بعد مسلسل التفجيرات الذي تعانيه إسطنبول حاليا، يبدو أن الأجانب قرروا الابتعاد عن الوجهة الأولى للسياحة في تركيا، فالهدوء غير المعتاد في مطلع الصيف يعم المدينة؛ حيث يعاني العاملون في هذا القطاع صعوبات.
وقد جذب سحر أكبر مدينة في تركيا على مدى قرون مسافرين أبهرتهم قصورها ومساجدها، والمناظر الخلابة على مضيق البوسفور والقرن الذهبي.
لكن بالنسبة إلى العاملين في قطاع السياحة، فإن التفجيرات الانتحارية التي هزت المدينة أخيرا تعتبر مؤشرا إلى موت هذه الصناعة التي تعاني بالفعل سلسلة هجمات تشهدها تركيا منذ بداية العام الحالي.
وقال المرشد السياحي التركي أورهان سونمز: «إنها كارثة»، بينما كان يعرض على المارة زيارة يكون دليلها إلى آيا صوفيا التي كانت كنيسة قبل تحويلها إلى مسجد ومن ثم إلى متحف.
وأضاف: «عملت طوال حياتي مرشدا سياحيا، ومعظمنا يتساءل الآن ما إذا كنا سنستمر، إنها مأساة».
كما أن المطاعم فارغة في منطقة السلطان أحمد السياحية في حين تعرض فنادق الخمس نجوم غرفا بأسعار متدنية.
في أوقات أفضل، كان ينبغي أحيانا الوقوف في طابور لأكثر من ساعة قبل الدخول إلى آيا صوفيا، أما اليوم، فيكفي شراء بطاقة للاستمتاع بروعة المكان، مع عدد قليل من السياح.
إلى ذلك، غادر كثير من سكان إسطنبول المدينة بمناسبة عيد الفطر، وهو عطلة وطنية تستمر تسعة أيام بدأت السبت، ما ساهم في إفراغها.
وتحذر الولايات المتحدة وألمانيا خصوصا مواطنيها من التهديدات التي تتعرض لها تركيا، لكن السياح الذين وصلوا حديثا إلى إسطنبول يؤمنون بالقضاء والقدر في الوقت الذي أصبح فيه التهديد الجهادي يشمل العالم.
وقالت نيسا فيهان من آيرلندا إنها تقوم بزيارة إسطنبول؛ لأن الهجمات «يمكن أن تحدث في أي مدينة. إنها مثل سحب ورقة يانصيب خاسرة. الناس ودودون للغاية هنا، أعتقد أنني سأعود لقضاء مزيد من الوقت».
وفي مايو (أيار)، أعلنت تركيا أكبر انخفاض في عدد الوافدين خلال 22 عاما، مع تراجع نسبته 35 في المائة في عدد السياح الأجانب بـ2.5 مليون زائر.
وسبب هذا التراجع جزئيا يعود إلى الانخفاض الكبير في عدد السياح الروس نتيجة خلاف دبلوماسي بين أنقرة وموسكو التي حظرت على منظمي الرحلات السياحية الروسية السفر إلى تركيا.
لكن تم رفع الحظر الأسبوع الماضي، ولقي ذلك ترحيبا واسعا من قطاع السياحة في المقاطعة الساحلية أنطاليا (جنوب)، حيث يتدفق الروس تقليديا للتمتع بالشواطئ الرملية.
ويشكل قرار روسيا خبرا سارا بالنسبة إلى تركيا، لكنه يفيد قليلا إسطنبول، فالروس يختارون عموما قضاء عطلات على حافة البحر.
من جهته، قال إسماعيل جلبي بينما كان يتسلى بسبحة في محله للمجوهرات: «إذا استمر هذا الوضع، فإن كثيرا من المتاجر ستغلق أبوابها».
وأضاف أن وفود السياح الصينيين الذين يستمرون في الوصول هي بصيص الأمل الوحيد في هذا الأفق المظلم، مشيرا إلى أنهم ينفقون «المال بجنون».
لكن استدرك قائلا: «هذا لا يكفي، نحن بحاجة إلى الأميركيين والأوروبيين».
ويبعد محله للمجوهرات أمتارا قليلة من مكان الهجوم الذي قتل فيه 12 ألمانيا قبل ستة أشهر، وتابع جلبي أنه لا يلوم السياح الذين هجروا المكان. وختم قائلا: «حتى أنا أخاف أن أعمل هنا».
وتبقى هناك شريحة لا بأس بها من السياح الذين لا يأبهون لتحذيرات حكوماتهم، بل إنهم يغتنمون فرصة تدني الأسعار في أماكن غير آمنة، مثل إسطنبول حاليا فيستفيدون من تدني الأسعار في الفنادق ويستفيدون أيضا من زيارة أهم وأشهر المعالم السياحية دون الحاجة إلى الوقوف تحت أشعة الشمس لساعات طويلة في طوابير لا تنتهي، وهذه النسبة من السياح تعرف من أين تؤكل الكتف، وغالبا ما تراهم يسافرون إلى الأماكن التي تعرضت لهجوم، مثل تونس ومصر وغيرها من البلدان غير المستقرة أمنيا.
وقد تكون هذه الفكرة جيدة بالنسبة إلى السائح والسياحة في المدينة المتضررة اقتصاديا، وإلا فسيتسبب الذعر من زيارة تلك الإمكان بشلل تام في القطاع السياحي والاقتصادي.
إسطنبول تعاني سياحيًا.. وبعض الزوار يستفيدون من الأزمة
أسعار الإقامة متدنية ولا حاجة إلى الانتظار في طوابير طويلة
إسطنبول تعاني سياحيًا.. وبعض الزوار يستفيدون من الأزمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة