء حول وضع السوق البترولية فإننا نرى أن الحصة السوقية لدول المنظمة جيدة عند هذا المستوى».
وأبدى المزروعي اعتقاده بأن أي قرار مستقبلي بشأن إنتاج الخام سيتطلب مشاركة جميع الدول الأعضاء في «أوبك»، إضافة إلى كبار المنتجين الآخرين.
ويجتمع أعضاء «أوبك» على هامش منتدى الطاقة العالمي الذي يضم المنتجين والمستهلكين في الجزائر من 26 إلى 28 سبتمبر (أيلول) المقبل.
الأسعار الرخيصة للنفط تشكل ملامح القطاع على المديين القريب والمتوسط
عمليات اندماج واستحواذ بقيمة 11 مليار دولار الشهر الماضي
الأسعار الرخيصة للنفط تشكل ملامح القطاع على المديين القريب والمتوسط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة