إدغاردو باوزا.. مرشح للخروج بالأرجنتين من حالة الفوضى

البعض وصف مدرب المنتخب الجديد بأنه أفضل المرشحين السيئين المتاحين

إدغاردو باوزا وإلى يساره أرماندو بيريز رئيس اتحاد الكرة الأرجنتيني (رويترز)
إدغاردو باوزا وإلى يساره أرماندو بيريز رئيس اتحاد الكرة الأرجنتيني (رويترز)
TT

إدغاردو باوزا.. مرشح للخروج بالأرجنتين من حالة الفوضى

إدغاردو باوزا وإلى يساره أرماندو بيريز رئيس اتحاد الكرة الأرجنتيني (رويترز)
إدغاردو باوزا وإلى يساره أرماندو بيريز رئيس اتحاد الكرة الأرجنتيني (رويترز)

قوبل نبأ تعيين إدغاردو باوزا مدربا للأرجنتين بحالة عامة من اللامبالاة: يميل غالبية الناس إلى اعتباره أفضل المرشحين السيئين المتاحين. وقد لا يكون هذا منصفا تماما بالنسبة إلى رجل فعل خلال السنوات الثماني الماضية شيئين كانا في عداد المستحيلات لوقت طويل - قيادة ناد إكوادوري إلى كوبا ليبرتادورس (بطولة كرة قدم دولية سنوية تقام للأندية في قارة أميركا الجنوبية) وقيادة سان لورينزو الأرجنتيني إلى نفس البطولة - لكن هذه النظرة المستهجنة لاختيار باوزا تنطوي على دلالة كذلك.
ويعود السبب في غياب الاهتمام بتعيين باوزا جزئيا إلى أن هذه الحال ستستمر في كرة القدم الأرجنتينية إلى حين عدول ليونيل ميسي عن قراره اعتزال اللعب الدولي. كما أن غياب الاهتمام بالمدرب الجديد عائد أيضًا إلى حالة الفوضى التي يجد اتحاد كرة القدم الأرجنتيني نفسه فيها هائلة لدرجة أن تغيير المدرب يبدو إجراءً شكليا ليس إلا. وقد تعود حالة اللامبالاة هذه أيضًا إلى الوفرة التي تمتلكها الأرجنتين من المدربين رفيعي الطراز. ربما كان المعين العظيم من المواهب الذي حقق للأرجنتين 5 ألقاب لكأس العالم تحت 20 عاما بين 1995 و2007، قد أوشك على النضوب - إذ يقف ميسي وسيرجيو أغويرو وأنخيل دي ماريا عند نهاية هذا التدفق الكبير من المواهب الكروية، ولكن الأرجنتين لم تشهد من قبل فترة بمثل هذا الثراء في المدربين. كان 5 من بين المنتخبات التي وصلت إلى دور الثمانية في بطولة كوبا أميركا 2015، يقودها مدربون أرجنتينيون؛ وكانوا 6 في نسخة هذا العام. كما أن الطفرة العظيمة في دول أميركا اللاتينية المطلة على المحيط الهادي، قامت على الخبرة الأرجنتينية.
وبالطبع هذا ما يجعل غياب الألقاب الكبرى عن هذا البلد منذ 23 عاما، بعد آخر ألقابهم، مثيرا للسخط إلى هذا الحد. وهذا الغياب مؤلم ليس لأن كرة القدم الأرجنتينية سيئة - فهي لم تدخل في حالة شيخوخة مزعجة كالبرازيل - بل لأنها تمر بفترة جيدة للغاية، والواقع يقول إن الفترات الجيدة لا تدوم إلى الأبد.
وإذا كانت هناك فترة جيدة لإدارة كرة القدم الأرجنتينية، فلقد ذهبت طي النسيان منذ وقت طويل. وسيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يخرج اتحاد الكرة الأرجنتيني نفسه من ظلال رئيسه السابق خوليو غروندونا، الذي وافته المنية بعد وقت قصير على بطولة كأس العالم في 2014، فأعفاه الموت من مواجهة سلسلة من الاتهامات المتعلقة بالفساد. وحتى يوم تشييع جنازته، داهم محققون ماليون مقرات الاتحاد الأرجنتيني. ولم يتم تعيين رئيس دائم لخلافته، وانتهت انتخابات أجريت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بتعادل في الأصوات 38 - 38 رغم حضور 75 وفدا فقط. وتتولى حاليا لجنة لتسيير الأعمال تابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» المسؤولية.
أكد أرماندو بيريز، رئيس هذه اللجنة، على أن باوزا أفضل المرشحين الذين اجتمع بهم المسؤولون، رغم أنه قوض هذا الادعاء عندما نسى اسم باوزا. باوزا ليس مارسيلو بيلسا، الذي ربما لم يكن مرشحا واقعيا أبدا، كما أنه ليس خورخي سامباولي، الذي ربما كان يتم تعيينه لو لم يتعاقد مؤخرا لتدريب إشبيلية الإسباني، لكنه مدرب مخضرم ولديه تاريخ من النجاح. وفي سياق كرة القدم الحديثة، التي تميل فيها اختيارات المدربين على المستوى الدولي إلى أصحاب الأعمار الكبيرة، وغير ذوي الخبرة، والوطنيين، يمكن القول حتى بأن باوزا، وهو في عامه الـ58، يقترب من أوج مسيرته التدريبية، بخلاف كثيرين آخرين.
كما أن باوزا مدرب واقعي، وهو ما يتضح في كرة القدم التي تتسم بالبراغماتية التي تميل الفرق التي يدربها إلى تقديمها، لكنه يتجلى كذلك في استعداده للتصدي لمسألة ميسي. ورغم أن باوزا لم يتحدث إلى ميسي بعد، فإنه قال إنه «متفائل» بشأن فرصه في إقناعه بالعودة. وواصل: «أتمنى أن يساعده الحديث الذي سأجريه معه على الاستمرار في المنتخب الأول. أريد أن أشرح أفكاري لميسي».
من السهل نسبيًا تلخيص هذه الأفكار. عندما كان باوزا لاعبا في صفوف روزاريو سينترال، حيث كان يلقب بـ«إل باتون» (إنسان الغاب)، تأثر بشدة بمدربه كارولوس غريغول، وكان من رواد تحليل المباريات بالفيديو، اشتهر بقبعة «البيريه» التي كان يرتديها واعتياده صفع اللاعبين قبل خروجهم من غرفة تغيير الملابس. كانت متخصصا في إخراج أفضل ما لدى الفرق الصغيرة، حيث بالدوري مع سنترال وفيرو كاريل أويستي. قال باوزا: «أنا ممن يعتقدون بأن الجميع يجب أن يهاجم والجميع يجب أن يدافع. كرة القدم هكذا هذه الأيام. يمكنك أن تدافع في النصف الهجومي إذا كان الضغط متقدما. لكن يكون الأمر أسهل إذا كنت تملك لاعبين من النوعية المتوفرة للمنتخب الأرجنتيني، إذ تكون الخيارات كثيرة».
وقد يشي هذا بالهاجس الأكبر، فباوزا ليس معتادا على توفر الخيارات. وشأن غريغوول، تحققت أعظم ألقابه عندما كان الفوز بالألقاب غير متوقع، وعندما كان اللاعبون مستعدين للالتزام بالنظام - حتى ولو كان فريق سان لورينزو الذي دربه مشهورا بأنه أبطأ قليلا ويلعب كرة تقليدية بصورة أكبر مقارنة بأغلبية الأندية في الأرجنتين بعد عصر بيلسا. قد يدفع باوزا بأن ميسي معتاد، في برشلونة، على غلق المساحات، لكنه لم يعد يقوم بهذا بنفس القوة التي اعتاد بها القيام بذلك، كما الاستماع إلى تعليمات لويس إنريكي في برشلونة شيء، والاقتناع بخطة مدرب أهم إنجازاته التدريبية كانت في سان لورينزو وساو باولو، شيء آخر تمامًا.
غير أنه، وكما أظهرت بطولة «يورو 2016»، فإن الترابط الأساسي مع قليل من المهارات الفنية يمكن أن يجعل فريقًا يقطع شوطا طويلا على المستوى الدولي. ربما لا يكون باوزا أفضل الخيارات من حيث الكاريزما أو الإثارة، لكنه في مواجهة الفوضى الحالية، قد لا يكون الاختيار الخاطئ أيضًا.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».