موسكو توسع مطار حميميم لتأهيله لاستقبال قاذفات استراتيجية

خبير لـ «الشرق الأوسط»: سيضع {القاعدة} على بنك أهداف «ناتو» في حال نشوب حرب

موسكو توسع مطار حميميم لتأهيله لاستقبال قاذفات استراتيجية
TT

موسكو توسع مطار حميميم لتأهيله لاستقبال قاذفات استراتيجية

موسكو توسع مطار حميميم لتأهيله لاستقبال قاذفات استراتيجية

تتجه روسيا لتطوير مطار حميميم العسكري في سوريا، بما يتيح لها تنفيذ عمليات إقلاع وهبوط لقاذفاتها الاستراتيجية التي تنطلق حاليًا من قواعد جوية داخل الأراضي الروسية، لتنفيذ عمليات قصف ضد أهداف في سوريا، ثم تعود أدراجها إلى روسيا، بحسب ما ذكرت صحيفة «إزفستيا» الروسية. غير أن هذه العملية تترتب عليها مخاطر استراتيجية، ليس أقلها «وضع قائمة حميميم على لائحة بنك أهداف حلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة، في حال اندلاع أي حرب روسية مع (ناتو)»، بحسب ما يقول خبير استراتيجي لـ«الشرق الأوسط». ومن جانب آخر، «تجري عمليات تأهيل سرية في داخل قاعدة حميميم، لا يستطيع السوريون الاطلاع عليها، بموازاة لصق إشارات حمراء على أسوارها شبيهة بالإشارات الحدودية بين الدول»، كما يقول مصدر سوري معارض، «ما يعني أن القاعدة باتت أرضًا روسية».
صحيفة «إزفستيا» كشفت، استنادا لمصادر في وزارة الدفاع الروسية، عن خطط روسية لتوسيع وتطوير مطار حميميم الذي يقوم في ريف محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا، وتحويله إلى قاعدة جوية متكاملة تابعة للقوات الجوية والفضائية الروسية، وتأهيلها لاستقبال قاذفات استراتيجية وطائرات نقل عملاقة. ونقلت الصحيفة الروسية هذه المعلومات، غداة إعلان فرنتس كلينتسيفيتش، النائب الأول لرئيس لجنة شؤون الدفاع والأمن في «مجلس الاتحاد» الروسي أن موسكو تخطط لتحويل المطار، حيث تتمركز طائراتها المستخدمة في توجيه ضربات ضد المتشددين، إلى قاعدة جوية دائمة، مؤكدًا أنه «بعد تحديد وضعها القانوني، ستصبح حميميم قاعدة عسكرية روسية. سنشيد فيها بنية تحتية مناسبة، وسيعيش عسكريونا في ظروف كريمة». ويبدو أن تحويل القاعدة إلى روسية، بدأ العمل به، بحسب ما أكد القيادي في «الجيش السوري الحر» في اللاذقية، العميد أحمد رحال، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك عملية إعادة توسيع للقاعدة الجوية في حميميم، لكننا لا نعرف ماذا يجري في داخلها بالضبط، بالنظر إلى أنه يمنع الاقتراب من أسوارها حتى مسافة كيلومترين». وأشار رحال إلى أن «الخطير في الأمر، أن الروس وضعوا إشارات حمراء شبيهة بتلك التي توضع على الحدود بين الدول، على حدود المطار، ما يعني أنهم باتوا يعتبرونها أرضًا روسية».
رحال ذكّر بأن هذا التصرف «يعيد إلى الأذهان بنود الاتفاقية التي وقعتها السلطات الروسية مع السلطات السورية، وكشفت عنها موسكو قبل أشهر قليلة، وتتحدث عن أنه لا يحق للسلطات السورية محاسبة أو مقاضاة أو ملاحقة أي عنصر من عناصر القاعدة، فضلاً عن بند آخر يتحدث عن أنه لا يحق للسلطات السورية تفتيش أي قطعة بحرية أو جوية تنزل إلى حميميم». ثم أشار إلى أن الروس «يعتبرونها أرضًا روسية قبل هذا الوقت، بدليل زيارة وزير الدفاع الروسي إليها قبل شهرين، حيث دخل من غير أن يرافقه أي مسؤول سوري».
جدير بالذكر أنه قبل التدخل العسكري الروسي في سوريا، كان مطار حميميم مطارًا مدنيًا من الدرجة الثانية، بمدرج واحد قصير، لا يستطيع استقبال الطائرات الكبيرة. ولكن بعد الإعلان الروسي عن الانخراط في العمل العسكري الجوي المباشر في سوريا، طوّر الروس المدرج عبر تطويل مساحته، بغرض استقبال القاذفات والمقاتلات الحديثة، كما استحدثوا مدرجًا آخر، حسب ما يقول معارضون سوريون. ولكن لم يؤكد هؤلاء هبوط أي قاذفة استراتيجية في مطار حميميم، إذ كانت القاذفات من نوع «تو 22» وغيرها: «تنطلق من روسيا لتنفيذ مهامها في سوريا، قبل أن تعود أدراجها إلى روسيا».
في أي حال، فإن تأهيل القاعدة بما يتيح لها استقبال القاذفات الاستراتيجية تترتب عليه تداعيات كبيرة. ويقول الدكتور رياض قهوجي، رئيس مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (أنيغما) معلقًا: «لم يكن متوقعًا أن تنسحب روسيا من قاعدة حميميم أصلاً، التي ستكون قاعدة دائمة في المياه الدافئة مثل قاعدة طرطوس البحرية، غير أن استقدام قاذفات استراتيجية إلى القاعدة يرتبط بهدف أكبر من سوريا»، قبل أن يوضح أن الهدف «مرتبط بتوازن القوى الاستراتيجية بين حلف (ناتو) وأميركا من جهة، وروسيا من جهة أخرى».
وعلى الرغم من أن النائب الأول لرئيس لجنة شؤون الدفاع والأمن في «مجلس الاتحاد» الروسي، أكد لصحيفة «أزفستيا» الروسية أنه «لن تُنشر أسلحة نووية وقاذفات ثقيلة بصورة دائمة» في سوريا، فإن قهوجي رأى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هذا التطور الروسي على مستوى تأهيل قاعدة حميميم لاستقبال القاذفات الاستراتيجية القادرة على حمل أسلحة نووية «يضع الشرق الأوسط في لب الصراع الدولي بشكل مباشر، ما يعني أن النظام السوري استجلب الدب إلى كرمه»، وأردف: «في أي نزاع على مستوى استراتيجي بين روسيا و(ناتو) والولايات المتحدة الأميركية، ستكون حميميم هدفًا أساسيًا لأميركا وعلى لائحة أهدافها الاستراتيجية في أي نزاع مستقبلي، ذلك أن القاذفات الاستراتيجية تحمل أسلحة نووية، وبالتالي، ستكون هدفًا استراتيجيًا أساسيًا عند دخولهم في أي نزاع».
وإذ أشار قهوجي إلى أن «معلوماتي تفيد بأن مطار حميميم في حالته الحالية ليس مؤهلاً لاستقبال طائرات من هذا النوع»، رأى أن موسكو «يبدو أنها ستتخذ القرار بتحويله إلى قاعدة مؤهلة ودائمة». واعتبر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «عاد إلى آلية تفكير الحرب الباردة التي لم يتخلّ عنها أصلاً، وكان يعود لها في لحظات استراتيجية معينة، ويجد نفسه الآن، في ظل ضعف إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمام فرصة سانحة له بالعودة بشكل قوي، وينفذ جميع الخطوات قبل خروج أوباما من السلطة، لأن الإدارة الأميركية المقبلة، سواء كانت من حصة الجمهوريين أو الديمقراطيين، ستكون حكومة يمينية لن تقبل بما تقوم به روسيا، وبالتالي، سيكون أداؤها مختلفًا عن الإدارة الليبرالية التي يترأسها أوباما».
هذا، ويلتقي جميع الخبراء على أن المطارات العسكرية السورية والقواعد الجوية، غير مؤهلة حاليًا لاستقبال قاذفات استراتيجية تحتاج إلى شروط تقنية ولوجستية خاصة. وهذا ما دفع موسكو الخميس الماضي لتطيير قاذفاتها الاستراتيجية من روسيا، حيث أقلعت 6 قاذفات من نوع «تو - 22 إم 3» بعيدة المدى، من مطار في الأراضي الروسية نحو سوريا. وهناك وجهت ضربات مكثفة إلى مواقع «داعش» في جنوب شرقي مدينة الرقة، وفي ريف الرقة الشمالي والشمال الغربي، بحسب ما ذكرت وزارة الدفاع الروسية أمس، قائلة إن القاذفات الروسية شنت ضربات باستخدام قذائف شديدة الانفجار، ودمرت مستودعا كبيرا يحتوي على أسلحة وذخيرة ومحروقات قرب الرقة، ومصنعا لإنتاج الذخيرة الكيميائية في شمال غربي المدينة، وقاعدة كبيرة لتدريب الإرهابيين.
إن تأهيل القاعدة في حميميم، يعتبر جزءًا من مشروع روسي، كشف الجنرال بيتر دينيكين، القائد السابق لسلاح الجو الروسي، عنه ووصفه بأنه واسع النطاق «لإعادة تأهيل مطارات عسكرية روسية بفيتنام وبجزر في المحيط الهادي وبسوريا، لصالح الطيران الحربي الروسي»، وذلك في مقابلة مع وكالة «نوفوستي» الروسية نشرت أمس.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.