بوادر اتفاق لإعادة فتح موانئ النفط في الشرق الليبي

ارشيفية لميناء طرابلس الليبي
ارشيفية لميناء طرابلس الليبي
TT

بوادر اتفاق لإعادة فتح موانئ النفط في الشرق الليبي

ارشيفية لميناء طرابلس الليبي
ارشيفية لميناء طرابلس الليبي

أعلنت مصادر ليبية في وقت متأخر مساء أمس عن توصل المحتجين في حقول النفط شرقي البلاد إلى اتفاق مع الحكومة المركزية، يقضي بفتح عدد من المنشآت النفطية.
وقال أحد زعماء المحتجين لوكالة رويترز إن الاتفاق يقضي بفتح مينائي الزويتنة والحريقة. فيما لم تعلق الحكومة على صحة الاتفاق، وقال مصدر حكومي لرويترز إن هناك مؤتمر صحافي للتعليق مساء أمس.
في غضون ذلك، تباينت آثار محاولات لتنظيم عصيان مدني شامل في مختلف المدن الليبية أمس، في مساع جديدة لإجبار المؤتمر الوطني العام (البرلمان) على إلغاء تمديد ولايته المنتهية رسميا في شهر فبراير (شباط) الماضي، وتشكيل حكومة جديدة بالتزامن مع إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة.
وبينما ظهر تأثير الدعوة للإضراب بشكل أكبر في بنغازي، كانت أصداؤها خافتة في العاصمة. وتجاهل المؤتمر الذي يعد أعلى سلطة سياسية ودستورية في البلاد، الدعوات التي أطلقتها عدة منظمات مدنية وحقوقية وناشطون سياسيون للإضراب عن العمل، حيث أعلن عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر أنه تقرر في جلسة عقدها أعضاء المؤتمر بالعاصمة الليبية طرابلس تكليف لجنة الدفاع بالمؤتمر للتواصل مع العقيد ونيس بو خمادة آمر القوات الخاصة في مدينة بنغازي (شرقا) بعد انتقاداته العلنية لأداء المؤتمر والحكومة واتهامه لبعض أعضائهما بعرقلة إعادة بناء لجيش الليبي. وكشف حميدان عن فشل أعضاء المؤتمر مجددا في التوصل إلى اتفاق بشأن تعيين رئيس دائم للحكومة الانتقالية، وقرر تأجيل مناقشة موضوع الحكومة المؤقتة التي يترأسها حاليا عبد الله الثني وزير الدفاع السابق، لإعطاء فرصة للكتل والأحزاب لسياسية لمناقشتها وعرضها على المؤتمر في جلسته المقبلة. وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي من قرار المؤتمر تمديد ولايته إلى نهاية العام الجاري، أعلن المؤتمر في بيان بثه عبر موقعه الإلكتروني أمس، أن رئاسة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، أبلغته بجاهزيتها واستعدادها للبدء في تسجيل الناخبين والمرشحين للبرلمان الجديد خلال الشهر الحالي. وكان المؤتمر قد قرر في منتصف فبراير (شباط) الماضي، تسليم سلطاته إلى مجلس نواب سينتخب لاحقا ليتسلم مهام السلطة التشريعية حتى كتابة دستور جديد، على أن يسلمها لاحقا إلى البرلمان الدائم الذي سيختاره الشعب وفقا لهذا الدستور.
وأعدت لجنة فبراير مسودة قانون انتخاب مجلس النواب، وكان يتعين على المؤتمر تسليم سلطاته قبل نحو شهرين، لكن تأخر انتخاب لجنة الستين (لجنة صياغة الدستور الدائم) حال دون الالتزام بالمواعيد الدستورية المقررة.
وينحي الكثير من الليبيين باللائمة على الخلافات بين البرلمانيين في تنامي الاضطرابات والفوضى المستمرة في ليبيا منذ أطيح بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في عام 2011.
وقال سكان في العاصمة الليبية طرابلس إن دعوات العصيان المدني احتجاجا على الوضع الأمني في البلاد وللمطالبة بتقصير ولاية المؤتمر الوطني، لم تسجل أي نجاح يذكر في المدينة التي يقطنها نحو مليون ونصف مليون نسمة، بينما شهدت بنغازي ثاني كبريات المدن الليبية إضرابا جزئيا، عكس تجاوبا غير موسع للمواطنين مع الدعوات التي تبنتها مؤسسات المجتمع المدني وعارضها مفتي ليبيا الصادق الغرياني بشكل علني.
ولاحظت وكالة الأنباء المحلية أن وتيرة الحركة في شوارع العاصمة سارت بشكل طبيعي، حيث انتظم العمل في مختلف المؤسسات والأجهزة الحكومية بما فيها وزارة الخارجية والمصارف والمؤسسات التعليمية ومحطات الوقود والمستشفيات والمخابز، كما لم تنجح دعوات تعطيل حركة الطيران بمطار طرابلس الدولي.
ودشن ناشطون سياسيون وإعلاميون حركة تمرد جديدة محلية على غرار حركة تمرد المصرية التي لعبت دورا بارزا في الإطاحة العام الماضي بنظام الرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وقالت سالمة الشعاب القيادية بالتنظيم الجديد إنه بناء على ما وصفته الحركة بـ«العجز الكامل للمؤسسة التشريعية والتنفيذية وما تشهده البلاد من تدهور غير مسبوق في الأوضاع الأمنية والاقتصادية»، جرى تشكيل حراك شباب وطني تحت اسم «حركة تمرد الليبية» لاستكمال الثورة التي أطاحت بنظام القذافي والتي سرقها من سمتهم بـ«اللصوص وعباد الكراسي والمال».
وكانت الحركة دعت في بيان لها إلى عصيان مدني شامل في مدينة طرابلس وكافة المدن الليبية تستثني فيه المستشفيات ومراكز الشرطة ومعسكرات الجيش والمخابز ومحطات الوقود والدفاع المدني، مشيرة إلى أن مطالبها تتمثل في تحديد موعد عاجل لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة عبر الانتخاب المباشر من الشعب بما يتماشى واقتراحات لجنة فبراير كاملة دون استثناء أو تعديل، وتجميد عمل المؤتمر الوطني.
في المقابل، نفى السادات البدري رئيس مجلس طرابلس المحلي إعلانه عن عصيان مدني بالعاصمة، ودعا وسائل الإعلام المحلية إلى تجنب المساهمة في نقل معلومات غير موثوقة قد تسبب إرباكا داخل الشارع الليبي، على حد تعبيره. كما أعلن بنك ليبيا المركزي أن العمل استمر أمس بشكل طبيعي في كافة البنوك التجارية وفروعها، محذرا من أن إيقاف العمل يُعرض المسببين فيه للمساءلة القانونية.
وفي مدينة بنغازي أغلقت مجموعة أطلقت على نفسها «نشطاء مؤسسات المجتمع المدني» مطار بنينا الدولي، وفقا لما أكده إبراهيم فركاش مدير المطار الذي أعلن أنه جرى إجبار سلطات المطار على وقف حركة الملاحة الجوية بالقوة. وأوضح أن طائرة تابعة للخطوط التركية منعت من الهبوط في المطار وأجبرت على العودة بعد أن وصلت إلى أجواء مدينة بنغازي، مشيرا إلى أن هناك بوادر بعودة الرحلات الدولية فقط بعد محادثات جرت مع بعض ممثلي مؤسسات المجتمع المدني المعتصمين بالمطار لعودة العمل وحركة الملاحة الجوية بالمطار. وأغلقت عدة مؤسسات عامة ومدارس وجامعات، لكن بعض المحال التجارية والمؤسسات والمدارس شهدت نشاطا عاديا. وكانت المنظمات المدنية التي يعد بعضها فاعلا على الساحة السياسية في مدينة بنغازي، قد طالبت في مؤتمر صحافي عقدته مساء أول من أمس في ثكنة القوات الخاصة والصاعقة «بموافقة أعضاء المؤتمر الوطني على جميع مقترحات لجنة فبراير المعنية بإجراء إعلان دستوري يقصر عمر المؤتمر».
وانتقد نشطاء هذه المنظمات ما آلت إليه الأوضاع الأمنية في مدينة بنغازي ومختلف المدن الليبية، في ظل اتهامات للمؤتمر بالعجز عن إصدار قرارات من شأنها إعادة الاستقرار للبلد الذي يشهد اضطرابات أمنية. وفشلت القوات الحكومية حتى الآن في تحسين الأمن في المدينة الساحلية حيث أصبحت السيارات المفخخة وقتل ضباط الشرطة والجيش جزءا من الحياة اليومية. وغادر معظم الأجانب بنغازي بعدما قتل السفير الأميركي لدى ليبيا في هجوم لإسلاميين على القنصلية الأميركية في سبتمبر (أيلول) 2012.
من جهة أخرى، اتفق عبد الله الثني رئيس الحكومة المؤقتة مع الرئيس التونسي منصف المرزوقي خلال اتصال هاتفي بينهما على قيام وزير الداخلية الليبي المكلف صالح مازق بزيارة إلى تونس خلال اليومين المقبلين للاتفاق مع نظيره التونسي على الترتيبات اللازمة لإعادة فتح معبر رأس اجدير وتذليل كافة الصعوبات التي تحول دون تنقل مواطني البلدين بكل انسيابية ويسر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.