لم يفاجأ الطهاة في لبنان بالمركز الأول الذي احتلّته بيروت، كأفضل مدينة لتذوق الطعام في العالم حسب إحصاءات موقع «ترافلاند ليجور» الأميركي. فهم يجمعون بأنهم عملوا بجهد منذ سنوات طويلة لنشر الطعام اللبناني في مختلف بقاع الأرض مما جعلهم سفراء المطبخ اللبناني بامتياز.
فحسب الموقع المذكور الذي يجري سنويا هذا الاستفتاء على قرّائه من مختلف دول العالم ضمن «وورلدز بيست أووردز»، لآراء المسافرين والانطباعات التي يحملونها من تجاربهم في هذا المجال، فقد تقدّمت بيروت على بلدان أوروبية وآسيوية في تقديمها أشهى الأطباق. فلا باريس ولا فلورنسا ولا بوردو وسن ميغيل وروما وشيانغ ماي، استطاعت أن تضاهيها في مطابخها رغم أن تلك البلدان تعدّ الأشهر في هذا المجال.
وتناقش قرّاء الموقع بشأن أفضل المدن والجزر في العالم وخطوط الرحلات البحرية والمنتجعات السياحية وخطوط الطيران، فصنّفوها حسب ميزاتها والطعام الذي يقدّم فيها.
ومن هذا المنطلق نجحت بيروت في حصد المركز الأول بين عشر دول أخرى، كواحدة من الأفضل بينهم في الأطباق التي تقدّمها في مطاعمها. وجاءت النتيجة كالتالي: بيروت في المركز الأول ويليها سان سيباستيان (إسبانيا) وباريس في المركزين الثاني والثالث. ولتكرّ السبحة بعدها ولتأتي فلورنسا وبولونيا وروما (إيطاليا) كرابعة وخامسة وسادسة، وسان ميغيل وشيانغ ماي وبرشلونة وبوردو في المراكز الباقية على التوالي.
«نحن نعمل في إطار نشر الطعام اللبناني منذ أكثر من عشرين عاما، ولقد نجحنا في جذب أنظار أهم طهاة العالم إلى أطباقنا». يقول الشيف جو برزا العائد حديثا من روما حيث شارك مع زميله الشيف شارل عازار في مهرجان خاص عرضا خلاله أطباق طعام تترجم نظرتهما إلى المطبخ اللبناني، هو الذي سبق ووقف إلى جانب أهم طهاة القصور والملوك ورؤساء الجمهوريات في العالم ويضيف: «لقد تحوّلنا إلى ضيوف شرف وسفراء فوق العادة للمائدة اللبنانية، فحللنا في مهرجانات وأسابيع طعام شرق أوسطية تجري في العالم أجمع، بحيث يرسلون إلينا الدعوات بالاسم للمشاركة فيها». ويتابع في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لقد لمسنا عن قرب مدى اهتمام الطهاة القيمين على هذه النشاطات بحيث كانوا يندهشون بمذاق الطعام الذي نحضّره، وأحيانا كثيرة يطلبون منّا أن يعدّونها معنا على طريقة «Quatre mains» (الأيادي الأربع)، لتجمع ما بين المذاقين الغربي واللبناني معا».
والمعروف أن الشيف برزا ذاع صيته في العالم من خلال تقنيته الحديثة في تحضير الطعام اللبناني التقليدي، فضاهى بأطباقه الصحيّة والبسيطة المكوّنات، ما يحضّره طهاة عالميون أمثال تيري ماركس المعروف بأطباقه المرتكزة على الأوزان الجزئية (بالغرامات). فجال في عواصم العالم (روما، موجان، نيس وغيرها) ويقول: «قريبا سأسافر إلى البرتغال (مدينة الغاف)، لأشارك في مهرجان خاص يستضيف أهم 10 طهاة من سلسلة فنادق (هيلتون) في العالم وأنا واحد منهم، ولأقدم مع زميلي شارل عازار (اختصاصي حلويات) طبق (الفريكة) المالح والحلو معا، كونه اختير من قبل مجلّة (إيل) منافسا بمكوناته للكيناوا الآسيوي».
مشوار طويل بدأه طهاة لبنان منذ سنين في مجال تثبيت المطبخ اللبناني التقليدي بهوية حديثة، ويعدّ الشيف مارون شديد واحدا من بين هؤلاء الذين تركوا بصمتهم في هذا المجال. «لقد فرحت كثيرا بهذه النتيجة التي احتلّتها بيروت، فنحن نعلم جيدا أن مطبخنا اللبناني صار اليوم في طليعة المطابخ الشرق أوسطية، فلم يعد يمر عليه طهاة العالم مرور الكرام، بل يستمتعون باكتشافه وفي التعرف على أطباقه». يقول مارون شديد الذي يستعد لافتتاح مطعم في منطقة الأشرفية ومدرسة لتعليم أصول الطبخ. ويضيف: «لقد شاركت في صالونات غذائية عالمية وبينها مونتي كارلو ومارسيليا ومونبيليه وروما وغيرها، وما أستطيع قوله هو أننا تفوّقنا فيها على غيرنا من أشهر الطهاة في العالم، وما زال طبق (الصيادية مع الريزوتو) الذي قدّمته في مهرجان للطعام في مدينة مارسيليا الفرنسية، يسكن في ذاكرة أهم الطهاة الذين وجدوا هناك إن برائحة بهاراته (كمّون وبهار حلو)، وإن بطعم فيليه السمك الطري المقلي على طريقتي. ويضيف: «لا تقتصر اهتماماتنا بالطبق اللبناني بل نسعى أيضا إلى تعريف العالم إلى منتجاتنا الأصيلة من دبس الرمان والزعتر وماء الزهر والمربات على أنواعها. وهذا ما حملته معي إلى مارسيليا من خلال «سلّة جورجيت» (تحتوي على منتجات لبنانية عريقة)، فأخذ منها كلّ شيف ما أعجبه من مذاق حقيقي للعسل والسماق وغيرها. فهم لم يسبق أن تعرّفوا إلى تلك المنتجات إلا الصناعية منها فكانت بمثابة اكتشاف جديد لهم».
إذن ليس بالصدفة حلّت بيروت في المركز الأول بطعامها متفوّقة على مطابخ عالمية، ويذكر التقرير الخاص بهذه النتيجة مطاعم لبنانية بالاسم ك«السوسي» المعروف بأطباقه التقليدية، من فول مدمّس وبليلة و«فتّة الحمّص، و«الطاولة» وهو المطعم الذي يجمع تحت سقفه أطباق طعام عريقة ومن بينها «الهريسة» تحضّرها طاهيات من مختلف المناطق اللبنانية، لهو دليل حسّي إلى مدى تأثّر زائر بيروت بأطباقها اللذيذة والخارجة عن المألوف. وبالنسبة لعدد كبير منهم، فهم يبحثون عنها في مطاعم لبنانية موجودة في بلادهم، ك«قوليلي» في مانهاتن لصاحبه الشيف فيليب مسعود، و«سمسم» لكريستينا وكارين صفير في مدينة نيويورك.
بيروت تحتل المركز الأول بطعامها متفوقة على أشهر مدن العالم
«الهريسة» و«الفول المدمّس» و«الفتّة» تفوّقت على البيتزا والفيليه مينيون بفضل الطهاة اللبنانيين
بيروت تحتل المركز الأول بطعامها متفوقة على أشهر مدن العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة