أكد مدير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» فضل عبد الغني لـ«الشرق الأوسط» أن محققي الشبكة «تثبتوا من إلقاء مروحية تابعة للنظام برميلاً متفجرًا يحتوي غازات سامة على حي الزبدية في حلب، ليلة أول من أمس».
في وقت أكد فيه مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي مستورا أن «هناك كثيرًا من الأدلة على استخدام غاز الكلور في حلب، وفي حال التثبت منها ستكون جريمة حرب».
ولقي ثلاثة مدنيين مصرعهم، وأصيب أكثر من نحو عشرين آخرين بحالات اختناق ليل الأربعاء - الخميس، في قصف بغازات سامة يعتقد أنه غاز الكلور، ألقته طائرة مروحية تابعة للنظام على حي الزبدية في مدينة حلب. وقال مصدر طبي في حلب: «إن طائرة مروحية تابعة للنظام ألقت مساء الأربعاء برميلاً يحوي غازًا سامًا على حي الزبدية داخل مدينة حلب، ما أدى إلى مقتل طفل وسيدة وشاب نتيجة اختناقهم لدى استنشاقهم الغاز»، مشيرًا إلى أن «الغاز هو غاز الكلور السام». وأشار إلى أن «نحو عشرين مدنيا آخرين بينهم نساء وأطفال أصيبوا بحالات اختناق، ونقلوا على الفور إلى النقاط الطبية لتلقي الإجراءات الطبية اللازمة».
قصف حي الزبدية بالغازات السامة لم يكن حالة فردية، حيث كشف موقع «الدرر الشامية» الإخباري المعارض، أن طائرات حربية روسية «استهدفت يوم السبت الماضي، حي الراشدين ومحيط بلدة كفرناها غربي حلب ومنطقة الراموسة جنوبي حلب بقنابل فوسفورية»، مؤكدًا أن القصف بالقنابل الفوسفورية «جاء بعد إفشال الثوار محاولة قوات الأسد التقدم على أطراف الراموسة وتلة المحروقات جنوبي حلب؛ الأمر الذي دفع الطائرات الروسية إلى استهداف المنطقة بهذا النوع من القنابل».
قائد عسكري ميداني في الجيش السوري الحر، أوضح أنها «ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الروس والنظام الأسلحة المحرمة دوليًا». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام لم يتوقف عن استخدام غاز الكلور والقنابل الحرارية والعنقودية في حلب وإدلب». وقال: «لمسنا ذلك على الأرض في حلب ونشرناه على مواقع التواصل الاجتماعي، كما لمسناه في سراقب وإدلب ومناطق أخرى». وأشار القائد العسكري إلى أن «كل الأسلحة الفتاكة التي تستخدم ضد الشعب السوري لن تبدل في إرادة الثوار، ولن تثني عزيمتهم عن الاستمرار في ثورتهم إلى حين إسقاط هذا النظام المجرم».
وبالاستناد إلى تجارب النظام السابقة في معارك مماثلة، اعتبر المحلل العسكري السوري عبد الناصر العايد، أن «هذا الأسلوب المجرب هو الأجدى لدى الروس والنظام السوري لإحراز أي تقدم على الأرض»، مذكرًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بـ«سياسة الأرض المحروقة التي سبق واستخدمت في ريف اللاذقية من أجل استعادة السيطرة على مناطق استراتيجية، مثل بلدتي سلمى وكنسبا وغيرهما»، لافتًا إلى أن «النظام تمكن من السيطرة على طريق الكاستيلو بهده الطريقة، وهو بلا شك يعاود اليوم استخدام هذه القنابل في معركة حلب، محاولا الاستفادة من الأسطول الجوي الروسي قدر الإمكان، واستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، لقلب المعادلة على الأرض».
من جهته، أكد مدير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» فضل عبد الغني لـ«الشرق الأوسط» أن محققي الشبكة «تثبتوا من إلقاء مروحية تابعة للنظام برميلاً متفجرًا يحتوي غازات سامة على حي الزبدية في حلب، أدى إلى استشهاد طفلين وامرأة اختناقًا وإصابة آخرين». وقال: «إن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل النظام، يعد جريمة حرب، وانتهاكًا فاضحًا لقرار مجلس الأمن الدولي 2118 الصادر في 27 سبتمبر (أيلول) 2013، الذي يتضمن بندًا ينص على أن استخدام الأسلحة الكيميائية مرة أخرى، يستوجب تدخل الأمم المتحدة تحت الفصل السابع»، لافتًا إلى أن النظام «خرق هذا القرار 160 مرة، ولدينا تقارير موثقة عن هذه الانتهاكات».
وفي التداعيات القانونية لاستخدام هذه الأسلحة، اعتبر مدير الشبكة السورية أن «مضي نظام الأسد في استخدام الغازات السامة، يشكّل إهانة للأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن والقانون الدولي الإنساني»، لافتًا إلى أن «هذه القنابل استخدمت في سراقب وفي إدلب أيضًا، ونحن نشرنا هذه الوقائع، وأرسلناه إلى بعثة دي مستورا». ودعا عبد الغني المبعوث الأممي إلى «التحرك ورفع تقرير إلى مجلس الأمن حول جرائم الحرب التي يتمادى نظام الأسد في ارتكابها».
ولا يبدو أن نظام الأسد وحلفاءه بوارد أي مغامرة بريّة، ما لم يتمكَّن من خلق وقائع جديد عبر الصواريخ الفوسفورية والقنابل الحرارية وحتى الغازات السامة، وهذا ما أشار إليه العايد الذي رأى أن «المدرسة العسكرية الروسية معروفة، فهي اعتادت تقسيم أي منطقة إلى مربعات، ومن ثم تبدأ بإحراقها الواحدة تلوى الأخرى، هذا التكتيك استخدموه في الشيشان وفي غروزني، فالروس تاريخيا لا يتورعون عن إحراق موجات بشرية منذ الحرب العالمية الثانية»، لكنه شكك في نجاح هذه السياسية في حلب. وسأل: «هل ينتظرهم الثوار ليمكنوهم من هذا العمل؟ أم أنهم يتجهون إلى فتح جبهات أخرى تكون أكثر إيلامًا للنظام وحلفائه؟».
وعن الأسباب التي دفعت قوات الأسد لاستخدام غاز الكلور والقنابل الحرارية والفوسفورية في أحياء المعارضة، من غير رميها في مناطق الالتحام العسكري المباشر في المعارك الأخيرة في الراموسة، أوضح المحلل العسكري السوري عبد الناصر العايد أن الاشتباكات وعمليات الالتحام كانت تحول دون استخدام الطيران بشكل فاعل، أما الآن فيحاول إحداث خرق، مستخدمًا سياسة الأرض المحروقة، «لكنني أشك في نجاح هذا الأسلوب؛ لأن حلب مختلفة عن المناطق الأخرى التي استخدمت فيها مثل هذه الأسلحة».
وأضاف العايد: «لا أعرف إلى أي حد يستطيع النظام مواصلة سياسة الأرض المحروقة، والسؤال هل يستطيع الروس مجاراته بهذه الطريقة؟ الأمر غير واضح حتى الآن، لكن حكمًا هذا الأسلوب الذي يتبعه النظام لن يحقق أهدافه»، معتبرًا أن «كل ما يحكى عن استقدام مقاتلين من العراق ومن (حزب الله) غير مفيد».
الروس والنظام يستخدمان القنابل المحرَّمة دوليًا لتغيير وقائع معركة حلب
3 قتلى بقصف حي الزبدية بغاز الكلور.. والمعارضة تدعو الأمم المتحدة إلى التحرك
الروس والنظام يستخدمان القنابل المحرَّمة دوليًا لتغيير وقائع معركة حلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة