إصابات واعتقالات في صفوف الفلسطينيين بعد اقتحام مئات المستوطنين باحات الأقصى

الخارجية الفلسطينية تعمل على دعوة الجامعة العربية والتعاون الإسلامي إلى اجتماع طارئ

فلسطينية تمر برفقة ابنتها من أمام جنود الاحتلال الذين يقومون بتأمين دخول اليهود إلى الأقصى (أ.ف.ب)
فلسطينية تمر برفقة ابنتها من أمام جنود الاحتلال الذين يقومون بتأمين دخول اليهود إلى الأقصى (أ.ف.ب)
TT

إصابات واعتقالات في صفوف الفلسطينيين بعد اقتحام مئات المستوطنين باحات الأقصى

فلسطينية تمر برفقة ابنتها من أمام جنود الاحتلال الذين يقومون بتأمين دخول اليهود إلى الأقصى (أ.ف.ب)
فلسطينية تمر برفقة ابنتها من أمام جنود الاحتلال الذين يقومون بتأمين دخول اليهود إلى الأقصى (أ.ف.ب)

أدت عمليات اقتحام المستوطنين باحات الأقصى خلال إحياء ذكرى «خراب الهيكل»، أمس، إلى توتر شديد في القدس الشرقية. فقد حاول المصلون المسلمون التصدي لهذه الاقتحامات، فتدخلت قوات الشرطة الإسرائيلية، واعتقلت العشرات من المسلمين واليهود، وخلفت وراءها 15 مصابا من الفلسطينيين، 3 منهم استدعت إصاباتهم نقلهم إلى المستشفيات.
وكانت قوات كبيرة من الوحدات الخاصة في شرطة الاحتلال الإسرائيلي وحرس الحدود، قد انتشرت في محيط الحرم منذ ساعات الصباح، لكي تسمح لعدد من المستوطنين والسياح الأجانب، بدخول باحات الأقصى. وقد دخل نحو 300 مصل يهودي ضمن مجموعات حتى ساعات الظهر، ولوحظ أن كثيرين منهم أدوا الصلاة اليهودية في المكان، مع العلم بأن ذلك محظور. وقد اعتقلت الشرطة تسعة من هؤلاء المصلين، لكنها لم تستطع السيطرة على الباقين الذين راحوا ينفذون رقصات ويغنون الأناشيد الدينية فضلا عن الصلاة. فتصدى لهم المصلون المسلمون، فهاجمتهم الوحدات الخاصة واعتدت عليهم بالضرب المبرح بالعصي وأعقاب البنادق، واعتقلت الشرطة كثيرين منهم.
كما انتشرت شرطة الاحتلال وعناصر الوحدات الخاصة، والعشرات من الجنود عند بوابات الأقصى، ومنعوا دخول المصلين وحاولوا الاعتداء على عدد منهم، في الوقت الذي أمنوا فيه دخول المستوطنين والسياح الأجانب.
وقال مدير المسجد الأقصى، عمر الكسواني، إن «عمليات الاقتحام التي تمت أمس، جرى التخطيط لها قبل خمسة أيام، وهي عمليات اقتحام متكاملة، وليس كما تدعي سلطات الاحتلال، بأنها زيارة عادية للمستوطنين والسياح الأجانب، كونها تضم شعائر وطقوسا دينية يهودية، وفيها استفزاز كبير لمشاعر المسلمين والمصلين. وقد جرت عمليات الاقتحام بتهديد السلاح، وهدفها تغيير الواقع والسماح لغير المسلمين بالتصرف بالمسجد الأقصى والتحكم فيه». واستنكر مدير الأقصى، عمليات الاقتحام، واصفًا إياها بـ«الخطيرة» ومحملاً شرطة الاحتلال تداعياتها والمسؤوليات المترتبة عليها.
من جانبها، حذرت الحكومة الفلسطينية، من تبعات استمرار عدوان الجماعات الاستيطانية على المسجد الأقصى المبارك، الذي يتم تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي. وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة، يوسف المحمود، في تصريح له إن «الحكومة الإسرائيلية تعلم علم اليقين أن العدوان على المسجد الأقصى المبارك هو عدوان على أقدس مقدسات المسلمين، وبالتالي يشكل عدوانا على الأمتين العربية والإسلامية، وعدوانا صارخا على الروح الدينية والوطنية لأبناء شعبنا الفلسطيني كافة، وأن من شأن ذلك أن يدفع إلى مزيد من التوتر ليس في فلسطين فحسب بل في إرجاء المنطقة كافة».
وجدد المحمود، مطالبة المجتمع الدولي والمؤسسات العالمية ذات الصلة، بسرعة التدخل للجم هذا العدوان على مدينة القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية الذي تغذيه وتشرف عليه الحكومة الإسرائيلية.
أكدت وزارة الخارجية، أن ما تواجهه القدس المحتلة هو إعادة احتلال بالقوة للمسجد الأقصى المبارك كما حدث في عالم 1967. ليس فقط ببعده العسكري، إنما التهويدي أيضا، الأمر الذي يستدعي وأكثر من أي وقت مضى، صحوة عربية وإسلامية حقيقية تؤدي إلى مواقف عملية، من شأنها حماية المقدسات والمسجد الأقصى المبارك من تغول المستوطنين المتطرفين، وعمليات تقسيمه زمانيا ومكانيا وتهويده.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان لها، إنها ستستكمل الجهود اللازمة للدعوة إلى اجتماع طارئ للجامعة العربية، ولمنظمة التعاون الإسلامي على مستوى المندوبين، لتدارس التصعيد الإسرائيلي الخطير ضد المسجد الأقصى المبارك، لاتخاذ المواقف الكفيلة بمواجهته، وللتأكيد على أن عدم اتخاذ مثل تلك المواقف سيؤدي إلى استمرار دولة الاحتلال ومؤسساتها وأجهزتها في عمليات تهويد المسجد الأقصى المبارك وتقسيمه: «فلا يجوز الاكتفاء بترك مواجهة تلك الإجراءات والمخاطر على المواطنين المقدسيين، المرابطين في القدس وبلدتها القديمة، الذين يدافعون بأجسادهم وإمكانياتهم المتواضعة عن القدس والمقدسات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».