النجيفي يتهم الحكومة بالتواطؤ مع الميليشيات لإحداث تغيير ديموغرافي في بغداد

رئيس البرلمان قال إن الهدف هو منع السنة من المشاركة في الانتخابات

أسامة النجيفي
أسامة النجيفي
TT

النجيفي يتهم الحكومة بالتواطؤ مع الميليشيات لإحداث تغيير ديموغرافي في بغداد

أسامة النجيفي
أسامة النجيفي

وجّه رئيس البرلمان العراقي وزعيم ائتلاف متحدون للإصلاح اتهامات خطيرة للحكومة العراقية التي يرأسها زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بتواطؤ أجهزة أمنية مع ميليشيات طائفية في «تنفيذ مخطط خبيث لضرب السنّة» في مناطق حزام بغداد بهدف إبعادهم عن المشاركة في الانتخابات.
وقال النجيفي في بيان إثر لقائه نخبة من الأئمة والخطباء وعلماء الدين إن «ما يحدث اليوم أمر خطير يستوجب الوقوف ضده وتعرية دوافعه، فهناك مخطط خبيث لضرب السنة بهدف إبعادهم عن المشاركة في الانتخابات، فضلا عن الرغبة في تحقيق تغيير ديموغرافي في مناطقهم». وأضاف النجيفي أن «هذا المخطط تنفذه الميليشيات الطائفية، وما يقلق أنها تعمل وتتحرك برعاية ومعرفة بعض أجهزة الأمن التي يفترض أنها تعمل وفق القانون في حماية المواطن مهما كانت قوميته أو طائفته».
وشدد النجيفي على أن «مجلس النواب يمثل إرادة الشعب، وهو من أعطى الشرعية للحكومة ضمن ضوابط أساسها العمل على خدمة المواطن من دون تفرقة أو تمييز، وعندما تحدث التفرقة ويحدث التمييز فإن الشرعية تخدش وتكون محل شك». وكشف عن أن «خريطة بغداد قد تغيرت فهناك مناطق كاملة هجرت، وعندما حصلت التهدئة لم يعد السكان الأصليون إلى بيوتهم وبخاصة من المكون السني»، مشيرا إلى أنه «ليس هناك مشكلة مع المكون الشيعي، لكن لا بد من الوقوف بوجه المجاميع المجرمة التي تحاول تغيير هوية العراق وتستفيد من بعض الأجهزة المخترقة أصلا، وبهذا نخدم العراق بكل طوائفه وأبنائه». وعد النجيفي أن «الطريق الواضح والسليم لتحقيق التغيير يأتي من خلال العملية السياسية والدستور على الرغم من تحفظاتنا عليه، وعن طريق المشاركة الواسعة في الانتخابات وعبرها نعيد الحقوق والتوازن ونحقق المساواة، ومشاركتنا الكثيفة تثبيت للهوية والكرامة»، مشيرا إلى أن «الأساس الذي خرج من أجله المتظاهرون والمعتصمون في المحافظات الست، هو شعورهم بأنهم مستهدفون بسبب هويتهم، وأنهم يريدون المساواة والعدالة والعيش الكريم، ويؤكدون على التوازن المختل في الأجهزة الأمنية، والتجارة، والصناعة، والفرص، ويعرفون أن استهدافهم يجري وفق هويتهم». وتابع النجيفي أن «العراق شهد عبر تاريخه الكثير من الحروب والغزوات والاحتلال العسكري، وقد حاول الغزاة إثارة النعرات الطائفية، والاعتداء على الرموز والمقدسات التي يحترمها أبناء شعبنا، وعلى مر التاريخ كانت بغداد تنتصر لتعيد مجدها ورسالتها».
من جهته، قال عصام العبيدي، القيادي في كتلة «متحدون» والمرشح للانتخابات المقبلة عن منطقة المدائن التي هي إحدى مناطق حزام بغداد، إن «الظاهرة التي تحدث عنها زعيم الائتلاف ورئيس البرلمان السيد النجيفي ليست جديدة في واقع الحال، لكنها ازدادت خلال الفترة الأخيرة بالتزامن مع العد التنازلي للانتخابات». وأضاف العبيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الجهات الحكومية والميليشياوية تعرف جيدا أن جمهور كتلة متحدون الانتخابي يتمركز في مناطق حزام بغداد وأطرافها ولذلك فإنها بدأت حملتها باستهداف أبناء هذه المناطق بطرق وأساليب مختلفة من أجل التأثير عليها بهدف منعها أو الضغط عليها خلال الانتخابات». وأضاف أن «وسائل إعلام الحكومة أو التابعة لها بدأت قبل فترة بتسريب أخبار مفادها أن مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بدأوا بالانتشار في مناطق حزام بغداد، وذلك من أجل تبرير القيام بعمليات ضد أبناء العرب السنة وتبرير سلوك الميليشيات»، مشيرا إلى أن «ذلك يحقق لهذه الأطراف الحكومية والميليشياوية هدفين، الأول هو محاولة الهروب من الفشل المدوي للأجهزة الأمنية والعسكرية في حسم معارك الأنبار على الرغم من استمرارها لعدة شهور ضد نحو 40 داعشيا مثلما اعترفت الحكومة نفسها وعلى لسان رئيسها في اجتماع رسمي، والهدف الثاني هو تحقيق أهداف انتخابية معروفة بعزل أبناء هذه المناطق أو التضييق عليهم»، عادا أن «هذا ليس سلوك دولة تريد إقامة القانون بل هو سلوك سلطوي لأنه في حال لم تكن الحكومة هي من ترعى الميليشيات فإنها غير قادرة على وقفها عند حدها، والنتيجة واحدة وهي فشلها في ضبط الأمن والاستقرار في البلاد».
على صعيد متصل، قال رئيس رابطة شيوخ حزام بغداد، إياد الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الظاهرة التي تحدث عنها رئيس البرلمان ليست بالخطورة التي تحدث عنها بل هي حالات محدودة ويمكن أن تحصل في كل المناطق من قبل الميليشيات المحسوبة على الطرفين والتي تحاول استغلال أي فراغ أمني في أي منطقة سواء كانت سنية أو شيعية، وهو ما حصل في مناطق أخرى مثل ديالى وشمال بابل». وأضاف الجبوري أن «عمليات الاعتقال التي تمارسها الأجهزة الأمنية تجري بناء على مذكرات قبض أصولية وغالبا ما نتدخل نحن كشيوخ عشائر من أجل معرفة الأسباب والدوافع لغرض تخفيف الضرر قدر الإمكان»، عادا أن «هناك مبالغة واضحة في ما تطرق إليه النجيفي، وهذه التصريحات نعدها جزءا من السجال الانتخابي الذي يحتدم الآن بين كل الأطراف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».