قالت السلطة الفلسطينية إنها ستتحرك بشكل عاجل وسريع لوقف عملية «تهويد مدينة الخليل»، بعد تقارير عن نية إسرائيل إقامة وحدات استيطانية جديدة في قلب المدينة الأكبر في الضفة الغربية، التي يستوطنها 500 إسرائيلي بالقوة، ويحولون حياة الفلسطينيين فيها إلى جحيم.
ونشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أمس، عن مخطط جديد أقرته سلطات الاحتلال الإسرائيلية، يشمل بناء وحدات استيطانية جديدة في المنطقة المعروفة بـH2 الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في قلب المدينة. وقالت الصحيفة، إن ذلك سيحدث لأول مرة منذ ما يقرب من 17 عاما. وأضافت: «تجرى هذه الأيام، بلورة خطة لبناء هذه الوحدات الاستيطانية، الحاصلة على تصريح من وزير الأمن الإسرائيلي السابق موشيه يعالون».
ودعت وزارة الخارجية الفلسطينية، مؤسسات حقوق الإنسان المحلية والإسرائيلية، التي تتابع الاستيطان، إلى تحرك سريع وجاد لوقف العمليات التهويدية الجديدة للبلدة القديمة من مدينة الخليل.
وقالت الخارجية في بيان صحافي: «إن محافظة الخليل بمقدساتها وبلداتها وقراها ومخيماتها، تواجه حربا احتلالية شرسة تتعدد أشكالها وأساليبها، من استهداف للمواطنين العزل والتضييق عليهم، ومحاصرتهم في أماكن سكناهم، ومنعهم من التنقل بحرية». وأضافت: «إن الاحتلال يصعد يوميا من اعتداءاته على البلدة القديمة بالخليل، من خلال أكثر من 17 حاجزا مقاما في المنطقة المصنفة H2، ويواصل إجراءاته الإذلالية في محيط الحرم الإبراهيمي الشريف».
وأكدت الخارجية على ضرورة التحرك لمنع تنفيذ هذا المخطط الاستيطاني الجديد، عبر رفع قضايا إلى المحكمة العليا، وطرق أبواب المنظمات الأممية والمحاكم الدولية ذات العلاقة، واستصدار قرارات من شأنها وقف تنفيذ المخطط. وأكدت الخارجية أنها ستتحرك على مستوى المنظمات الأممية ذات العلاقة لإثارة هذا الموضوع للهدف نفسه.
ولا تعترف السلطة بأي استيطان في الضفة الغربية، ووضعت ملفا كاملا بهذا في محكمة الجنايات الدولية، لكن الاستيطان في قلب الخليل، يأخذ شكلا مختلفا ومستفزا أكثر من غيره، إذ يجري وسط الفلسطينيين مباشرة، ويستهدف وجودهم في البلدة القديمة، كما أنه مغلف ببعد ديني تسبب في السطو على المسجد الإبراهيمي وتقسيمه.
ويحتل 500 مستوطن فقط في مستعمرات «بيت إبراهيم» و«بيت هداسا» و«بيت رومانو» و«تل رميدا»، قلب المدينة الأكبر، ويتقاسمون مع أهلها الشوارع والمنازل والمحلات والساحات، ويحاولون كل يوم طرد جيرانهم من المكان. ويحرس هؤلاء المستوطنين، نحو ألف جندي من لواء «غفعاتي» حولوا حياة الفلسطينيين في المنطقة إلى جحيم.
ويقدر أن 40 ألف فلسطيني هاجروا من المنطقة إلى مناطق أخرى.
وقالت «هآرتس» إنه من المخطط أن يجري بناء الوحدات الاستيطانية الجديدة في المنطقة الواقعة بين شارع «أفراهام افينو» وشارع «الشهداء»، وهو شريان محوري للحركة في المدينة، وتحديدا في المكان الذي توجد فيه حاليا نقطة عسكرية تعرف باسم «ميتكانيم». وأضافت الصحيفة: «إن هذه الوحدات السكنية، ستقام فقط على قطعة أرض محددة في هذه المنطقة، قالت إنها أراض كانت تابعة لليهود منذ ما قبل قيام دولة إسرائيل».
ولم يرد ذكر عدد الوحدات السكنية الاستيطانية المنوي بناؤها والمساحة التي ستشغلها، علما بأن مساحة النقطة العسكرية المذكورة لا تتعدى دونمين على أبعد تقدير.
وقال الناطق باسم الاستيطان في الخليل، نوعام ارنون: «إن الأرض كانت دائمًا معروفة بتبعيتها لليهود، وإذا عادوا للسكن هناك فأنا متأكد من أن كل محب للعدالة سيفرح لذلك»، على حد زعمه.
لكن الفلسطينيين ومنظمات إسرائيلية نفت ذلك، وقالت إنه يعارض قرارا للمحكمة الإسرائيلية العليا.
وقالت حاجيت عوفران، الناشطة اليسارية من منظمة «السلام الآن»: «إننا بصدد محاولة لتخطي قرار المحكمة العليا التي تحظر البناء في أي منطقة تمت السيطرة عليها لأهداف عسكرية».
أما جيش الاحتلال الإسرائيلي فقد عقب على ما أوردته صحيفة هآرتس بأن الجهات المسؤولة إعادة الأرض حيث النقطة العسكرية للاستخدام المدني تدرس الموضوع، لكن لم تجر بلورة خطة بناء مساكن مدنية في المكان، أو المصادقة على مشروع كهذا حتى الآن.
وقطعة الأرض التي يدور الحديث حولها، صودرت في عام 1983 بالكامل، وأقيم عليها موقع عسكري في قلب مدينة الخليل. وتقول صحيفة هآرتس في هذا الصدد إن جزءًا من هذه الأرض كان قبل قيام دولة إسرائيل مملوكا ليهودية بشكل عام، والجزء الآخر لفلسطينيين. وقد بقيت هذه الأرض بعد عام 1948، تحت تصرف بلدية الخليل التي أقامت عليها محطة مركزية للباصات، ظلت تعمل حتى بعد احتلال إسرائيل لمدينة الخليل، إلى أن تمت مصادرتها من قبل الجيش الإسرائيلي وإقامة النقطة العسكرية مكانها. وهناك يجري تفتيش دقيق للفلسطينيين، ويمنعون من المرور في شوارع محددة. وقد نفذ الفلسطينيون في المنطقة عمليات انتقامية كذلك، ما جعلها نقطة ساخنة ومتوترة على الدوام.
وفي أكثر من مرة، زارت «الشرق الأوسط» المنطقة، وتعرض طاقمها لعشرات الأسئلة، ومر عبر البوابات والحواجز، ومنع من التقدم في شوارع محددة يعيش فيها المستوطنون.
وتحيي الخطة الجديدة مخاوف من توتر أكبر في المنطقة، بعد سنوات من وقف الاستيطان هناك.
وكانت المرة الأخيرة التي تمت فيها إقامة وحدات سكنية استيطانية جديدة في الخليل، في مطلع عام 2000، وجرى آنذاك إنشاء عدد قليل من الوحدات السكنية في محيط حي تل رميدة.
إسرائيل تخطط لتوسع استيطاني في قلب الخليل
أول خطة رسمية منذ عقدين في أكثر المدن توترًا.. والسلطة تطالب بتحرك يوقفها
إسرائيل تخطط لتوسع استيطاني في قلب الخليل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة