مجموعة العشرين.. بين التحديات والتطلعات

تعقد مطلع الشهر المقبل في مدينة هانغتشو الصينية

صورة جماعية لعدد من قادة العالم خلال القمة الاقتصادية التي احتضنتها الصين في يوليو الماضي («الشرق الأوسط»)
صورة جماعية لعدد من قادة العالم خلال القمة الاقتصادية التي احتضنتها الصين في يوليو الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

مجموعة العشرين.. بين التحديات والتطلعات

صورة جماعية لعدد من قادة العالم خلال القمة الاقتصادية التي احتضنتها الصين في يوليو الماضي («الشرق الأوسط»)
صورة جماعية لعدد من قادة العالم خلال القمة الاقتصادية التي احتضنتها الصين في يوليو الماضي («الشرق الأوسط»)

تستعد الصين لاستقبال قادة أكبر عشرين دولة في العالم، في قمة (G20) وسط تحديات جمة على المستوى الدولي، أبرزها تباطؤ نمو الاقتصاد في بكين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تراجع أسعار النفط.
وتتهيأ هانغتشو مدينة الشاي، أو كما يحب الصينيون تسميتها «جنة على الأرض»، لاستقبال القمة 11 لمجموعة العشرين مطلع شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، تحت شعار «بناء اقتصاد عالمي إبداعي ونشيط ومترابط وشامل». ومن المقرر أن يشارك قادة أكبر 20 اقتصادا عالميا، على أن تكون السعودية سفير الدول العربية في القمة.
وقال تشاو يي ده، مسؤول مدينة هانغتشو، إن أماكن عقد الاجتماعات وإقامة زعماء العالم جاهزة بالفعل، وأكثر من 600 مشروع مختلف خاص بالبيئة قد تم الانتهاء منها، بما فيها توفير أكثر من 22 ألف سيارة تعمل بالطاقة الجديدة في محاولة للحد من التلوث، كما تم تنفيذ كثير من تدريبات السلامة والأمن.
وتعد قمة هانغتشو أول قمة لمجموعة العشرين تستضيفها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ومن المتوقع أن تتمحور حول مشكلات بارزة وتحديات جوهرية يواجهها الاقتصاد العالمي، كما ستناقش قوة دفع التنمية الاقتصادية، وكذا اتجاه التعاون الاقتصادي على النطاق العالمي، وتحديد خطوات لتطبيق أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.
ويواجه منظمو قمة مجموعة العشرين صعوبات وتحديات بشأن القدرة على التنسيق والتطبيق وقيادة مجموعة العشرين. وقال: «خه يا في» منسق مجموعة العشرين ونائب وزير الخارجية الصيني السابق في حديثه لوكالة الأنباء الصينية حول القمة مؤخرًا، إن مجموعة العشرين تواجه ثلاث تحديات في الوقت الراهن، هم: مشكلة التنسيق، والقدرة على التطبيق والتنفيذ، والقدرة على القيادة، وذلك على خلفية سعي المجموعة إلى تحويل نمطها وإصلاح نظام الحوكمة العالمية، وهذا أمر ليس من السهل تحقيقه؛ لأنه يتطلب إصلاح النظام الدولي المرتبط بتوزيع المصالح الدولية، وذلك يعني الإضرار بالمنافع الموجودة في أيدي الكثير من الدول.
وتتجسد صعوبة التنسيق في ارتفاع التكاليف بسبب عدد الدول المشاركة في الاجتماعات التي تتجاوز 30 دولة، وتحقيق التنسيق يتطلب استضافة أكثر من 60 اجتماعا بخلاف التنسيق الثنائي. كما خلق تنوع مصلحة الدول الأعضاء المشاركة مشكلة في التنسيق، حيث باتت الصين بحاجة إلى تنسيق العلاقات بين مجموعة العشرين والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الأخرى. والتحدي الثالث، يكمن في صعوبة تنسيق آراء مختلف الفرق العاملة في مجالات متسعة وصياغتها في مقترحات موحدة تتعلق بالسياسات في ظل اتساع مجالات مجموعة العشرين.
وتكمن الأسباب الجذرية وراء التحديات التي يواجهها المنظمين بشأن القدرة على التنسيق والتطبيق وقيادة مجموعة العشرين في وجود خلل خطير في الحوكمة الاقتصادية العالمية، وهو ما يشكل تناقضًا جذريًا مع الترابط الاقتصادي المتزايد بين الدول العالم في ظل العولمة الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم توازن القيادة في الحوكمة العالمية يتمثل في سيطرة الدول الغربية، التي لعبت فيها مجموعة السبع دورًا رائدًا، وسيطرتها على إبداء الآراء وصنع القرار وكذا على مزايا مثل تحديد الموضوعات وصياغة القواعد؛ حيث تبرز مشكلة كبيرة تتمثل في كيفية توزيع القيادة في إطار الحوكمة العالمية كلما تشهد القوة الاقتصادية والسياسية الدولية تغييرًا.
ومن الواضح أن الدول المهيمنة غير مستعدة للتنازل لغيرها من دول العالم عن القيادة. كما أن وجود تراكم للآثار السلبية للعولمة في ضوء اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في العالم أسفر عن صعود تيار فكري مناهض للعولمة في الكثير من دول العالم وخاصة في بعض القوى الرئيسية. ويتجسد ذلك التيار في المرشحين لانتخابات الرئاسة الأميركية التي فاز دونالد ترامب فيها بترشيح الحزب الجمهوري، وهو مرشح تعكس تصريحاته الفكر المناهض للعولمة. والشيء نفسه ينطبق على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وسلسلة الأزمات التي تجتاح الاتحاد الأوروبي الآن. وعلاوة على ذلك، قد يتجسد هذا التيار الفكري في شؤون الأحزاب اليمينية واليسارية بمختلف الدول، وهو ما من شأنه تغيير البيئة السياسية ومن بعدها النظام الاجتماعي في نهاية المطاف.
ورغم تلك التحديات، تتضافر جميع الجهود لتحقيق الآمال والتطلعات المتوقعة من القمة 11 لمجموعة العشرين (G20)، حيث يعلق العالم آمالا كبيرة على هذه القمة. ويتوقع المجتمع الدولي أن تقدم الصين حكمتها ونصائحها لمجموعة العشرين في تعزيز التنمية المستدامة وتوسيع التجارة والاستثمارات ودفع الابتكار الاقتصادي وتعميق إصلاح نظام الحوكمة على نطاق العالم. وفي هذا الصدد، قال: «خه»، إن العالم يتطلع إلى أن تتمكن الصين من دفع مجموعة العشرين في قيادة الاقتصاد العالمي للأمام بعد تراجعه لفترة طويلة. وأن تتمكن من تطبيق إجراءات فعلية من شأنها تحويل مجموعة العشرين إلى منصة رئيسية للحوكمة العالمية، وكذا مجموعة ذات قدرة قوية على اتخاذ القرار وتقديم المشورة. ويعتقد «خه» أنه ينبغي للجميع العمل على دفع تحويل مجموعة العشرين بشكل واقعي وباتجاه، إنشاء هيئة الأمانة، وتضييق نطاق الموضوعات، ورفع كفاءة فريق أبحاث القمة وتحسين التنسيق، وتعزيز جوهر القيادة، أي القيام على سبيل المثال بإنشاء آلية قيادة مركزية دائمة. كما يجب تأسيس فريق استجابة للأزمات لعدم التأثير في أعمال مجموعة العشرين واتجاهها الرئيسي. وينبغي مواصلة دفع مجموعة العشرين في إصلاح الحوكمة العالمية.
وأشار «خه» إلى ضرورة أن تدفع الصين من أجل إصلاح الحوكمة العالمية، قائلا: «يمكننا أن نركز العمل في هذا الصدد في ثلاثة جوانب، تحقيق مزيد من تعميق إصلاح صندوق النقد الدولي وتوسيع نطاق تشغيل حقوق السحب الخاصة، وإنشاء آلية استقرار أسعار السلع الأساسية التي ستؤثر أي زعزعة شديدة لها تأثيرًا كبيرًا في الدول المعتمدة على صادرات المواد الخام وكذلك الاقتصاد العالمي على المدى الطويل، وتفادي تجزئة الحوكمة العالمية وتحقيق الدمج بين اتفاقيات مناطق التجارة الحرة القائمة واتفاقيات التعاون الإقليمية المختلفة».
ولكي تلعب الصين دورًا قياديًا يجب أن تبدأ من البرامج الفكرية القائمة، وتحقيق القوة والتسامح والتنمية المستدامة للاقتصاد العالمي من أجل دفع تنميتها في ضوء موضوع القمة، وهذا يتطلب تنسيق سياسة الاقتصاد الكلي والسياسات المالية للاقتصادات الرئيسية. وقال خه: «إننا بحاجة إلى الاهتمام بالعلاقة بين توظيف العمالة والتنمية ولا سيما تشغيل الشباب. فالتنمية الاقتصادية هي الجوهر وتوظيف العمالة هي المفتاح والتنمية هي الهدف الأسمى».
ويعتبر تعزيز الوعي بأهمية التنمية التي رفعتها الأمم المتحدة إلى مستوى عال قضية مهمة أمام مجموعة العشرين؛ حيث إن تحقيق تنمية شاملة للبلدان النامية سيجعل تنمية الاقتصاد العالمي مستدامة، وستتحول معها الحوكمة إلى مجرد حبر على ورق. وعليه، ينبغي للعالم التركيز على قضية التنمية وبذل مزيد من الجهود لمعالجتها.



القطاع الخاص المصري يواصل الانكماش رغم ارتفاعه في أكتوبر

عمليات تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
عمليات تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

القطاع الخاص المصري يواصل الانكماش رغم ارتفاعه في أكتوبر

عمليات تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
عمليات تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

واصل أداء القطاع الخاص غير النفطي في مصر تراجعه في أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في وقت تسببت ضغوط التكلفة المرتفعة في كبح أحجام الطلبيات الجديدة.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز غلوبال»، لمديري المشتريات في مصر إلى 49.0 في أكتوبر من 48.8 في سبتمبر (أيلول)، لكنه يظل أقل من مستوى 50، الفاصل بين النمو والانكماش.

ويسجل المؤشر بذلك انكماشاً للشهر الثاني على التوالي، بسبب انخفاض كل من الإنتاج والطلبيات الجديدة.

وقال ديفيد أوين كبير الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتلجنس»: «ضغوط الأسعار استمرت في منع القطاع من العودة إلى نطاق النمو». وأشار أوين إلى أن قطاع الإنشاءات تأثر بشكل خاص بسبب ارتفاع تكاليف مواد البناء.

ورغم أحوال صعبة متعددة التحديات، ارتفعت مستويات التوظيف للشهر الرابع على التوالي، حيث وصلت وتيرة إتاحة فرص العمل إلى أسرع مستوى منذ مايو (أيار).

كما واصلت الشركات مراكمة مخزونات للاحتفاظ برصيد احتياطي من السلع في ظل مخاوف بشأن التكلفة رغم انخفاض مشتريات مستلزمات الإنتاج الإجمالية لأول مرة في ثلاثة أشهر.

وشكل الطلب على الصادرات نقطة مضيئة، إذ سجلت أوامر التصدير ثالث أعلى قراءة على الإطلاق بدعم من استقرار العملة وأسعار صرف أقل مقابل الدولار.

وبالنظر إلى المستقبل، ظلت ثقة الشركات ضعيفة، حيث توقع أربعة في المائة فقط من المستجيبين ارتفاعاً في نشاط الأعمال على مدى 12 شهراً مقبلة وهو أدنى مستوى للتفاؤل منذ يونيو (حزيران).

وظلت ثقة شركات التصنيع والبناء والجملة والتجزئة إيجابية، لكن شركات الخدمات كانت أكثر تشاؤماً بشأن آفاق المستقبل.