إسرائيل تخطط لتوسع استيطاني في قلب الخليل

أول خطة رسمية منذ عقدين في أكثر المدن توترًا.. والسلطة تطالب بتحرك يوقفها

إسرائيل تخطط لتوسع استيطاني في قلب الخليل
TT

إسرائيل تخطط لتوسع استيطاني في قلب الخليل

إسرائيل تخطط لتوسع استيطاني في قلب الخليل

قالت السلطة الفلسطينية إنها ستتحرك بشكل عاجل وسريع لوقف عملية «تهويد مدينة الخليل»، بعد تقارير عن نية إسرائيل إقامة وحدات استيطانية جديدة في قلب المدينة الأكبر في الضفة الغربية، التي يستوطنها 500 إسرائيلي بالقوة، ويحولون حياة الفلسطينيين فيها إلى جحيم.
ونشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أمس، عن مخطط جديد أقرته سلطات الاحتلال الإسرائيلية، يشمل بناء وحدات استيطانية جديدة في المنطقة المعروفة بـH2 الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في قلب المدينة. وقالت الصحيفة، إن ذلك سيحدث لأول مرة منذ ما يقرب من 17 عاما. وأضافت: «تجرى هذه الأيام، بلورة خطة لبناء هذه الوحدات الاستيطانية، الحاصلة على تصريح من وزير الأمن الإسرائيلي السابق موشيه يعالون».
ودعت وزارة الخارجية الفلسطينية، مؤسسات حقوق الإنسان المحلية والإسرائيلية، التي تتابع الاستيطان، إلى تحرك سريع وجاد لوقف العمليات التهويدية الجديدة للبلدة القديمة من مدينة الخليل.
وقالت الخارجية في بيان صحافي: «إن محافظة الخليل بمقدساتها وبلداتها وقراها ومخيماتها، تواجه حربا احتلالية شرسة تتعدد أشكالها وأساليبها، من استهداف للمواطنين العزل والتضييق عليهم، ومحاصرتهم في أماكن سكناهم، ومنعهم من التنقل بحرية». وأضافت: «إن الاحتلال يصعد يوميا من اعتداءاته على البلدة القديمة بالخليل، من خلال أكثر من 17 حاجزا مقاما في المنطقة المصنفة H2، ويواصل إجراءاته الإذلالية في محيط الحرم الإبراهيمي الشريف».
وأكدت الخارجية على ضرورة التحرك لمنع تنفيذ هذا المخطط الاستيطاني الجديد، عبر رفع قضايا إلى المحكمة العليا، وطرق أبواب المنظمات الأممية والمحاكم الدولية ذات العلاقة، واستصدار قرارات من شأنها وقف تنفيذ المخطط. وأكدت الخارجية أنها ستتحرك على مستوى المنظمات الأممية ذات العلاقة لإثارة هذا الموضوع للهدف نفسه.
ولا تعترف السلطة بأي استيطان في الضفة الغربية، ووضعت ملفا كاملا بهذا في محكمة الجنايات الدولية، لكن الاستيطان في قلب الخليل، يأخذ شكلا مختلفا ومستفزا أكثر من غيره، إذ يجري وسط الفلسطينيين مباشرة، ويستهدف وجودهم في البلدة القديمة، كما أنه مغلف ببعد ديني تسبب في السطو على المسجد الإبراهيمي وتقسيمه.
ويحتل 500 مستوطن فقط في مستعمرات «بيت إبراهيم» و«بيت هداسا» و«بيت رومانو» و«تل رميدا»، قلب المدينة الأكبر، ويتقاسمون مع أهلها الشوارع والمنازل والمحلات والساحات، ويحاولون كل يوم طرد جيرانهم من المكان. ويحرس هؤلاء المستوطنين، نحو ألف جندي من لواء «غفعاتي» حولوا حياة الفلسطينيين في المنطقة إلى جحيم.
ويقدر أن 40 ألف فلسطيني هاجروا من المنطقة إلى مناطق أخرى.
وقالت «هآرتس» إنه من المخطط أن يجري بناء الوحدات الاستيطانية الجديدة في المنطقة الواقعة بين شارع «أفراهام افينو» وشارع «الشهداء»، وهو شريان محوري للحركة في المدينة، وتحديدا في المكان الذي توجد فيه حاليا نقطة عسكرية تعرف باسم «ميتكانيم». وأضافت الصحيفة: «إن هذه الوحدات السكنية، ستقام فقط على قطعة أرض محددة في هذه المنطقة، قالت إنها أراض كانت تابعة لليهود منذ ما قبل قيام دولة إسرائيل».
ولم يرد ذكر عدد الوحدات السكنية الاستيطانية المنوي بناؤها والمساحة التي ستشغلها، علما بأن مساحة النقطة العسكرية المذكورة لا تتعدى دونمين على أبعد تقدير.
وقال الناطق باسم الاستيطان في الخليل، نوعام ارنون: «إن الأرض كانت دائمًا معروفة بتبعيتها لليهود، وإذا عادوا للسكن هناك فأنا متأكد من أن كل محب للعدالة سيفرح لذلك»، على حد زعمه.
لكن الفلسطينيين ومنظمات إسرائيلية نفت ذلك، وقالت إنه يعارض قرارا للمحكمة الإسرائيلية العليا.
وقالت حاجيت عوفران، الناشطة اليسارية من منظمة «السلام الآن»: «إننا بصدد محاولة لتخطي قرار المحكمة العليا التي تحظر البناء في أي منطقة تمت السيطرة عليها لأهداف عسكرية».
أما جيش الاحتلال الإسرائيلي فقد عقب على ما أوردته صحيفة هآرتس بأن الجهات المسؤولة إعادة الأرض حيث النقطة العسكرية للاستخدام المدني تدرس الموضوع، لكن لم تجر بلورة خطة بناء مساكن مدنية في المكان، أو المصادقة على مشروع كهذا حتى الآن.
وقطعة الأرض التي يدور الحديث حولها، صودرت في عام 1983 بالكامل، وأقيم عليها موقع عسكري في قلب مدينة الخليل. وتقول صحيفة هآرتس في هذا الصدد إن جزءًا من هذه الأرض كان قبل قيام دولة إسرائيل مملوكا ليهودية بشكل عام، والجزء الآخر لفلسطينيين. وقد بقيت هذه الأرض بعد عام 1948، تحت تصرف بلدية الخليل التي أقامت عليها محطة مركزية للباصات، ظلت تعمل حتى بعد احتلال إسرائيل لمدينة الخليل، إلى أن تمت مصادرتها من قبل الجيش الإسرائيلي وإقامة النقطة العسكرية مكانها. وهناك يجري تفتيش دقيق للفلسطينيين، ويمنعون من المرور في شوارع محددة. وقد نفذ الفلسطينيون في المنطقة عمليات انتقامية كذلك، ما جعلها نقطة ساخنة ومتوترة على الدوام.
وفي أكثر من مرة، زارت «الشرق الأوسط» المنطقة، وتعرض طاقمها لعشرات الأسئلة، ومر عبر البوابات والحواجز، ومنع من التقدم في شوارع محددة يعيش فيها المستوطنون.
وتحيي الخطة الجديدة مخاوف من توتر أكبر في المنطقة، بعد سنوات من وقف الاستيطان هناك.
وكانت المرة الأخيرة التي تمت فيها إقامة وحدات سكنية استيطانية جديدة في الخليل، في مطلع عام 2000، وجرى آنذاك إنشاء عدد قليل من الوحدات السكنية في محيط حي تل رميدة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.