يبدو أن البرازيليين منهكون من قضية الفساد الإداري والمالي، الذي تحاكم فيها الرئيسة الموقوفة ديلما روسيف، كما تبين من غياب المتظاهرين أمام البرلمان، حيث أقيمت حواجز لمنع حدوث مواجهات. وقبل أشهر كان البرازيليون يتظاهرون بالآلاف مع هذا المعسكر أو ذاك. والسبب الرئيسي هو تراجع الاقتصاد بعد الفورة الاجتماعية الاقتصادية التي استند إليها الرئيس السابق لويس أيناسيو لولا دي سيلفا، العامل السابق الذي أصبح رئيسا باسم حزب العمال.
الرئيس لولا دا سيلفا، زعيم حزب العمال اليساري السابق (2003 - 2010)، الذي تربع على سدة الحكم قبل وصول حليفته ديلما روسيف إلى السلطة، وصف ما يجري من محاكمة في مجلس الشيوخ خلال تجمع بالقرب من ريو دي جانيرو بأنه «يوم عار وطني».
وكانت الجلسة الأولى لمحاكمة روسيف في مجلس الشيوخ استغرقت الخميس نحو عشر ساعات وتم الاستماع خلالها لشاهدي اتهام في أجواء من التوتر بين مؤيدي الرئيسة ومعارضيها. وطرح عدد من أعضاء المجلس اليساريين أسئلة عن الإجراءات رفضت كلها، وأدانوا هذه «المحكمة الاستثنائية» والمحاكمة التي «لا أساس قانونيا لها».
واستمع أعضاء مجلس الشيوخ البرازيلي إلى ستة شهود دفاع عن الرئيسة ديلما روسيف في اليوم الثاني من جلسات إجراءات عملية إقالة تاريخية يفترض أن تنهي 13 عاما من الحكم اليساري في هذه الدولة العملاقة في أميركا اللاتينية. ونتيجة الجلسات شبه محسومة، نظرا لوجود توجه واضح إلى إقالة روسيف التي تتطلب موافقة ثلثي أعضاء المجلس، أي 54 من أصل 81 عضوا.
وخصصت جلسة الجمعة للدفاع المتمثل بشهادات وزراء سابقين في حكومة روسيف، مثل نلسون باربوزا (اقتصاد) ولويس كوستا (التربية) وخبراء في الحقوق والاقتصاد. وذكرت صحيفة «ايستادو دو ساو باولو» أن الرئيس السابق لولا سيرافقها خلال الجلسات. ومع أنها دعت أنصارها إلى «التمسك بالأمل»، فإن روسيف تبدو معزولة حتى داخل معسكرها. ورفضت إدارة حزب العمال الأربعاء بغالبية واسعة اقتراحها أخذ رأي البرازيليين في استفتاء لتنظيم انتخابات مبكرة في حال أعادها مجلس الشيوخ إلى منصبها.
ويتهمها معارضوها بـ«جريمة مسؤولية» في إطار تلاعب بحسابات عامة لإخفاء عجز كبير جدا وتوقيع مراسيم تنص على نفقات غير مقررة في الاتفاق المسبق مع البرلمان، وهي إجراءات لجأ إليها الرؤساء السابقون.
رئيس المحكمة الفيدرالية العليا، ريكاردو ليواندوسكي، الذي يدير المناقشات طبقا للدستور، دعا في بداية الجلسات أعضاء المجلس إلى أن يتحولوا إلى «قضاة» في هذه المناسبة و«يَدَعوا جانبا مواقفهم العقائدية والحزبية».
وستدافع روسيف، التي لم تكف عن تأكيد براءتها منذ بداية الإجراءات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عن نفسها شخصيا أمام المجلس الاثنين.
وروسيف، 68 عاما، أول امرأة تنتخب رئيسة للبرازيل والمناضلة السابقة التي سجنت وتعرضت للتعذيب في عهد الحكم الاستبدادي العسكري (1964 - 1985)، لم تعد تمارس مهامها الرئاسية منذ 12 مايو (أيار) عندما صوت مجلس الشيوخ بغالبية تجاوزت الثلثين على تعليق مهامها.
وأمس رددت روسيف ما قالته سابقا إنه «انقلاب» مؤسساتي حاكه المستفيد الرئيسي من المناورة، نائبها السابق ميشال تامر، 75 عاما، الذي أصبح خصمها. وقد تولى تامر، زعيم حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية، الذي لا يتمتع مثلها بأي شعبية، الرئاسة بالنيابة وسيبقى على رأس السلطة حتى الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة في نهاية 2018 إذا تمت إقالتها.
ودخلت البلاد في 2015 في أسوأ انكماش منذ عقود وسط ارتفاع التضخم وعدد العاطلين عن العمل الذي بات يصل إلى 11 مليون برازيلي، فضلا عن عجز في الميزانية يتجاوز 45 مليار دولار.
وقالت نايرا أوليفييرا (27 عاما) التي تعيش في حي متواضع في ساو باولو كان أحد معاقل حزب العمال: «في الواقع وفي نهاية المطاف من يصل (إلى السلطة) سيسرق. جميعهم متشابهون».
ولولا نفسه متهم بـ«محاولة عرقلة عمل القضاء» في فضيحة الفساد التي تطال المجموعة النفطية العملاقة بتروبراس، وهي قضية هزت حزب العمال والفئة الأكبر من النخبة السياسية.
لكن قالت صحيفة استادو دو ساو باولو البرازيلية، كما جاء في تقرير وكالة «رويترز»، إن شعبية رئيسة البرازيل ديلما روسيف ارتفعت بعد تراجعها في الآونة الأخيرة بسبب الاحتجاجات الضخمة التي شهدتها البرازيل في يونيو (حزيران)، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة معالجة الاقتصاد الراكد والخوف من ارتفاع التضخم.
وأضافت الصحيفة أن نسبة البرازيليين الذين يعتبرون إدارة روسيف «ممتازة» أو «جيدة» ارتفعت من 31 في المائة إلى 38 في المائة قبل شهر، مشيرة إلى استطلاع أجرته وكالة «إيبوب» لأبحاث الرأي. وهذا هو ثالث استطلاع للرأي تنشره وكالتا «سي إن آي» و«إيبوب» منذ بدء موجة من الاحتجاجات في يونيو (حزيران) في عدة مدن برازيلية ضد الزيادة في أسعار تذاكر الحافلات وضعف الخدمات العامة والفساد والإنفاق الحكومي على بطولة كأس العـ،الم لكـــــرة القدم. وقالت الصحيفة إن معدل التأييد لروسيف بلغ 2.54 في المائة في يونيو. وأظهر الاستطلاع أن نسبة الأشخاص الذين صنفوا حكومة روسيف على أنها «سيئة» تراجع من 31 في المائة إلى 24 في المائة ابتداء من يوليو (تموز). ولم تتغير نسبة من اعتبروا أداء روسيف بأنه «متوسط» وظلت 37 في المائة.
7:57 دقيقة
البرازيليون منهكون من قضية «فساد روسيف»
https://aawsat.com/home/article/723771/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86%D9%87%D9%83%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%C2%AB%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D9%81%C2%BB
البرازيليون منهكون من قضية «فساد روسيف»
تغيب المتظاهرين.. والرئيس لولا يصف ما يجري بـ«يوم عار وطني»
البرازيليون منهكون من قضية «فساد روسيف»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة