الأكراد يهددون فصائل المعارضة في معركة تحرير جرابلس

معلومات عن مفاوضات مع «داعش» لتسليم المدينة دون قتال

الأكراد يهددون فصائل المعارضة في معركة تحرير جرابلس
TT

الأكراد يهددون فصائل المعارضة في معركة تحرير جرابلس

الأكراد يهددون فصائل المعارضة في معركة تحرير جرابلس

هدّدت «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل «وحدات حماية الشعب الكردية» عمودها الفقري، يوم أمس، بالتصدي لأي هجمات يشنها الجيش التركي أو فصائل المعارضة السورية الموالية لأنقرة للسيطرة على مدينة جرابلس الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي، التي يسيطر عليها حاليا تنظيم داعش.
وتأتي التهديدات الكردية بعد المعلومات التي تحدثت عن استعداد المئات من مقاتلي المعارضة بدعم تركي لتحرير المدينة التي تُعتبر آخر المعابر الواقعة تحت سيطرة عناصر «داعش» في المنطقة الحدودية مع تركيا.
وأعلنت «سوريا الديمقراطية» عن دعمها الكامل لما صدر عن «مجلس جرابلس العسكري» الذي أشار إلى عزمه على التصدي لهجمات الدولة التركية عبر فصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة على مدينة جرابلس بمحافظة حلب شمالي سوريا. وقالت في بيان: «نحن على استعداد للدفاع عن البلاد ضد أي مخططات تدخل في خانة الاحتلال المباشر وغير المباشر. وندعو التحالف الدولي إلى الالتزام بتعهداته القانونية بتوفير الحماية الدولية لبلادنا جراء التحديات الخطيرة التي تنسجها قوى إقليمية».
وأشار ناصر الحاج منصور، مستشار القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، إلى أنهم سيترجمون الموقف الذي اتخذوه بما يتعلق بجرابلس عمليا: «أما التوقيت وكيفية الرد، إن قبل دخول المقاتلين المدعومين من تركيا إلى المدينة أو بعده، فمسألة تكتيكية سرية تحددها متطلبات العملية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «البيان الصادر عنا واضح تماما لجهة أننا سنتصدى للاحتلال المباشر وغير المباشر، أي لدخول الجيش التركي أو الفصائل المدعومة من أنقرة إلى المدينة ومنها كتائب نور الدين الزنكي والسلطان مراد لأننا بذلك نكون بصدد احتلال غير مباشر لن نسمح به».
من جهتها، نفت مصادر قيادية كردية أنها اتخذت قرارا نهائيا بما يتعلق بكيفية التعاطي مع المستجدات في جرابلس، واصفة الوضع بـ«المعقد جدا». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «تركيا حشدت كتائب على حدودها، وهناك محادثات بينها وبين (داعش) من أجل الخروج وتسليم المدينة من دون قتال». ورجحت المصادر أن يتضح المشهد أكثر في المنطقة الحدودية مع تركيا بعد اتضاح نتائج زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الأربعاء، إلى أنقرة.
في المقابل، أكّدت مصادر في المعارضة السورية أن التحضيرات والتجهيزات جارية من قبل الجيش الحر لتحرير جرابلس من «داعش»، لافتة إلى أن المعركة المرتقبة جزء من عملية تحرير محافظة حلب المستمرة. وشدّدت المصادر في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، على أنه «سيتم التعامل مع أي جهة أو مجموعة أخرى تحاول التقدم باتجاه المدينة، باعتبارها طرفا محتلا وعدوا».
وأشار مصطفى السيجري، رئيس المكتب السياسي لـ«لواء المعتصم»، أحد فصائل المعارضة السورية المسلحة، إلى أنّهم سيخوضون معركة لإخراج تنظيم داعش من مدينة جرابلس على الحدود مع تركيا، وذلك بعد التشاور مع حلفائهم. وقال السيجري إن هجوم المعارضة على جرابلس يهدف للحفاظ على وحدة سوريا وتحقيق مصالح الشعب.
واتهمت قوات كردية، أمس، الجيش التركي بقصف مواقع لها قرب الحدود، وباغتيال قائد قوات مجلس جرابلس عبد الستار الجادر بعد ساعات من إعلان تأسيس المجلس. ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن عناصر كردية اتهامها الأمن القومي التركي باغتيال قائد مجلس بلدة جرابلس العسكري في محافظة حلب على الحدود مع تركيا. ووفقا للمرصد، فقد تم اغتيال الجادر بعد ساعات من إعلانه عن تشكيل المجلس الذي يتبع قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد القوة الضاربة فيها.
واعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أن «القصف التركي على شمال سوريا هدفه منع تقدم القوات المدعومة من الأكراد باتجاه جرابلس»، لافتا إلى أن القصف تركز إلى جانب جرابلس «على المنطقة الفاصلة بين منبج وجرابلس».
وأرسل الجيش التركي، أمس، مزيدا من الدبابات وناقلات الجنود المدرعة والأسلحة الثقيلة من قيادة اللواء الخامس المدرع في غازي عنتاب إلى مواقع حددت سلفا على الخط الحدودي مع سوريا.
وذكرت وكالة أنباء الأناضول الرسمية أن الجيش التركي يتابع التحركات في مدينة جرابلس السورية عن كثب ويقوم بدوريات مكثفة على الخط الحدودي.
وسقطت أمس ثلاث قذائف صاروخية على منطقة خالية وسط مدينة كيليس جنوب تركيا، أطلقت من الجانب السوري، كما سقطت قذيفتا هاون صباح اليوم نفسه على بلدة كاراكاميش التابع لمحافظة غازي عنتاب جنوب البلاد، دون سقوط خسائر بشرية. وذكرت مصادر أمنية أن القوات التركية في كيليس ردت بالمدفعية على المواقع التي انطلقت منها القذائف الصاروخية من الجانب السوري، وقصفت أربعة أهداف لـ«داعش» بـ40 قذيفة مدفعية.
وكان الجيش التركي شدد، أول من أمس، من تدابيره الأمنية على طول الخط الحدودي مع سوريا في بلدة كاراكاميش. وأطلق تنظيم داعش، الذي يسيطر على مدينة جرابلس السورية، خلال الأيام القليلة الماضية، تسع قذائف هاون على الخط الحدودي في كاراكاميش.
وقصفت المدفعية التركية، أول من أمس، مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، التي تعتبرها أنقرة امتدادا لمنظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية في تركيا، في حين تستعد فصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا لمهاجمة جرابلس لانتزاعها من قبضة «داعش»، وفقا لتصريحات قيادي بارز في المعارضة السورية، في خطوة من شأنها أن تبدد آمال الأكراد في التوسع في المنطقة.
وأعلن قائد في الجيش السوري الحر أن قوات المعارضة المنضوية تحت لواء الجيش السوي الحر ستدخل مدينة جرابلس عبر تركيا للسيطرة عليها، وأن الاستعدادات متواصلة وأنهم سيستعيدون المدينة في غضون 48 ساعة.
وفي هذا الصدد، أشار الجيش السوري الحر إلى استعداداته لاستعادة مدينة جرابلس الواقعة قبالة بلدة كاركاميش التابعة لمدينة غازي عنتاب التركية. إذ بدأت قوات المعارضة التي تضم كثيرا من الوحدات، من بينها لواء السلطان مراد، استعداداتها لدخول جرابلس عبر تركيا.
وقال المسؤول البارز في الجيش السوري الحر لصحيفة «قرار» التركية، شريطة عدم ذكر اسمه: «نواصل استعداداتنا وتشير معلوماتنا إلى وجود أعداد قليلة من عناصر (داعش) داخل المدينة. فـ(داعش) يترك بعض المناطق الخاضعة لسيطرته إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، عمدًا، ولا تقاتل الاتحاد الديمقراطي على هذا الخط. بل يقوم بمجرد مواجهات مفتعلة».
وفي المقابل أعلن أن «داعش» قام بزرع ألغام في محيط مدينة جرابلس قبيل العملية التي سينفذها الجيش السوري الحر، في حين أرسل عناصره وأسرهم المقيمين في جرابلس والقرى المحيطة إلى مدينة الباب الخاضعة أيضا لسيطرة التنظيم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.