واصلت ميليشيات الانقلاب (الحوثي - صالح)، أمس، تحديها للمجتمع الدولي وتكريس انقلابها، عبر السيطرة على المؤسسة التشريعية من خلال عقد جلسة صورية لمجلس النواب بمن حضر من النواب، في مخالفة صريحة للدستور اليمني وللمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، التي تعد إعلانا دستوريا عمل على ترتيب وضع البيت اليمني خلال المرحلة الانتقالية قبل الانقلاب على الشرعية.
وعقدت جلسة البرلمان اليمني بالحاضرين من النواب، وسط غياب واضح لمعظم أعضاء مجلس النواب، البالغ عددهم 301 عضو، وبين النواب المتغيبين، أعضاء يمثلون حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه المخلوع علي عبد الله صالح، وبحسب مصادر في صنعاء، فلم يتجاوز عدد الحضور 90 نائبا، في وقت كشفت فيه مصادر محلية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن ضغوط مورست على معظم النواب الذين شاركوا في جلسة الأمس، بينها محاصرة منازل البعض منهم واقتيادهم بالقوة المسلحة إلى مبنى البرلمان، الذي شهد بدوره حضورا مسلحا مكثفا لعناصر الميليشيات، بلغ حد دخول المسلحين إلى قاعة البرلمان، وهي مسألة تعد سابقة في تاريخ البرلمانات.
وفي جلسة، وصفت بغير القانونية وغير الدستورية، شرع الانقلابيون والنواب الموالون لهم لما سمي المجلس السياسي الأعلى لإدارة البلاد، وهو مؤسسة انقلابية أعلن عنها الانقلابيون في 28 يوليو (تموز) الماضي، وأعلنوا تشكيلتها الأسبوع الماضي، وقد مثل ذلك أحد الأسباب الرئيسية لفشل مشاورات السلام اليمنية - اليمنية التي كانت ترعاها الأمم المتحدة في دولة الكويت. وقد تمت عملية الشرعنة للمجلس الانقلابي، في جلسة سريعة وخاطفة، تعد الأقصر في تاريخ المجلس، تحدث فيها رئيس المجلس يحيى الراعي، واعتبر الحضور موافقا على المجلس السياسي ومقرا له، رغم عدم طرح أي موضوع للنقاش أو التصويت، في حين قدر عدد الحاضرين ما بين 70 و90 نائبا، بعيدا عن كون جلسات البرلمان وقراراته لم تعد تخضع لمسألة النصاب من عدمه.
من جهتها، قالت الدكتورة نهال عولقي، وزير الشؤون القانونية اليمنية، إن الجلسة التي عقدت، أمس، في صنعاء لمجلس النواب «من الناحية القانونية تعد باطلة، لأنها خارج إطار المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية التي حلت محل الترتيبات الدستورية والقانونية القائمة، وبالتالي قيدت دستور الجمهورية اليمنية، وجمدت معظم مواده وأحكامه، وأصبحت المبادرة باتفاق جميع القوى السياسية الموقعة عليها وتأييد الإقليم والمجتمع الدولي من خلال قرارات مجلس الأمن أصبحت هي الوثيقة الدستورية الأسمى الحاكمة خلال الفترة الانتقالية».
وأضافت الوزيرة عولقي، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الجلسة «تأتي في إطار بحث ميليشيات الحوثي وصالح عن جهة تمنح لهم الشرعية التي يفتقدونها»، خصوصا «بعد أن فشلوا في مشاورات الكويت في الحصول على ذلك من خلال ما كانوا يطالبون به طوال فترة المشاورات، وهو تشكيل حكومة توافق شراكة بيننا وبينهم قبل البدء في الحديث عن أي انسحابات أو تسليم سلاح للدولة وإنهاء كل مظاهر الانقلاب وإزالة كل آثاره عسكريا وأمنيا وإداريا واقتصاديا».
وأكدت الوزيرة اليمنية أنه و«بحسب المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية، لا سيما الفقرتين 8 و9 من الآلية، أصبح مجلس النواب بمثابة مجلس وطني يقر التشريعات والقوانين التي من شأنها أن تنفذ كل متطلبات وضمانات المرحلة الانتقالية، سواء في الجانب العسكري من إعادة هيكلة الجيش والأمن أو في جانب إقرار الدستور الجديد وقانون الأقاليم وقانون الانتخابات العامة، للتمهيد للانتقال إلى الدولة الاتحادية بحسب مخرجات مؤتمر الحوار الوطني»، مشيرة إلى أن البرلمان يضطلع بتلك المهام و«يعمل من خلال آلية التوافق السياسي، بحيث يتطلب توافر التوافق السياسي إزاء أي قرار موضوع مداولة في المجلس وفي حال اعتراض إحدى الكتل البرلمانية على القرار يصبح موضوع خلاف، وبالتالي يتوجب رفعه إلى رئيس الجمهورية الذي يتخذ بشأنه قرارا نهائيا ملزما لجميع الأطراف».
وأشارت وزيرة الشؤون القانونية إلى أن المجلس السياسي، الذي أعلن عنه في بداية الشهر الجاري من قبل قوى الانقلاب «ليس له أي سند دستوري»، واعتبرته «كيانا وجسما غريبا لا تعرفه منظومة الحكم في الجمهورية اليمنية، فدستور الجمهورية اليمنية، خصوصا في المادتين 105 و106 يقضي بأن السلطة التنفيذية يمارسها رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ضمن الحدود التي ينص عليها الدستور، كما أن المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية قضت بأن رئيس الجمهورية (السابق) يقوض صلاحياته في حكم البلاد إلى نائبه (الرئيس الحالي) تقويضا لا رجعة فيه، وبالتالي حافظت المبادرة على شكل نظام الحكم في اليمن وهو نظام شبه رئاسي يتولى إدارة شؤون البلاد في إطاره رئيس جمهورية ومجلس وزراء»، مشددة على أن «كيان ما يسمى المجلس السياسي لا أساس له لا في الدستور اليمني ولا في المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها، وعليه فالدعوة صادرة من جهة غير شرعية، والانعقاد غير شرعي، وكل ما بني على باطل فهو باطل»، كما شددت على أن ما حدث في صنعاء من انعقاد لعدد من أعضاء البرلمان ما هو إلا «محاولة يائسة للبحث عن شرعية وتعزيز سلطة الانقلاب وردود فعل متخبطة إزاء الانتصارات العظيمة التي يحققها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الباسلة في كل الجبهات، وكذا إزاء الموقف الدولي المجمع على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر والداعم لكل الخطوات والإجراءات التي تقوم بها الحكومة الشرعية».
وبنظر كثير من المراقبين في الساحة اليمنية، فقد تحولت جلسة البرلمان إلى «رصاصة طائشة» وجلبة، بعد أن كشفت آخر الأوراق التي كان يراهن عليها المخلوع علي عبد الله صالح، وعمل خلال الأيام الماضية على ممارسة ضغوط وتهديدات على النواب من حزبه وغيرهم للحضور إلى مجلس النواب، رغم أن بعضهم مقعدون بالأمراض في بيوتهم وفي مناطق نائية وجرى إحضارهم فوق كراسي متحركة.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية دانت الإجراءات التي اتخذها الانقلابيون من خلال تشكيل ما سمي المجلس السياسي الأعلى لإدارة البلاد، كما دانت هذه الخطوة بقية الدول الراعية لعملية السلام، إلى جانب إدانة الأمم المتحدة التي ترعى مشاورات السلام بين الأطراف اليمنية المتنازعة.
بجلسة غير قانونية ونصاب ناقص.. الحوثيون وصالح يمررون مجلس الانقلاب برلمانيًا
وزيرة الشؤون القانونية لـ «الشرق الأوسط» : محاولاتهم مكشوفة.. وهدفها الحصول على «شرعية مفقودة»
بجلسة غير قانونية ونصاب ناقص.. الحوثيون وصالح يمررون مجلس الانقلاب برلمانيًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة