في عملية هي الأكبر خلال العام الحالي، نفذ الجيش الإسرائيلي حملات ضد «مخارط» وورشات حدادة بشبهة تصنيع أسلحة، وصادر عشرات المعدات وقطع السلاح، واعتقل فلسطينيين في الخليل وبيت لحم، ضمن حملة متواصلة منذ أسابيع.
وقال مسؤول في الجيش الإسرائيلي، إن الحملة الكبيرة جاءت في «إطار الجهود الجارية لمحاربة ظاهرة الأسلحة غير القانونية في الضفة الغربية». وأعلن مسؤول عسكري، أنه جرت مداهمة «سبع ورشات لصنع الأسلحة ومصادرة 22 آلة لصنع الأسلحة، وأدوات ومخارط معادن، إلى جانب نحو 54 قطعة سلاح بينها 39 مسدسا، وبنادق صيد، وأسلحة من نوع كارلو (المحلي)، الذي يعتمد في تصميمه على بندقية (كارل غوستاف) عديمة الارتداد، وسبطانات خاصة ببنادق إم 16. ومخازن رصاص، وذخيرة وسترات عسكرية».
وأضاف المسؤول، أن قوات الأمن عثرت أيضا على عشرات القطع التي يمكن استخدامها لصنع مزيد من الأسلحة.
كما أعلن اعتقال شابين بينهما أحد أهم تجار السلاح في الضفة الغربية. وجرى تنفيذ العملية المشتركة بين الساعتين 1:00 و5:30 صباحا، من قبل خمس كتائب تابعة للجيش الإسرائيلي، وهي: وحدة النخبة «دوفديفان»، والكتيبة الـ50 من لواء ناحال، وجنود من وحدة المدفعية، وكتيبتان من جنود الاحتياط، إلى جانب ممثلين من الشرطة الإسرائيلية والشاباك.
وقال مسؤول في الجيش الإسرائيلي، إن «المداهمات في بيت لحم والخليل، جاءت تتويجا لأشهر من جمع معلومات استخبارات الإشارات والاستخبارات البشرية والاستخبارات البصرية».
والهجوم الإسرائيلي الحالي، ليس الأول من نوعه، فقد نفذ الجيش الإسرائيلي منذ بداية العام، غارات استهدفت مخارط كبيرة في مناطق متفرقة في الضفة الغربية، واعتقل أكثر من 140 شخصا يُشتبه بضلوعهم في إنتاج وتوزيع الأسلحة، وصادر أكثر من 300 قطعة سلاح، ومعدات أخرى للتصنيع.
وتريد إسرائيل التأثير على سوق السلاح الفلسطينية، برفع أسعاره إلى الحد الذي يمكن معه أن يتلاشى، كما أشار متخصصون وعسكريون إسرائيليون في أوقات مختلفة.
وفعلا في الشهور القليلة الماضية، شهدت سوق السلاح ارتفاعا كبيرا في ظل الهجمات الإسرائيلية على منابع الأسلحة، ومنع السلطة أي تداول للسلاح في الضفة، والطلب المتزايد للفلسطينيين على هذا السلاح.
وبلغ سعر بندقية محلية الصنع في الآونة الأخيرة إلى أكثر من ألفي دولار بعدما كانت 500 دولار فقط، أما السلاح الأكثر تطورا، فشهد ارتفاعا مجنونا.
وتشير الأرقام الفلسطينية والإسرائيلية، إلى ارتفاع بندقية الـM4 التي كان ثمنها قبل أشهر 15 ألف دولار إلى 22 ألف دولار، والـM16 التي كان ثمنها 10 آلاف دولار إلى 15 ألفا، والكلاشنيكوف الذي كان سعره 5 آلاف دولار إلى 8 آلاف، كما شمل ذلك ارتفاعا في أسعار المسدسات بنحو ألفي دولار وأكثر لكل واحد بحسب نوعه.
وقال الرائد «ليرون فوكس» قائد وحدة الهندسة التابعة للواء ناحال في الجيش: «نأمل أن يؤدي ارتفاع أسعار الأسلحة إلى ضرب قطاع صناعة السلاح الفلسطيني».
وتجارة الأسلحة في الأراضي الفلسطيني قديمة، ولا يمكن حصرها في فئة التجار فقط، بل أيضا غالبية الفصائل الفلسطينية التي طالما عملت على جمع وتكديس السلاح، والعائلات الكبيرة التي تفضل اقتناء بعض أنواع الأسلحة، إضافة إلى الأشخاص الذين يبحثون عن طرق حماية اليوم أو في المستقبل.
وعلى الرغم من ملاحقة سنوات طويلة للأسلحة في الضفة الغربية، فإن ذلك لم يمنع وجود «سوق سوداء» لبيع الأسلحة التي يأتي معظمها من إسرائيل نفسها، وبعضها مهرب من الخارج، أما القسم الثالث فهو مصنع في مخارط مدنية في مدن الضفة الغربية. وهذا النوع الثالث، الذي ازدهر أخيرا، أصبح مستهدفا أكثر من غيره، خصوصا أن كثيرا من العمليات نفذت به.
ويقول ضابط إسرائيلي، على الرغم من عدم وجود مؤشرات بأن أيا من هذه الأسلحة التي قام المصنعون بتصنيعها وبيعها، سيستخدم في هجمات ضد إسرائيليين، فإنه يمكن استخدامها في مثل هذه الهجمات، إضافة إلى الدفاع عن النفس وأنشطة إجرامية. وأضاف الضابط، أن «شخصا لديه أحد هذه الأسلحة في منزله (للدفاع عن النفس) قد يخفيه في خزانته، وعندما يتأثر ابنه جراء التحريض، سيأخذ السلاح لتنفيذ هجمات». وتفيد تقارير إسرائيلية، أن العام الحالي، شهد أكثر من 30 هجوما بإطلاق النار، جرى تنفيذها بواسطة أسلحة مصنعة في مخارط.
وفي حين تبدو مخارط السلاح عادية وتستخدم لأغراض مدنية، فإن إثبات أنها تعمل في تصنيع الأسلحة يتطلب ضبط السلاح نفسه، وهذا ما تسعى إليه إسرائيل من خلال هذه الهجمات.
وقالت تقارير إسرائيلية أمس، إن الأدوات اللازمة لصنع أسلحة «كارلو» المحلية، هي «ثنائية الغرض»، ويمكن العثور عليها في أي متجر لبيع قطع الغيار في العالم، لكن الورشات التي داهمتها القوات الإسرائيلية «مصممة خصيصا لصنع الأسلحة»، بحسب ما قاله المسؤول العسكري الإسرائيلي.
وينفي الفلسطينيون هذه التهمة، ويقولون إن إسرائيل تداهم مخارط عادية بشبهة إمكانية المساعدة في تصنيع أو تصليح الأسلحة.
ويتوقع المسؤولون الإسرائيليون تنفيذ مزيد من الاعتقالات، حيث سيبدأ جهاز الأمن العام (الشاباك) والشرطة الإسرائيلية بالتحقيق مع المعتقلين الجدد، من أجل الوصول إلى شبكة التصنيع والتوزيع، كما قال المسؤول الإسرائيلي.
والأسلحة في الضفة ليست مستهدفة فقط من قبل إسرائيل، بل والسلطة الفلسطينية أيضا، التي تعد أي سلاح خارج أيدي رجالها غير شرعي، وتتهم إسرائيل بتسهيل نقله إلى فئات محددة.
حملات إسرائيلية ضخمة ضد معامل «تصنيع أسلحة» في الضفة الغربية
مداهمة مخارط وضبط أسلحة واعتقال «تجار» بهدف رفع «سعر السلاح»
حملات إسرائيلية ضخمة ضد معامل «تصنيع أسلحة» في الضفة الغربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة